هيا دويدري... رحلة فتاة سورية مع الطموح في هولندا

28 أكتوبر 2016
هيا دويدري... نموذج عربي في المهجر(العربي الجديد)
+ الخط -
هيا دويدري، فتاة سورية، بدأت رحلتها مع الهجرة والبحث العلمي، حين تلقت خبر قبولها في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأميركية، قبل 6 أعوام، لتتنقل من بلد إلى آخر، ثم تستقر في هولندا، حيث تعمل اليوم في شركة "شل" ضمن فريق عمل يدير العلاقات الحكومية للشركة.

تقول هي لـ"العربي الجديد": "قررت أخيراً أن أتبع شغفي القديم وأن أسافر لمتابعة دراستي في الولايات المتحدة سنة 2010. وكانت سنة انتقالي من مصر إلى الولايات المتحدة هي سنة بداية الثورة المصرية، في 2011، وكان البديل في حينه العودة إلى سورية، ومن ثم جاءت الثورة في سورية أيضاً لتغيّر مسار حياتي، كما غيّرت حياة السوريين".

عربي في جامعة بورنموث

أخذت رحلة البحث العلمي هيا دويدري "من دراسة الأعمال في سورية إلى تخصص في المجال، على أمل تطوير وبناء سورية الجديدة المنفتحة على العالم"، نحو عالم آخر في وقت كانت تحلم بالتخصص في عالم المال والبنوك. كانت رغبة الشابة هيا أن تدرس "السياسات الاقتصادية"، لكنه تخصص "لم يكن موجودا في الجامعات السورية"، تشرح لـ"العربي الجديد"، ما دفعها للهجرة.

اضطرت هيا دويدري للهجرة، تقول: "لم تخب رغبتي في دراسة السياسات أبداً، وبدأت بالبحث عن الجامعات الدولية التي تدرس هذا التخصص، فوجدت من خلال بحثي أن جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة تحتل الترتيب الأول في العالم في تخصص العلاقات الدولية.

وبدأ اهتمامي بالتزايد للدراسة في هذه الجامعة، لكن أيضاً من خلال بحثي اكتشفت أن القبول صعب في جامعة كولومبيا ويتطلب إنجازات مميزة للطالب أو الطالبة حتى يتم القبول به هناك للدراسة. فهناك الآلاف من الطلاب الذين يقدمون سنوياً طلبات للجامعة، وكوني سورية الجنسية فقط لم يكن بالشيء المميز. فقررت أن أجتهد في دراستي وأحرز علامات عالية وحتى الحصول على درجة التميُّز، ليكون طلبي ناجحاً. فالعلامات العالية هي من أهم عناصر القبول في جامعة كولومبيا".

الانتقال من سورية للدراسة في أميركا لم يكن سهلاً أبداً، ففي جامعة كولومبيا الدراسة مكلفة جداً. تقول هيا عن تلك المرحلة: "أهلي كانوا يشجعونني أيضاً، لكن فكرة الدراسة في الولايات المتحدة نفسها كانت كالحلم صعب التحقيق في حينه. إذ لم يكن هناك عدد كبير من الطلاب العرب المقبولين في جامعة كولومبيا. وفي تخصصي بالذات كانت آخر تجربة لطالبة عربية سورية فيه قبل 15 عاماً من سنة قبولي".

نجحت هيا بالحصول على فرصة عمل في شركة "شل" في سورية سنة 2008، حيث "بدأت العمل مع الشركة في سورية ومن ثم أرسلوني في فرصة عمل كخبيرة أجنبية إلى مصر في سنة 2009، الأمر الذي سمح لي أن أبني خبرة جيدة في هذا المجال. أيضاً كانت مرحلة جديدة بالنسبة لي للاستقلال والعيش لوحدي، في شقتي الخاصة في مصر، كنت أريد أيضاً أن أثبت لنفسي أنني أستطيع العيش لوحدي دون الاعتماد على أحد. فكما تعلمون أنه في الثقافة العربية الفتاة دائماً تعتمد على أهلها ومن ثم على زوجها، أي أنك دائماً تعتمدين على شخص آخر في كل أمور حياتك، وأنا حقيقة أردت أن أخوض التجربة بالاعتماد على الذات وكان عمري في حينها 23 سنة فقط، فكنت جداً سعيدة بذلك".

