السيول والفيضانات التي كشفت عورة السلطة والفساد المستشري، تماماً كما حصل عند اندلاع موجة الحرائق الأخيرة، احتجزت المواطنين ساعاتٍ طويلة في سياراتهم، لا سيّما عند الخط الساحلي الجنوبي باتجاه بيروت، وتحديداً في مناطق الجيّة والدامور والناعمة وخلدة، وصولاً إلى الشويفات وعرمون (جبل لبنان)، ما تسبّب بزحمة سير خانقة أدّت إلى حوادث سير وتعطيل سيارات، وفق ما ذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام".
ووسط غياب تام لفرق وزارة الأشغال العامة والنقل وللعناصر الأمنية وعناصر الشرطة البلدية في المناطق المذكورة، بادر المواطنون بأنفسهم إلى محاولة فتح الطرقات، في حين اضطرّ بعضهم الآخر إلى ترك سياراتهم في الشوارع والسير على الأقدام، وبينهم أشخاص معوّقون شوهدوا على كرسيّهم المتحرك يحاولون اجتياز الطريق، وآخرون من المرضى الذين حالت السيول دون وصولهم إلى المستشفيات، كما خرج العديد من المواطنين من منازلهم ومحالهم بعد تصدّعها وفيضانها، جراء مياه السيول. كما أقدم عددٌ من تلاميذ المدارس على النزول من باصات مدارسهم حاملين حقائبهم في محاولة للوصول إلى منازلهم بعد انتهاء الدوام الدراسي.
Facebook Post |
وقد أدّت الأمطار الغزيرة والمتواصلة على قرى بلدات منطقة الجبل في عاليه، إلى تحول الشوارع إلى أنهار حاملة للأتربة والصخور، وإلى قطع الطرق ودخول المياه إلى المحال التجارية، خصوصاً في عرمون وفي قبرشمون. كما أدّت إلى انهيار عدد من الجدران وتسببت بقطع الطرقات في بلدتي مجدليا وكفرمتى جسر القاضي. وعملت عدد من البلديات على إزالة الصخور من وسط الطرقات في ظل إمكانيات محدودة.
موجات الاستياء سرعان ما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ (#لبنان_يغرق) مرفقةً بصور ومقاطع فيديو تظهر الوضع المأساوي الذي سبّبته الأمطار والسيول، حيث أعرب أحد المواطنين عن استيائه "من هذا الذلّ المتكرّر، فأولادنا تبكي في السيارات ونحن نستغيث وما من مجيبٍ". وإذ حمّل أحدهم "كامل المسؤولية لهذه الدولة الفاشلة"، وتساءل "أين هم المعترضون على تسكير الطرقات؟ فليأتوا اليوم وليفتحوها"، كتب آخر يحمّل "الأشخاص الذين كانوا يقطعون الطرقات بالسواتر الترابية وغيرها المسؤولية"، في حين ارتأى البعض الاستهزاء من هذا المشهد قائلاً: "صار عنا (لدينا) نهر بالناعمة" في إشارة إلى منطقة الناعمة التي لا يوجد فيها نهر.
وتداول آخرون صورة لأحد الشبان الذي عمد إلى شراء فنجان قهوة والجلوس على سطح سيارته في دلالة على أن "العَلقة طويلة"، في حين كتبت شابة تقول: "ما بعرف ليش بدكم (لا أعرف لماذا تريدون أن) تثوروا على دولة عملتلنا شلالات؟". وتداول الناشطون صورة لآلة سحب مصرفي وقد غمرتها مياه السيول، وكتب أحدهم: "رجعت (عادت) السيولة عالبنك وأخيراً".
Facebook Post |
Facebook Post |
وكانت وزارة الأشغال العامة والنقل أكّدت في بيان أنّ ورشها وأجهزتها الفنية المكلفة بأعمال تنظيف مجاري تصريف مياه الأمطار "متواجدة على الأرض وتقوم بالأعمال والأشغال المطلوبة منذ مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي على الأوتوسترادات الدولية والطرق الرئيسية المكلفة صيانتها، على الرغم من عدم تأمين الاعتمادات اللازمة لذلك".
وأوضحت أنّ "ما تشهده بعض الطرقات جراء هطول الأمطار الغزيرة التي أدت إلى تشكل السيول الكثيفة للمناطق الجبلية والمناطق المحاذية للأوتوستراد الدولي يتم معالجتها، كما أنّ الوزارة في أعلى الجهوزية وتقوم بمساعدة البلديات المختصة ضمن إمكانياتها المتوافرة لديها لتأمين انسياب الأمطار، ومواجهة السيول والفيضانات في بعض المناطق".
Facebook Post |