هاندي فرات: الصحافية التي أفشلت الانقلاب التركي

15 يوليو 2017
هاندي فرات خلال الاتصال الشهير (يوتيوب)
+ الخط -
عام مرّ على محاولة الانقلاب في تركيا. عام تخلله الكثير من التغييرات في المشهد الصحافي والإعلامي والسياسي التركي. لكنّ وجهاً لا يزال في ذاكرة كل من تابع محاولة الانقلاب مباشرة على الشاشات، تحديداً على شاشة "سي إن إن تورك CNN TURK": إنه وجه الإعلامية، هاندي فِرات.


الاتصال التاريخي

الإعلامية التركية، التي أطلت على الشاشة بشعر معقود إلى الخلف، ووجه يخلو من أي تبرّج واضح، وتعابير مصدومة، هي التي أجرت الاتصال مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فجر ذلك السبت في الخامس عشر من تموز/يوليو 2016. هكذا أطلّ الرئيس في مقابلة على القناة الخاصّة، عبر تطبيق "فيس تايم" على هاتف "آيفون" الخاص بالإعلامية فرات، ليطلب من الأتراك النزول إلى الشارع للتصدي للانقلاب. وبعد أقل من ساعتين على محاولة الانقلاب، غصت مواقع التواصل ووسائل الإعلام العالمية بالفيديو الذي ظهر فيه أردوغان عبر "فايس تايم" وقال حرفياً: "هناك خرق لقواعد الجيش، لكني أؤكد أنّ محاولة الانقلاب هذه فاشلة وهؤلاء كلهم سيلقون جزاءهم في المحاكم، من خلال قوات الأمن سنرد بقوة، وأقول للجيش إن كل ضابط وكل جندي عليه أن يحترم الشرعية وعدم التعاون مع هؤلاء الخونة". وأضاف: "أحث الناس على الاحتشاد في الساحات والمطارات، وأنا سأتوجه الى أنقرة، دعونا نرى من سيكون قادراً على معارضة قوى الشعب، لا شيء أقوى من إرادة الشعب، نحن على قناعة بأننا قادرون على التعامل مع هذا الاستفزاز".
ومع نزول آلاف المدنيين إلى الشارع في وجه الانقلاب العسكري، سقط المخطّط، وفشلت المحاولة.



هل أفشلت الصحافية التركية هاندي فرات الانقلاب إذاً؟ ربما لا، وربما نعم، لكنّ الأكيد أن فرات التي اعترفت لاحقاً بأنها استخدمت كل علاقتها في دائرة معارف أردوغان لتصل إليه وتقنعه بالظهور على الشاشة، كان لها الدور الأساسي في حثّ الأتراك (من مؤيدين ومعارضين لحكم أردوغان) على النزول إلى الشارع في وجه دبابات العسكر.
فرات لا تزال حتى اليوم تتحدّث عن ذلك اليوم، وتعتبره يوماً مفصليّاً في مسيرتها المهنية، هي التي تتمتّع بشهرة واسعة داخل تركيا.

الذكرى الأولى

بعد عام من محاولة الانقلاب لا تزال الصحافية التركية تستذكر ذلك اليوم، الذي اعتبر "أبرز لحظة إعلامية في العام 2016" وفق مؤسسات صحافية عدة. وتستعيد في مقابلة صحافية نشرها موقع قناة "يورنيوز"، تفاصيل عن اللحظات الإنسانية التي عاشتها وقتها: "كنت مرعوبة كصحافية وكمواطنة، كانت لحظة مصيرية، كلام الرئيس وملاحظاته كانت مهمة جداً، وبعد دقائق علمت أنّ كل الإعلام العالمي ينقل عنّا". وتضيف: "وإلى جانب كوني صحافية، فأنا مواطنة تركية وكنت خائفة وقلقة: من أين يأتي انقلاب عسكري عام 2016؟ هذا مستحيل، ورغم ذلك كان ذلك يحصل، والطائرات فوق رؤوسنا والدبابات في الشوارع، كل الأتراك كانوا خائفين: على أنفسهم، على الوطن وعلى أولادهم". لكن إلى جانب القلق، تتحدّث فرات عن لحظات طريفة عاشتها بعد فشل الانقلاب، بينها عرض رجال أعمال عرب (بينهم قطريون وسعوديون ومصريون) أموالاً طائلة لشراء هاتف الآيفون الذي كلّمت من خلاله أردوغان على تطبيق "فيس تايم": "أحد رجال الأعمال السعوديين عرض عليّ مبلغ 250 ألف دولار". لكن فرات رفضت بيع الهاتف وتقول إنها تضعه في درج في البيت، لأنها تخاف استخدامه كي لا يتعرّض لأي ضرر "خصوصاً أنه شهد على لحظة تاريخية".

من هي هاندي فرات؟

ولدت الصحافية التركية هاندي فرات في سبتمبر/أيلول من العام 1974 في أنقرة، وبدأت عملها الإعلامي مع عدد من المحطات المحلية في تركيا، قبل أن تنتقل إلى "سي إن إن تورك" عام 1999، كمراسلة لشؤون رئاسة الحكومة، ثم مديرة مكتب أنقرة، وصولاً إلى محاولة الانقلاب الفاشلة التي أكسبتها شهرة عالمية. وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، أي بعد أشهر من محاولة الانقلاب عيّنت ممثلة عن صحيفة "حرييت" في أنقرة.
مع مرور عام كامل على محاولة الانقلاب الفاشلة، ورغم أن هاندي فرات حققت الكثير من الإنجازات المهنية في حياتها الصحافية، وفق ما تكشفه كل المعلومات الخاصة بها بمسيرتها: من تغطية زلازل وحروب... يبدو أن اسمها سيلتصق إلى الأبد، بهذا الاتصال، الذي ظهر من خلال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مفشلاً مع الشعب التركي، محاولة الانقلاب العسكري.



دلالات
المساهمون