4 أعوام من القمع الإعلامي في مصر... عصر ما بعد 30 يونيو

03 يوليو 2017
(العربي الجديد)
+ الخط -
كان حجب أكثر من 70 موقعًا إلكترونيًا وصحيفة مصرية، قرارًا متوقعًا في إطار التسلسل الزمني لعلاقة السلطة المصرية مع وسائل الإعلام في أعقاب الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز 2013.
علاقة السلطة بالإعلام، كان لها مؤشرات واضحة منذ البداية، بما فيها تودد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، للإعلاميين ورؤساء التحرير، وحرصه على الاجتماع بهم دوريًا.
وحملت السنوات الأربع الماضية، سمات عامة في تطور علاقة السلطة بالإعلام، بداية بعلاقة التفاهم والتوحد الشديد بين الإعلاميين ورؤساء التحرير الموالين للسلطة، بالنظام ورأسه، مرورًا بإطلاق التحذيرات والتهديدات بين الحين والآخر، وصولًا للمصادرة والمنع والحجب، الذي طاول الجميع بمن فيهم الموالون.

البوابة

لعل أبرز مثال على غدر النظام بالإعلاميين الموالين له، ما حدث عشية 30 يونيو/حزيران الماضي، مع صحيفة البوابة، لرئيس تحريرها عبد الرحيم علي، الموالي تماماً للسلطة، حيث صدرت أوامر من جهة سيادية بوقف طباعة الصحيفة من المطبعة، لأن الصفحة الأولى بها كانت تحمل مانشيت "آآآه.. آآآه"، إشارة إلى القرار الحكومي الأخير برفع أسعار المنتجات البترولية بنسب تبدأ من 45 بالمئة وحتى مئة بالمئة لبعض المنتجات.
ولم تتغير أوامر وقف الطباعة، إلا بعد تغيير محتوى الصفحة الأولى وتبديل مانشيت "آآآه.. آآآه"، بـ"30 يونيو.. ثورة شعب".
ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي يتم فيها مصادرة عدد "البوابة"، بل حدث للمرة الأولى أن صدرت أوامر من جهة سيادية في العاشر من إبريل/نيسان الماضي، حيث صادرت السلطات المصرية، عدد صحيفة "البوابة" لاحتوائه على انتقادات لوزير الداخلية المصري، مجدي عبد الغفار. مفادها "حاسبوه قبل أن تحاسبوا"، فتمت مصادرة العدد. ثم في اليوم التالي، أصرت الصحيفة على توصيل نفس الرسالة، فكان مصيرها المصادرة أيضاً.

الصباح وتيران وصنافير

هذا ما حدث مع جريدة "البوابة" المقربة للنظام. أما باقي القائمة، فتضم صحيفة "الصباح" لرئيس تحريرها شوقي العطار، التي تمت مصادرة عددها بسبب صورة غلاف من فيلم الأرض وعنوان "مصرية"، صبيحة موافقة مجلس النواب المصري، على اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية، والتي بموجبها تم نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
وفي 12 أبريل/نيسان من العام الماضي، كانت المصادرة، مصير عدد صحيفة "المصري اليوم"، بسبب مانشيت "جزيرتان ودكتوراه لسلمان.. والمليارات لمصر"، قبل أن يتبدل بـ"حصاد زيارة سلمان.. اتفاقيات بـ25 مليار دولار".
وفي 11 مارس/آذار 2015، أسفر اتصال من جهة سيادية لمطابع جريدة الأهرام، عن مصادرة ووقف طبع الطبعة الأولى من عدد جريدة "الوطن" الخاصة، التي كان مقرراً لها نزول الأسواق بمانشيت "13 جهة سيادية لا تدفع ضرائب موظفيها.. الرئاسة والمخابرات والداخلية والدفاع في مقدمة المتهربين من الضرائب.. والخسائر وصلت لـ7.9 مليار جنيه.. والمالية: ما تدخلوش عش الدبابير"، لكنه تحول من مهاجم للنظام، لموال له -وبشدة- في الطبعة الثانية من عدد الجريدة المنشور إلى "القائمة النهائية لمشروعات المؤتمر الاقتصادي.. مصر الجديدة ستكون حاضنة للاستثمارات ورجال الأعمال الجادين".
وفي 11 مايو/أيار 2015"، منعت أجهزة أمنية توزيع الطبعة الأولى من جريدة "الوطن"، رغم طباعة نحو 48 ألف نسخة منها، لتضمنها ملفاً يحمل عنوان "7 أقوى من السيسي"، وفرضت الأجهزة اﻷمنية تغيير عنوان الملف ليصبح "7 أقوى من الإصلاح". كما رفضت اﻷجهزة اﻷمنية أيضا نشر مقال تضمنه الملف بعنوان "الضابط ابن القصر يحكم" لعلاء الغطريفي مدير تحرير الجريدة.

