تصفف الفنانة الفلسطينية نداء الشنطي لوحاتها الملونة بعضها إلى جانب بعض في ركن خاص داخل منزلها، شمال مدينة غزة، وقد صنعتها باستخدام فن "الكويلينغ" الصيني الذي يُعتبَر من الفنون الورقية النادرة.
وتأخذ اللوحات المصنوعة من الأوراق الملونة في نهاية العمل شكلًا ثلاثي الأبعاد. ويبدأ العمل بلف شريطٍ من الورق وتحويله إلى لفائف ولصق أطرافه لتشكيل الفكرة الأساسية، فيما تختلف الأحجام المُستخدمة وآلية التنفيذ وفقًا لفكرة اللوحة.
ويختص فن لف الورق، أو ما يعرف باسم فن "الكويلينغ"، باستخدام الشرائط الورقية الملونة، والتي يتم لفّها وتشكيلها ولصقها بشكل متناسق لصنع تصميمات زخرفية فنية. إذْ تُشكل بمجموعها لوحات فنية تشكيلية تحمل أفكارًا متنوعة، فيما تُستخدَم كذلك لتزيين التصاميم المختلفة.
وبدأت راهبات إيطاليا باستخدام هذا الفن، إذ استخدمْنَ اللف لتزيين المجسمات وأغلفة المواد الدينية والكُتب. فيما ساد استخدام الورق المقطوع من حواف الكُتب المذهبة، وأصبح لف الأوراق شائعًا في أوروبا وأميركا وعدد من دول العالم.
تقول الفنانة نداء الشنطي، وهي خريجة علم اجتماع من "جامعة الأزهر" في مدينة غزة، إنها انجذبت إلى فن "الكويلينغ" منذ بدايات عام 2019، حين أُعجبت بعدد من الأعمال الفنية الورقية التي صادفتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما وَلَّدَت لديها الفضول لمعرفة تفاصيل ذلك الفن "المثير".
وتوضح لـ"العربي الجديد" أنها بدأت بالبحث عن تفاصيل فن "الكويلينغ" الصيني بمساعدة صديقتها، وقد شجعتها على ذلك قدرتها على الرسم، إذ كانت متمرسة في الرسم بالفحم، إلا أنها أرادت صقل موهبتها وتطويرها في فن نادر، لتتمكن من خلاله تمييز لوحاتها وأعمالها التشكيلية.
ندرة هذا الفن في قطاع غزة، وعدم انتشاره كباقي الفنون التشكيلية، كانا السبب الأبرز في توجهها إلى العمل فيه، إذ رغبت من خلاله في تقديم لوحات فنية مختلفة تُمكنها من ترك بصمتها الخاصة التي يمكنها جذب انتباه الجمهور.
وواجهت الشنطي في بداية مشوارها بعض الصعوبات الخاصة بتوفير الأدوات اللازمة لإتمام اللوحات المصنوعة من اللفافات الورقية، إلا أنها اعتمدت على الأدوات الأساسية التي اقتصرت فيها على استخدام الأوراق الملونة والمشرط وإبرة "الكويلينغ" واللاصق.
وجسدت الفنانة الشابة عبر لوحاتها الآيات القرآنية وبعض الأذكار الدينية، إلى جانب تجسيد ملامح الطبيعة التي صورتها برسم الأشجار والزهور والورود ومشهد الغروب والطيور بمختلف ألوانها وأشكالها، فيما صنعت لوحات فنية خاصة بالآلات الموسيقية، كآلة الساكسفون والقيثارة والترانيم الموسيقية وعدد من البورتريهات.
خريطة فلسطين كانت ضمن اللوحات التي حاولت فيها الشنطي الحديث عن القضية الفلسطينية، إلى جانب علم فلسطين ومفتاح العودة الذي يرمز إلى اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من أرضهم على أيدي العصابات الصهيونية عام 1948، علاوة على رسم خريطة العالم.
وتطرقت الأعمال الفنية كذلك إلى الحديث عن المناسبات الاجتماعية اليومية، كأعياد الميلاد والمناسبات العامة، مثل رأس السنة الميلادية وشهر رمضان، فيما جسدت كذلك جائحة كورونا عبر تصوير طفل يلبس الكمامة، وصنعت مجسمات فنية خاصة بفيروس كورونا.
وتأمل من خلال لوحاتها أن ينتشر فن "الكويلينغ" بشكل أكبر في قطاع غزة، على اعتبار أنه من الفنون المميزة. وقد بدأت بالتجهيز لإعطاء دورات تدريبية مختصة بهذا اللون، إلا أن تعطل الحياة العامة في القطاع بسبب تفشي فيروس كورونا دفعها إلى تأجيل الفكرة.
وتحمل الفنانة الشنطي رسالة إلى كل شخص يمتلك الطموح والشغف والموهبة المدفونة، بأن يسعى من أجل إثبات موهبته وتطوير طموحه، خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من أوضاع سيئة في مختلف المجالات، وتقول "اصنع مهنتك بنفسك حتى تصل إلى هدفك".