غرائب طائر "أبو الحنّ"

09 أكتوبر 2016
يسمّى "روبن" في أوروبا وأميركا (فيليكس كاستل/ فرانس برس)
+ الخط -
لعلّ أحد أشهر الطيور المغردة في لبنان والوطن العربي هو أبو الحنّاء (أبو الحنّ)، بالرغم من أنّه لا يظهر إلا في فصل الشتاء.

يقبع في الشجرة بين الأغصان الكثيفة ليغرد، حيث تصعب رؤيته. لكن يمكن دفعه إلى الظهور إذا ما وضعنا له صحناً من الطعام كالديدان والحشرات والأجبان والمرتديلا، أو قلبنا تربة الحديقة، فيأتي ليقف على السور يراقب ظهور دودة أرض أو حشرة أخرى قد تخرج مع المعول أو الرفش، فيتسنى له التهامها.

كلّ عام يعود إلى نفس مكان التفريخ ثم يهاجر في أواخر الخريف للإشتاء في نفس البلد والقرية والحي وربما نفس الشجرة. وفي كثير من الأحيان يعشش "أبو الحنّ" في أماكن غريبة مثل إبريق شاي مهمل، أو جيب سترة مرمية، أو على رفوف المنازل.

يغني للسيطرة على أرض يفرّخ فيها أو يشتي، ويدافع عنها. الغناء لدى "أبو الحنّ" يستمر طوال العام، عكس معظم الطيور التي تغني ربيعاً فقط. هو لا يغرّد كالعندليب في الليل كما يعتقد البعض، بل فقط إذا كانت فوانيس إنارة الحديقة أو الشارع مضاءة.

للأسف، تفقد مجموعة "أبو الحنّ" ثلاثة أرباع صغارها قبل بلوغها السنة، بسبب اصطيادها، أو بسبب عجزها عن الدفاع عن نفسها. وتفقد البالغة 10 في المائة من أعدادها بسبب الدفاع عن أراضيها. "أبو الحنّ" شرس في الدفاع عن أرضه ولا يسمح لأحد ما عدا شريكته باحتلال الحديقة.

سجلنا في دراسة سابقة أنّ "أبو الحنّ" هو من بين أكثر العصافير التي تقع ضحية بين أنياب القطط. ربما يساهم في ذلك طبع هذا العصفور في العيش بالقرب من المساكن والبيوت. وفي جميع الأحوال، يبلغ متوسط عمر "أبو الحنّ" ثلاث سنوات، علماً بأنّ السجلات تشير إلى عيشه في الأسر أكثر من 17 عاماً.

عندما يشتد البرد ينفش "أبو الحنّ" ريشه ليصبح مثل الكرة. يساعده هذا في الاحتفاظ بطبقة من الهواء بين الريش تلعب دور العازل وتحميه من الرياح الباردة. أما إذا اجتاحته موجة صقيع فهو يلجأ إلى النوافذ الزجاجية طالباً الدخول إلى المنازل.

ولكي يرضي شريكته، فإنّه يجلب العثّ والديدان إليها فترفرف بجناحيها طالبة الطعام. يناوله لها، لتناوله بدورها إلى فرخها. تجلس الأنثى على البيض أسبوعين، أما الذكر فيحضر إليها الطعام نحو ثلاث مرات في الساعة.

تكبر الصغار في مدة أسبوعين يحضر خلالها الزوجان الطعام لها. وبانتهاء الأسبوعين، يصبح الفرخ في حجم أبويه. يحظى "أبو الحنّ" بالحب والعطف لدى الأوروبيين الغربيين، فهم يعتبرونه صديقاً وطائراً اجتماعياً، بينما يصطاده غيرهم إمّا للأكل أو كرياضة.

*اختصاصي في علم الطيور البريّة


دلالات
المساهمون