مهندس سوري يترك "الميكانيكا" ويفتح مطعماً في البرازيل

تصل شابة في مقتبل العمر إلى بلد غريب عنها ولكنها اتبعت شغفها للنجاح، إذ تقول: "وصلت إلى نيويورك ولم تكن لديّ أدنى فكرة عن المدينة والحياة الجديدة هناك، بدأت بالبحث عن بيت جديد وكانت تجربة مختلفة تماماً. كان أيضاً نمط الدراسة في أميركا يختلف عن سورية، فمثلاً في الجامعات السورية لسنا معتادين على أسلوب كتابة المقالات، وليس هناك مجال للإبداع أبداً في الدراسة، فكان يجب عليّ الاندماج والنجاح في الأسلوب الجديد للدراسة على مستوى نجاحي نفسه في سورية. وتمكنت من دراسة تخصص حل النزاعات الدولية وسياسات الطاقة، وهي مواضيع مهمة لطالبة قادمة من منطقة مليئة بالنزاعات، فبلادنا أيضاً غنية بالطاقة وشغفي القديم هو الربط بين سياسات النفط والطاقة والتنمية الاقتصادية في الوطن العربي".

كانت التجربة في الولايات المتحدة ناجحة، حيث يعيش في نيويورك العديد من المغتربين من جنسيات مختلفة، ولعل من أهم الأمور التي ساعدتها على الاندماج هي معرفتها بالعديد من اللغات، الإسبانية والفرنسية والإنكليزية والبرتغالية والهولندية، بالإضافة للصينية والروسية.
أما عن انتقالها إلى هولندا، فتقول هيا لـ"العربي الجديد": "هجرتي إلى هولندا في شهر يناير/ كانون الثاني من سنة 2013، كانت بسبب بحثي عن فرصة عمل دائمة وشركة ترعى إقامتي، وهو الشيء الذي وفرته لي شركة شل في هولندا، ضمن فريق عمل يدير العلاقات الحكومية للشركة. لقد كونت سابقا خبرة عمل لا بأس بها من خلال عملي باستشارات مختلفة لفترات قصيرة في الكونغو ونيجيريا، وعملت أيضاً مع منظمة الأمم المتحدة، ما هيأني للقبول في فرصة العمل الجديدة هذه".

"هبة السكاكين" تكشف عري الإعلام الأميركي

من أبرز التحديات التي واجهت هيا في حياتها الجديدة في هولندا، الاندماج في المجتمع الهولندي المختلف تماماً عن المجتمع السوري، الأمر الذي لم يكن يشكل مشكلة بالنسبة لها في حياتها السابقة في أميركا، على حد قولها، "في أميركا الاندماج في المجتمع أسهل، والحياة الاجتماعية أسهل، في نيويورك لا يوجد غرباء، فالكل غريب في المدينة، فلم تكن لدي مشكلة انتماء كالتي أواجهها هنا في هولندا. وأنا كفتاة سورية فقدت بلدي وكنت أبحث عن مكان جديد أنتمي إليه، لكن هولندا ليست بلدا سهلا لتحقيق ذلك، فمثلاً في بداية إقامتي هنا لم أكن أتحدث اللغة، فلم يكن من السهل علي التفاعل مع المجتمع الهولندي. وعملي كان يعتمد على السفر المتكرر إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية، فلم أكن أمضي الوقت الكافي في البلد ربما لأستطيع الاندماج. كما أن التطور الوظيفي في هولندا أصعب من أميركا، فهي دولة تعتمد على الهيكلية والأقدمية في العمل".

المساهمون