أميركا وإسرائيل.. تبادل المصالح

02 سبتمبر 2014
المواطن المصري البسيط غير مستفيد من الاتفاقيات(أرشيف/ getty )
+ الخط -
يرجع تاريخ اتفاقية الكويز إلى عام 1996، حين أقر الكونجرس الأميركي مبادرة، أعلنت عنها الحكومة الأميركية في عهد الرئيس كلينتون، بإنشاء مناطق صناعية مؤهلة في منطقة الشرق الأوسط بهدف دعم السلام.
وهذه الاتفاقية، هي في الحقيقة، جزء من اتفاقية التجارة الحرة الأميركية الإسرائيلية، لكنها تسمح لدول الأخرى بالاستفادة منها في مقابل أن تشمل سلعها مكونات إسرائيلية 11.7 في المئة على الأقل، وأميركية بنسبة 15 في المئة على الأقل، في حين يمثل المكون المصري بنسبة 35 في المئة.
وتمنح الاتفاقية الاحتلال الإسرائيلي وضعاً احتكارياً، في حدود النسبة المشار إليها، حيث يفرض السعر الذي يريده، كما أن الاتفاقية تعطي الولايات المتحدة الحق في توريد 15 في المئة من المكونات، دون فرض مصر رسوماً جمركية عليها.
وتستفيد الولايات المتحدة من استيراد منتجات بتكلفة خاصة من مصر، فضلاً عن الاستفادة من مبيعات المواد الخام التي يحتاجها المُصنّع المصري كشرط أساسي للدخول تحت مظلة الاتفاقية.
وبموجب "الكويز" تم الاتفاق على إقامة سبع مناطق صناعية مؤهلة في مصر، على عدة مراحل، على أن تشمل المرحلة الأولى إقامة المناطق الصناعية المؤهلة في منطقة القاهرة الكبرى، ومنطقة الإسكندرية، وبرج العرب، والعامرية، والمدينة الصناعية في بورسعيد. وقالت دراسة اقتصادية أعدها وكيل وزارة الصناعة والتجارة الأسبق، محمد نبيل الشيمي، مؤخراً، إن وجود المدخلات الأميركية بنسبة لا تقل عن 15 في المئة، بل ربما يتجاوز الـ50 في المئة، (حيث أن المكون المصري لن يتجاوز الـ35 في المئة، إضافة إلى ضعف مستوى الصناعة المصرية) يعني أن السوق الأميركي يستقبل سلعاً أميركية بالأساس، وهي تماثل ما يحدث في اتفاقيات المعونة الأميركية التي تصر الولايات المتحدة على أن يعود الجزء الأكبر منها إلى الخزانة الأميركية من جديد، وبالتالي فمن الطبيعي أن تدخل السوق الأميركية دون رسوم جمركية.
وتأتي إسرائيل كأكبر المستفيدين من هذه الاتفاقية، حيث ستحرك قطاع المنسوجات الذي كان إلى وقت قريب غير ذي أهمية للاقتصاد الإسرائيلي، قبل هذه الاتفاقية، كما تعتبر فرصة غير مسبوقة نحو تقليل الضغط على الاقتصاد الإسرائيلي والقفز على المقاطعة الشعبية العربية لمنتجاتها.
وتعطي هذه الاتفاقية الاحتلال الإسرائيلي القدرة على اختراق الاقتصاد المصري، ووضعه في موقع الشراكة، ومع التفوق التكنولوجي الإسرائيلي على الدول العربية فإن الاقتصاد الإسرائيلي سيمثل القائد الاقتصادي في المنطقة، بحسب الدراسة.
ويقول الشيمي، إن المكسب الحقيقي لإسرائيل من الاتفاقية هو هذه البدايات الناجحة لتأسيس السوق الشرق أوسطية، وقد ترجم أيهود أولمرت ذلك، بالقول "إن توقيع هذه الاتفاقية مع أكبر دولة عربية هو أعظم حدث منذ سنوات طويلة وأنه بموجب هذا التوقيع ستدخل إسرائيل العالم العربي من أوسع أبوابه".
وتابع: في حين التوقيع "آمل أن توقع الدول العربية كلها اتفاقيات من هذا النوع مع إسرائيل مستقبلاً، والواقع إن الاحتلال الإسرائيلي ينظر إلى هذه الاتفاقية على أنها كسر للعزلة الاقتصادية التي يعيشها في المنطقة".
وحسب الشيمي، فإن المستفيد الحقيقي، من الجانب المصري، من هذه الاتفاقية هم مجموعات رجال الأعمال أعضاء الحزب الوطني المنحل، الذين لديهم مصالح في السوق الأميركي. وساهمت سيطرة لجنة السياسات على الحزب الوطني المنحل في نجاح أصحاب المصالح مع الولايات المتحدة في الضغط على الحكومة للإسراع في التوقيع على الاتفاقية ،بينما تولى بعض منهم المفاوضات مع الجانبين الأميركي والإسرائيلي.
ويبدو جلال الزوربا، وهو رئيس اتحاد الصناعات السابق، والملقب بـ "مهندس اتفاقية الكويز"، كأبرز المستفيدين في مصر، حيث سعى لسنوات طويلة إقناع الحكومة المصرية بإبرام تلك الاتفاقية، ولم يترك فرصة للحديث في وسائل الإعلام دون الإشادة بالأردن التي وقعت "كويز" مع إسرائيل والولايات المتحدة عام 1999.
وفي عام 2004 كانت الفرصة السانحة لتكثيف الضغط على الحكومة المصرية مع القرار الأميركي من أجال بإلغاء نظام الحصص "الكوتة " ابتداء من يناير/كانون الثاني 2005، وهو النظام الذي كان يسمح لمصدري الملابس الجاهزة المصريين بدخول السوق الأميركية وفق حصة مقررة لمصر.
واستخدم الزوربا نفوذه باعتباره عضواً في مجلس إدارة جمعية المستقبل، التي كان يرأسها جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك، وعضوا بلجنة سياسات الحزب الوطني المنحل، للضغط على وزارة التجارة ودفعها لعقد الاتفاقية.
وبعد توقيع الاتفاقية أصبح الزوربا أحد أكبر سبعة مصدرين إلى السوق الأميركية، رغم أن العاملين في شركاته يشكون من الأجر الضئيل الذي يتقاضونه.
واستطاع الزوربا عن طريق الكويز أن يحتكر ما لا يقل عن 25 في المئة من صادرات القطاع الخاص من المنسوجات والملابس الجاهزة، وأن يجني المليارات من ذلك.
المساهمون