الطائرة المصرية المنكوبة..تفكيك غموض الحادث رقم 23 لـ"إيرباص 320"

تحقيق

صالح إبراهيم وألفة بن صالح

avata
صالح إبراهيم وألفة بن صالح
12 يونيو 2016
BBA34890-4535-47BB-8847-D44312ACDE1F
+ الخط -
حتى اللحظة لا يصدق طاقم الطائرة المصرية بوينج 800 - B737، أنهم على قيد الحياة، إذ كان من المفترض أن تتم الرحلة MS804 التي سقطت في مياه البحر المتوسط، بواسطة طائرتهم، بدلا من طائرة الإيرباص 320 المنكوبة، والتي تم تغييرها على جدول رحلات شركة مصر للطيران الاعتيادي، في الثامن عشر من مايو/أيار الماضي، وعلى الرغم من أن البوينج 800 - B737 هي الطراز المعتاد لرحلة باريس الإضافية المسائية؛ والتي تقلع من مطار القاهرة باتجاه مطار شارل ديغول إلا أن طراز الطائرة تم استبداله في اللحظات الأخيرة، ما جعل طاقم الرحلة الأصلية ينجو من مصير طائرة الإيرباص، فما الذي حدث؟

تغيير مفاجئ

تتبعت "العربي الجديد" مسار الطائرة المنكوبة، وعبر مصادر مطلعة في شركة مصر للطيران تعمل في مجالات الطيران والتدريب، وعلى صلة بالكابتن محمد سعيد شقير قائد الطائرة المنكوبة، توصلت إلى أن طراز الطائرة تم استبداله في اللحظات الأخيرة وبدلا من طائرة البوينج 800 - B737 فقد تم تغيير طراز الطائرة إلى الإيرباص A320، بحسب تأكيد المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها لحساسية وضعها، وأرجعت المصادر التغيير المفاجئ إلى قرار من إدارة عمليات الرحلات بالشركة، موضحة أن إدارة العمليات اعتمدت في قرارها على أن عدد ركاب رحلة باريس، لا يزيد عن 56 راكبا، وهو ما دفع الشركة لاستبدال طائرة البوينج والتي تحمل قرابة 215 راكبا بأخرى ذات حمولة أقل في محاولة لتوفير نفقات التشغيل.

من أجل توثيق ما أدلت به مصادر مصر للطيران، تتبعت "العربي الجديد"، مسار الرحلة عبر موقع "فلايت أوير" المتخصص في متابعة رحلات الطيران التجاري حول العالم، وبحسب بيانات الموقع فقد جاء بوينج 800 - B737 على أنه طراز الرحلة المعتاد على جدول رحلات مصر للطيران إلى باريس رقم MS804.


حقيقة الهبوط الاضطراري

أثناء إجراء البحث حول ما جرى لرحلة مصر للطيران المنكوبة، وثق معد التحقيق تعرض ذات الطراز لـ 23 حادثة منها 14 وقعت بسبب أعطال فنية وحوادث أخرى بسبب أخطاء بشرية أو عوامل خارجية مثل الاصطدام بسرب من الطيور، وعلى الرغم من أن تلك الطائرة كانت تمثل ثورة في عالم الطيران عند إنتاجها في نهاية الثمانينيات لسهولة قيادتها عن طريق (joy stick) شبيهة بعصا ألعاب الڤيديو، إلا أن أول حوادث هذا الطراز كانت مع أول رحلة تجريبية رقم 296، والتي جرت في 26 يونيو/حزيران من العام 1988، والمفارقة أنها كانت لصالح شركة إير فرانس، وتلا تلك الرحلة المنكوبة عدة حوادث في مختلف أنحاء العالم، أحدثها ما وقع لطائرة مصر للطيران، التي عمدت وسائل الإعلام الفرنسية إلى ترويج خبر مفاده أن الطائرة قامت بالهبوط الاضطراري 3 مرات في اليوم الذي سبق الرحلة.

تتبع معد التحقيق ما نشر في وسائل الإعلام الفرنسية وتوصل إلى أن مصدر الخبر كان قناة فرانس 3 الممولة حكوميا، ثم نقلته عنها صحيفتا اللوموند والفيغارو إلى أن وصل إلى جريدة الديلي تليغراف التي انتشر منها عالميا.