مصادرة واعتقالات

في 18 مايو/أيار 2015، صادرت قوات الأمن المصرية صحيفة البيان، وألقت القبض على رئيس التحرير، إبراهيم عارف، من مقر الجريدة بالدقي، بعد قرار النائب العام، بضبطه وإحضاره على خلفية اتهامه بـ "نشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام، وإلقاء الرعب بين الناس وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة"، وذلك لنشر الجريدة في صباح اليوم نفسه على موقعها الإلكتروني خبرا عن "اغتيال 6 وكلاء للنائب العام بطريق السويس القاهرة".
وفي 14 أغسطس/آب 2015، سحبت قوات الأمن المصرية أعداد صحيفة صوت الأمة الصادرة من مراكز التوزيع و"فرمها"، بحسب تصريحات صحفية لرئيس تحريرها عبد الحليم قنديل.
وفي 22 أغسطس/آب، منعت مؤسسة الأهرام طباعة عدد صحيفة الصباح، لتضمنه مقالًا عن محمد بدران، رئيس حزب مستقبل وطن، وأحد الوجوه التي يكثر ظهورها برفقة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وفي 24 أغسطس/آب 2015، منعت مؤسسة الأهرام طباعة صحيفة المصريون في 24 أغسطس/آب 2015 بسبب اعتراضات على مقال رئيس تحرير “المصريون"، جمال سلطان بعنوان "لماذا لا يتوقف السيسي عن دور المفكر الإسلامي".
وفي 6 فبراير/شباط 2014، حيث أوقف رجل الأعمال محمد الأمين رئيس مجلس إدارة جريدة "الوطن"، طباعة الصحيفة، ووقف توزيعها بدعوى نشرها تقريرًا يتضمن معلومات خاطئة حول الذمة المالية للمشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك، وجرى استكمال العدد بعد تعديل الصفحة الأولى بتغيير تقرير الذمة المالية للمشير.
وفي 4 مارس/آذار 2014، امتنعت المؤسسة المسؤولة عن طباعة صحيفة الوادي عن طباعة العدد الثالث من الصحيفة، لأسباب أمنية.
وفي 14 يونيو/حزيران 2014، اقتحمت أجهزة الأمن المطبعة التي تقوم بطباعة جريدة وصلة (جريدة غير دورية، تصدرها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان منذ أكثر من 5 سنوات، و صدر منها 72 عددا)، وقامت بمصادرة نحو 1000 نسخة من الجريدة وقوالب الطباعة واعتقلت عامل المطبعة.
وفي 13 ديسمبر/كانون الأول 2014، قامت مطابع مؤسسة اﻷهرام بتعطيل طباعة العدد اﻷسبوعي لجريدة “المصريون”، وذلك بعد أن أبدت إحدى الجهات اﻷمنية اعتراضها على بعض الموضوعات الصادرة بهذا العدد من الجريدة، ثم القبول بطباعتها بعد 8 ساعات من التأخير.

اعتقالات بالعشرات

كل تلك الوقائع وغيرها من اعتقال عشرات الصحافيين المصريين، كانت سببًا كافيًا لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، لتقول إن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أبدع على مدار سنوات في ابتكار أساليب متنوعة لقمع حرية التعبير والصحافة بل وتكميم أفواه المفكرين المعارضين؛ لضمان أكبر قدر ممكن من الاستقرار في البلاد، من وجهه نظره.
وأكدت المنظمة أن قمع حرية الصحافة في عهد عبدالفتاح السيسي له أبعاد "مخيفة"، مشيرًا إلى أنه يقبع في السجون المصرية أكثر من 25 صحافيا نقابياً حتى الآن، بدون تهم أو أحكام شرعية، فضلا عن 80 صحافيا ومصورا ومعد برامج للقنوات التلفزيونية لا يحملون كارنيه نقابة الصحافيين.
وحلت مصر على رأس "القائمة السوداء"، التي أعدتها منظمة مراسلون بلا حدود، لحرية الصحافة في الدول وهي القائمة التي تضم الدول التي يُعتبر فيها وضع الصحافة "خطيراً للغاية"، بعدما تتراجعت مصر من المرتبة 159 إلى المترتبة 161 من بين 180 دولة على مستوي العالم في حرية الصحافة لعام 2017.
وأكد التقرير الصادر عن "مراسلون بلا حدود" أن مصر أصبحت ضمن 21 دولة على مستوى العالم، تعد الأسوأ في حرية الصحافة وتأتي على رأس القائمة السوداء التي أعدتها المنظمة بشأن حرية الصحافة.