طالب مقدسي غيبه اعتداء إسرائيلي عن الدراسة

04 سبتمبر 2014
الفتى الفلسطيني بعد إصابته (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يكن بمقدور الفتى المقدسي محمد سنقرط (16 عاما)، ابن حي واد الجوز شمالي القدس القديمة، والطالب في الصف الحادي عشر بمدرسة الرشيدية، الالتحاق بمقاعد الدراسة مثل بقية زملائه، بل على العكس توافد زملاؤه إلى المستشفى لزيارته.

أصيب محمد، مساء الأحد 31 أغسطس/آب، بعيار مطاطي من مسافة قريبة بينما كان متوجها إلى مسجد عابدين لأداء صلاة المغرب، قبل أن يباغته جنود إسرائيليون ويضربونه بشدة متسببين بكسر جمجمته ونزف في الدماغ.

ويروي والد محمد الذي لم يفارق نجله الجريح متنقلاً به بين مستشفى المقاصد، ومستشفى هداسا في منطقة عين كارم بالقدس الغربية، لـ"العربي الجديد" أن الجنود تصرفوا مع نجله بوحشية بالغة، فهم لم يكتفوا بإطلاق النار على رأسه، بل ركلوه بأحذيتهم العسكرية برأسه ووجهه، مما ضاعف إصابته وأدخله في غيبوبة تامة.

في غرفة العناية المكثفة بمستشفى هداسا الإسرائيلي يرقد محمد، ويُمنع أفراد عائلته من الدخول إلى الغرفة خشية أن تنتقل إليهم عدوى ما، أو إلى ولدهم الجريح الذي يصارع الموت. يقول والده: محمد الآن في غيبوبة تامة، لقد منعونا من دخول غرفته، وأخبرنا الأطباء بإمكانية بقائه على هذا الحال بضعة أشهر.

لم يرغب والد محمد أن يقترب غير أفراد أسرته من الغرفة التي يقيم فيها نجله، ولم يشأ أن تُلتقط أي صورة لمحمد في الغيبوبة، لعل الأجهزة الطبية التي تحيط برأس الفتى أن تظهر استحالة رؤية وجهه كما عرفته عائلته.

ويخفي الوالد وجهه عن أعين بعض من حضروا للاطمئنان على نجله من أقاربه، فهو لا ينفك يمسح دموعه التي بللت خده، مسترقًا النظر إلى نجله من خلف زجاج الغرفة التي غصت بالممرضات والأطباء.

في ذات المصيبة تتشارك جدة محمد وابنها والأم، لقد أمضت ليلتها مع حفيدها المصاب، لم تتركه لحظة، حين سمعت بنبأ إصابته، فلم تبرح غرفة العناية المكثفة حيث حفيدها.

وكلما خرج طبيب أو ممرضة من داخل الغرفة استوقفته لتطمئن على محمد، قائلة "ليس أحب للقلب من الولد إلا ولد الولد"، في وقت لا تكف عن الدعاء والابتهال إلى الله أن يمن بالشفاء على حفيدها، وهي تتحرك جيئة وذهابًا في صالة المستشفى.

رفاق محمد الذين توافدوا إلى المستشفى، لم تتح لهم رؤيته إلا من خلال النافذة الزجاجية لغرفة العناية المكثفة، فبعضهم انزوى في مقعده صامتًا لا يحدث أحدا، وبعضهم لم ينفك عن سؤال والده عن زميلهم، بينما الأب لا يجد إلا طمأنتهم، ويحثهم على الدعاء لمحمد، ليعود إلى مشاركتهم مقاعد الدراسة.

غادر رفاق محمد المستشفى وأصر اثنان منهم على البقاء، لعلهما لم يطيقا العودة إلى المدرسة بدون محمد.

لكن الوالد المكلوم يكتفي بترديد ذات الجملة "حسبنا الله ونعم الوكيل"، تكرارًا لا يجد معه ما يقوله، غير تذكره أن العام الدراسي الجديد بدأ، وأنه من المفترض أن يحمل محمد حقيبته المدرسية ويغادر مبكرًا إلى مدرسته التي أحبها، وجمعته بأصدقائه.

دلالات
المساهمون