عبر تتبع المعلومات الواردة في الخبر، حول هبوط الطائرة اضطراريا في تونس، تواصلت "العربي الجديد" مع المكلف بالإعلام بوزارة النقل التونسية غسان العوجي؛ والذي نفى ما راج حول عملية "هبوط اضطراري" للطائرة المصرية المنكوبة في مطار تونس قرطاج الدولي، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن الحرب الإعلامية التي تقودها بعض وسائل الإعلام الأجنبية تحاول إلقاء المسؤولية على أي بلد حطت خلاله الطائرة من باب تحميلها المسؤولية.
وتابع "الطائرة حطت بشكل عادي في مطار تونس قرطاج للتزود بالوقود والقيام بإجراءات الـ Pre flight check up وقد استغرقت العملية نحو ساعتين وجرت بشكل طبيعي ومن دون حدوث أي مشاكل تقنية".

بدوره أكد مدير الاتصال في الديوان التونسي للطيران المدني والمطارات سامي ثابت، أن الطائرة المصرية المنكوبة حطت بشكل عادي كما كان مبرمجا لها في مطار تونس قرطاج الدولي، ويتطابق حديث مصدري "العربي الجديد" مع ما دونه موقع "FLIGHT RADAR24" المتخصص في مواقيت حركة إقلاع وهبوط الطائرات تحت رمز CAI-TUN MS843/844، إذ جرت الرحلة كما كان مبرمجا لها في ذات التوقيت، وهو ما يدحض مرة أخرى رواية الهبوط الاضطراري للطائرة المصرية في تونس.

ولم تنجح محاولات معد التحقيق للتواصل هاتفيا مع مطار أسمرة الدولي، للتأكد مما أثير عن الهبوط الاضطراري به، غير أن تتبع مسار الرحلة عبر موقعي Flight Radar24 وFlight Aware المتخصصين في تعقب حركة الملاحة الجوية، لم يظهر أي بيانات تلمح لوجود هبوط اضطراري قامت به الطائرة المنكوبة في اليوم الذي سبق تحطمها، بينما أكدت مصادر في شركة مصر للطيران أن الطائرة لم تهبط اضطراريا في مطار القاهرة؛ وهو ما ظهر على موقعي "فلايت رادار وفلايت أوير" كما نفى رئيس شركة مصر للطيران، صفوت مسلم، في تصريحات صحافية على هامش الاجتماع السنوي للاتحاد الدولي للنقل الجوي (آياتا) في مدينة دبلن في 3 يونيو/حزيران الجاري، الأنباء التي ترددت بشأن إرسال الطائرة المصرية المنكوبة سلسلة تحذيرات فنية في 3 رحلات من بين 5 رحلات قامت بها الطائرة خلال آخر 24 ساعة قبل سقوطها في البحر المتوسط.


أنظمة الإنذار على متن الطائرة

يؤكد توني كابل مهندس الطيران في شركة أفتا (AFTA ) المتخصصة في تحليل حوادث الطيران، وخبير تحقيقات الأعطال الإلكترونية للطائرات أن عملية الهبوط الاضطراري تتم عبر إبلاغ برج المراقبة من قبل الطيار بواسطة نداء الاستغاثة Mayday؛ والذي يكرره الطيار حتى تحصل الطائرة على أولوية في الهبوط على أرض المطار. وتابع كابل أن هذه المحادثة يتم تسجيلها في برج المراقبة وإعلام إدارة عمليات الرحلات بمصر للطيران.

لمعرفة ماذا حدث للطائرة المنكوبة وسبب سقوطها فإن الخبراء يعتمدون بحسب كابل على 3 أنظمة لحفظ وإرسال البيانات لمصر للطيران وإيرباص (هي الصندوق الأسود FDR، وQuick access data)، وعلى رأس هذه الأنظمة يأتي مرسل البيانات acars، والذي حصلت "العربي الجديد" على 7 رسائل صادرة عنه عبر مركز الصيانة بمطار القاهرة، وبعرض هذه الرسائل على الخبير كابل، أكد أنها توضح وجود خلل في أنظمة الطائرة أدى إلى تحطمها، قائلا لـ"العربي الجديد" الرسائل تحدثت عن وجود دخان عدة مناطق في الطائرة، وأخطر هذه الرسائل كان حول تسرب دخاني من أجهزة الملاحة في قمرة القيادة بالإضافة إلى فشل في نظام الطيران الآلي؛ وهو ما يؤكد أن الحادث نتيجة عطب فني على متن الطائرة وليس نتيجة الإرهاب"، وهو ما يتطابق مع تأكيد المتحدث باسم مصلحة الطب الشرعي المصرية هشام عبدالحميد عدم وجود أي آثار لمواد متفجرة في أشلاء الضحايا.

