ساعاتُ اختِلافنا

18 نوفمبر 2015
بين بيروت وباريس (تويتر/ GETTY)
+ الخط -
ساعات قليلة فصلت بين العمليتين الإرهابيتين في لبنان - برج البراجنة وباريس. ساعاتٌ عبّر خلالها اللبنانيون عن حجم الانقسام بينهم، حتى في موضوع الإرهاب واستهداف المدنيين.

وسائل التواصل الاجتماعي تحولت إلى جبهات حرب، لا تقل خطورتها عن التفجيرات التي حصدت أرواح عشرات المدنيين في الضاحية الجنوبية، خصوصا أنها أظهرت حجم الانقسام وكمية الحقد التي باتت موجودة عند عدد كبير من اللبنانيين.

لعلّ أبرز التغريدات التي أثارت بلبلة على "تويتر"، وأدت إلى سلسلة ردود مستنكرة وغاضبة هي تغريدات عباس الزهري الذي طالب بعد انفجاري برج البراجنة بأن يكون الردّ على التفجيرات بضرب عرسال وذلك عبر وسم "#بدنا_الرد_بعرسال". وأكمل الزهري تغريداته بالقول إن "عرسال يلي قتلوا الجيش عرسال يلي عم يبعتوا التموين والمازوت لداعش عرسال يلي بعتوا لنا السيارات المفخخة بكمل؟"

هذا عدا عن فيديو انتشر على فيسبوك عن إطلاق مفرقعات في منطقة طريق الجديدة التي تعتبر موالية لتيار المستقبل تحت عنوان طريق الجديدة تطلق المفرقعات فرحا بالانفجارين، ليتبين لاحقا وبعد انتشار الفيديو بشكل واسع وإثارته المزيد من الانقسام أن إطلاق المفرقعات كان بسبب زفاف في المنطقة وسرعان ما توقف بعد شيوع خبر التفجيرات. وما أن هدأت الحرب الكلامية عن تفجيري البرج حتى انقسم اللبنانيون على التضامن مع فرنسا.

بعض اللبنانيين قرروا وضع العلم الفرنسي لتأكيدهم على التضامن مع الفرنسيين في وجه الإرهاب، خطوة اعتبرها البعض في غير مكانها خصوصا أن الفرنسيين والعالم لم يتضامنوا مع لبنان واللبنانيين بعد انفجاري الضاحية. إلا أن الخلاف على التضامن كشف مرة جديدة أن الخلاف بين اللبنانيين هو أكبر من علم فرنسا او تأييد لطرف سياسي مقابل طرف آخر.

هي مشكلة الانتماء إلى هذا البلد الذي يعتبر كثيرون أنه لم يقدم لهم شيئا وهذا ما يدفع الكثيرين اليوم إلى تزوير جوازات سفرهم والسفر بطريقة غير شرعية إلى أوروبا للبدء بحياة جديدة والعيش في بلدان تقدم لهم الحد الأدنى من الحقوق.

أظهرت الحادثتان اللتان وقعتا في أقل من أربع وعشرين ساعة أن الخلاف في هذا البلد هو خلاف على كل شيء وفي كل مرة يأخذ عنوانا وشكلا جديدا.

نحن مختلفون على التاريخ، تاريخ بلدنا، مختلفون على اللغة، مختلفون على عدوّنا، مختلفون على أصدقائنا، مختلفون على الإرهاب الذي يصبح مبررًا إذا ما استهدف خصومنا، مختلفون على تسمية الموت بين شهيد وقتيل. وأكثر من ذلك نحن مختلفون عما نريده لهذا البلد، على مستقبلنا ومستقبل أطفالنا.


اقرأ أيضاً: نحن أيضاً ضحايا
المساهمون