يعد مرض ثقب القلب أحد الأمراض المتفشية بين أطفال أفغانستان. ويصل عدد المرضى إلى الآلاف، في حين أن علاج المرض صعب داخل البلاد، ما يتطلب نقلهم إلى الخارج. وإجراء كهذا يحتّم على الآباء تحمّل تكاليف السفر والعلاج، علماً أن معظمهم فقراء. بل يستحيل أن يأخذ جميع الآباء في بلد يعيش معظم سكانه تحت خط الفقر المدقع أطفالهم إلى خارج البلاد، إلى الهند مثلاً أو باكستان أو غيرهما، لتلقي العلاج. من هنا، معظم هؤلاء يتوجهون إلى جمعية الهلال الأحمر الأفغاني، التي تهتم بعلاج هذه الحالات منذ أعوام عدة، وينتظرون شهوراً كي يأتي دورهم ويعالج أطفالهم.
تفيد جمعية الهلال الأحمر في تقريرها الأخير بأنّها تمكنت من علاج 1700 طفل من مختلف أنحاء أفغانستان خلال العام الماضي، كانوا مصابين بمرض ثقب القلب. وتعمل على زيادة هذا الرقم خلال العام الجاري، لأن عدد الأطفال الذين ينتظرون تلقي العلاج يزداد بشكل مستمر، بينما عدد من يتلقى العلاج سنوياً أقل من العدد الذي يسجل. ويقول المتحدث باسم الجمعية ميرام صادقت إن عدد المسجلين لدى الهلال الأحمر الذين ينتظرون دورهم من أجل تلقي العلاج قد وصل إلى 6000 طفل، بينما المؤسسة تمكنت بأقصى جهودها من إرسال 1700 إلى خارج البلاد لتلقي العلاج خلال العام الماضي.
ويذكر صادقت أنه خلال الأعوام العشرة الماضية، تمكنت الجمعية من إرسال وعلاج أكثر من 16 ألف طفل إلى دول مختلفة، إلا أن هذه الجهود غير كافية ويجب بذل المزيد، خصوصاً أن الأهل يعانون الكثير لتأمين العلاج لأطفالهم، ولا يملكون شيئاً سوى انتظار دورهم لدى المؤسسة. ويشير إلى أن تلك الفترة تكون شاقة عليهم ولا يدركها إلا من يتعامل معهم. كذلك يوضح أن الجمعية تمكنت بالتنسيق مع الإدارة المعنية في الحكومة الأفغانية، وللمرة الأولى، من إرسال مائة مريض إلى الصين لتلقي العلاج العام الماضي، وقد وعدت الصين بعلاج 400 مريض، معبّراً عن أمله بأن "تكون هذه المساعدة الصينية متواصلة، وألا تقتصر على عدد معين نظراً لحاجات الأطفال الأفغان". ويؤكد أنه "خلال العام المقبل، سنرسل 150 طفلاً آخرين إلى الصين لتلقي العلاج".
من جهتها، تقول الأمينة العامة للجمعية نيلاب مبارز، إن الجمعية تعاني مشاكل كثيرة وتواجه عقبات بين الحين والآخر. لذلك، لا تستطيع بمفردها العمل كما يجب، مشيرة إلى أن مساعدة بعض الأثرياء الأفغان والتنسيق مع الإدارات المعنية المختلفة والمؤسسات التي تعنى بصحة الأطفال، مكنتها من مواصلة المشروع والتطور. إلا أن ذوي المرضى، على حد قولها، لا يقتنعون بالأمر، ويشيرون إلى أن المؤسسة هي المسؤولة الوحيدة عن علاج أطفالهم، مطالبين الحكومة بالعمل من أجل مستقبل الأطفال وذويهم.
في الإطار نفسه، يقول عبد الغفور لـ"العربي الجديد": ابني أحمد غني (ثلاث سنوات) مصاب بمرض ثقب القلب. ومنذ أشهر عدة، نتردّد على جمعية الهلال الأحمر الأفغاني على أمل أن يأتي دوره لتلقي العلاج في الخارج، من دون أن يتحقق الأمر بعد. في الوقت الحالي، تطلب مني الجمعية 80 ألف أفغانية (نحو ألف دولار أميركي)، بهدف إرسال ابني بعد شهر إلى الخارج لتلقي العلاج. لكني لا أملك ذلك المبلغ. لو كنت أملك المال لما جئت إلى مكتب الهلال الأحمر ولما صبرت كل تلك الفترة، وقد عاشت أسرتي كلها في عناء دائم".
ويطلب عبد الغفور من الحكومة ومن الأثرياء ومن الهلال الأحمر مساعدته، لأن المبلغ المطلوب كبير، وهو غير قادر على توفيره، وبالتالي سيبقى ابنه من دون علاج على الرغم من الانتظار الطويل. لكنّ صداقت يؤكد لـ "العربي الجديد" أن الجمعية تتحمل مصاريف العلاج، إلا أن كلفة السفر يتولاها الأهل، لأن إمكانيات الجمعية محدودة. وتسعى الجمعية الآن إلى تهيئة الأجواء داخل البلاد وإيجاد طرق لعلاج هؤلاء الأطفال داخل أفغانستان أو في الخارج بالتنسيق مع المؤسسات الصحية في البلاد. ووقعت الجمعية اتفاقيات تعاون مع كل من المستشفى الفرنسي ومجمع آمري الطبي، ومستشفى غلوبل ومستشفى رويل، موضحاً أنه خلال السنوات الثلاث المقبلة ستتمكن الجمعية من معالجة المرضى المسجلين لديها حتى الآن.