وتعاني شركة الإيرباص من مشكلات عدة في في طراز "إيه 320" إذ كشفت شركة الخطوط الجوية القطرية، في أبريل/نيسان الماضي عن مشكلات في الأنظمة الهيدروليكية والبرامج الإلكترونية في الطائرة "إيه 320"، وتحدثت "إيرباص" عن إصلاح ذلك بنهاية العام.

ويعلق الخبير كابل قائلا "نظام AAIP وهو برنامج إلكتروني للكشف عن الأعطال والفحص ومنح صلاحية للطيران اكتشف وجود عدة مشاكل إلكترونية في الإيرباص 320، إذ أن أجهزة استشعار الطائرة ترسل تحذيرات خاطئة للطيارين عن مشاكل غير موجودة؛ ما قد يؤدي إلى انقطاع أجهزة الراديو عن الإرسال أو الاستقبال ويضيف كابل هذه المشكلة تجعل الطائرة غير مستجيبة لأوامر الطيار، ولا يستطيع معه السيطرة على الطائرة وهو ما اعترفت به إيرباص بعد ذلك إذ تكررت المشكلة في مختلف الطرازات، بسبب تشابه قمرة القيادة في كل طيارات الإيرباص ما عدا الطائرة 380".


ويضيف الكابتن فيل رديل استشاري إدارة أزمات الطائرات أن انطلاق عدة إنذارات متكررة حول وجود خلل تقني قد يؤدي إلى انهيار نظم الملاحة في الطائرة، مشيرا إلى أهمية محادثات الطيارين والتي تسجل على الصندوق الأسود الثاني المعروف بـcvr لكشف غموض الحادث.

تواصل معد التحقيق مع شركة الإيرباص للرد على الاتهامات السابقة، إلا أن جستن دوبون المتحدث الإعلامي للشركة قال لـ"العربي الجديد" إن الشركة تقدم المشورة الفنية للجنة التحقيق المصرية، بينما تشارك الهيئة الأوروبية للسلامة الجوبة ومكتب تحقيقات الحوادث الفرنسي وهيئة الطيران الفيدرالية الأميركية والمصنع الأميركي للمحركات في التحقيقات، رافضا التعليق على ما أسماه بالتسريبات والفرضيات المتعلقة بالتحقيق القائم.

غير أن المحامي الفرنسي المتخصص في القانون الجوي كيفين ذاجلان قال لـ"العربي الجديد"، التسريبات الإعلامية التي تتحدث عن هبوط اضطراري تقف وراءها جهات تود الإيحاء بأن سبب سقوط الطائرة بسبب عيب في الصيانة وليس بسبب عطب فني. ويتفق بات دجنز، محقق متخصص في حوادث الطائرات منذ 40 عاما مع ذاجلان، قائلا لـ"العربي الجديد" "في مثل هذه الحالات تكون حماية المصالح المادية والسمعة التجارية والتنصل من أي مسؤولية قانونية هو التصرف المعتاد للمصنعين"، داعيا مصر للطيران إلى إشراك طرف محايد في التحقيقات؛ لأن فرنسا لديها مصلحة في عدم ظهور أي مسؤولية عن الحادث من قبل المطار أو الإيرباص.

ذات صلة

الصورة
فرقة حور

مجتمع

نجحت فرقة الحور النسائية في مصر في كسر احتكار الرجال للإنشاد الديني طوال السنوات الأربع الماضية.

الصورة
يهاجرون بحثا عن الأمان المفقود في بلدانهم

تحقيقات

يظهر 9 يمنيين في مقطع مسجل أول أكتوبر الماضي، وهم يكابدون أوضاعاً قاسية على الحدود البيلاروسية البولندية، إذ ترتجف أجسادهم من لسعات البرد، بينما يطالبون الحكومة اليمنية بسرعة التدخل، فيما ناشد آخرون منظمات حقوق الإنسان نجدتهم قبل هلاكهم
الصورة

منوعات

أحيا مغردون مصريون ذكرى قتل المجند سليمان خاطر إسرائيليين، في 5 أكتوبر/تشرين الأول عام 1985، مجددين مهاجمتهم للنظام العسكري، ومستنكرين تطبيع النظام الحالي، برئاسة عبد الفتاح السيسي، مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة
حسن البنا/مصر/فيسبوك

منوعات

اختفى الناشط السياسي والصحافي المفرج عنه أخيراً حسن البنا مبارك، حين وصوله إلى مطار القاهرة الدولي، منذ ترحيله من الأردن إلى مصر، رغم أن المسافة لا تستغرق ساعة بالطائرة.