مزارعو القمح في سورية يعانون نقصاً في "مازوت السقاية" بعد تراجع حكومة النظام عن وعودها

18 ابريل 2022
جاء قرار بيع المازوت لمزارعي القمح بالسعر الحر نتيجة لعدم توفره (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

                                                                                                           
مع اقتراب جني محصول القمح، يعاني مزارعون في مناطق النظام السوري من عدم توفر مادة "المازوت المدعوم"  لري محاصيلهم رغم وعود حكومة النظام للمزارعين بتوفير كافة مستلزمات إنتاج القمح، ومنها مادة المازوت للعام الجاري 2022. 

وبحسب تقديرات وزارة الزراعة التابعة للنظام، فقد زُرع هذا العام حوالي "مليون ونصف المليون هكتار، أي كامل المساحة المخططة للري، و80% من المساحة المخططة للزراعة البعلية". ورغم اعتماد حكومة النظام على المساحات المروية لهذا العام، إلا أنهَّا لم توفر "المازوت المدعوم" للمزارع لري محصوله. 

وفي التاسع من شهر إبريل/نيسان الجاري، تراجعت وزارة الزراعة عن وعودها بتأمين "المازوت المدعوم" للمزارع بسعر 500 ليرة، وأعلنت عن توفره بالسعر الحر 1700 ليرة، ويتوجب على المزارع التسجيل لدى وحدته الإرشادية خلال 72 ساعة على أن يبدأ التوزيع بعد منتصف الشهر الجاري وفق ما يُؤمن من مادة المازوت. 

لا مازوت مدعوماً

أكثر من 55 دونما زرعها سعيد جابر (42 عاماً) وهو مزارع في حماة وسط سورية، لكنه لم يستطع حتى اليوم تأمين ما يلزمه من مادة المازوت لسقاية محصوله. يقول: "أحتاج لحوالي الألف لتر مازوت كي أسقي محصولي، لكن مخصصاتي بالسعر المدعوم لا تتعدى الــ 200 لتر وهي لا تكفي لسقاية كامل المحصول". 

ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد" أنه "حتى الـ 200 لتر لم نحصل عليها بحجة أنَّ دوري لم يأتِ بعد"، ما اضطره لشراء كميات قليلة من المادة بالسعر الحر بالسوق السوداء (5000 ليرة) لسقاية قسم من محصوله لحين توفر "المازوت المدعوم". 

ويشير سعيد إلى استياء مزارعي منطقة الغاب وسط سورية من قرار وزارة الزراعة بيع المازوت بالسعر الحر الحكومي (1700 ليرة)، وليس كما وعدهم وزير الزراعة في حكومة النظام حسان قطنا بأن يكون سعر اللتر المدعوم (500 ليرة).  

ويخشى المزارع الأربعيني من تأخر حكومة النظام في توزيع مادة المازوت بسعر 1700 ليرة كما حدث العام الماضي 2021، ما يعرضه لخسارة كبيرة في محصوله جراء تضرره وبالتالي خسارته حتى تكاليف زراعة محصول القمح. 

أما خالد زينة (50 عاماً)، وهو مزارع من اللاذقية، فيقول لـ "العربي الجديد": "لم نحصل على أسمدة ولا على مبيدات حشرية خلال العام الحالي، واليوم العائق الأكبر لنا مازوت السقاية. ويضيف: "قرار بيع المازوت للمزارع بالسعر الحر جائر في هذا التوقيت. والمحصول مصاب بـ "آفة العطش" بحسب تعبيره.  

ويشرح زينة الإجراءات الروتينية الصعبة والمعقدة بين الوحدة الإرشادية ومديرية الزراعة وشركة محروقات، والتي تحتاج لجولات وكشوفات على أرض المزارع ومطابقة المساحة المزروعة مع تصريح المزارع من قبل المعنيين. ما يؤخر عملية توزيع المازوت التي ربمَّا لن تأتي إلا بعد انتهاء موعد السقاية. 

وعلى غرار خالد، عانى مزارعو القمح في مناطق النظام من موجات الصقيع التي أثرت على محصولهم ومن ارتفاع أسعار الأدوية والمبيدات والسماد المشتراة من السوق الحر (غير المدعومة)، إضافةً لمعاناة الحصول على مازوت السقاية. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

3 لترات للدونم

وقال مصدر خاص لـ"العربي الجديد" يعمل في مديرية زراعة اللاذقية "إنَّ الكمية المخصصة للمزارع من المازوت المدعوم هي ثلاثة ليترات لكل دونم لغرض السقاية"، وأفاد شرط عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية بـ"أنَّ كميات المازوت المخصصة للمزارعين في حدها الأدنى ولا تغطي كامل المساحات المزروعة". 

وهنا جاء قرار بيع المازوت بالسعر الحر للمزارعين عوضاً عن السعر المدعوم نتيجة لعدم توفره، وهو إشارة واضحة للمزارع كي يؤمن المازوت من السوق السوداء بحسب المصدر الخاص، الذي شدد على أنه "حتى بالسعر الحر البالغ 1700 ليرة الحكومة غير قادرة على توفيره للمزارع". 

وأوضح المصدر أنَّ المزارع الذي استلم مبيدات وأدوية زراعية ومن ثم المازوت سابقاً كتب تعهداً بتسليم محصوله لمراكز تسليم الحبوب الحكومية بعد الحصاد، ما يعني وفقاً للمصدر أنَّ عملية توزيع المازوت يمكن أن تتم عبر قوائم الأسماء الموجودة مسبقاً لدى مديريات الزراعة ولا تحتاج لكل هذا التعقيد.

محصول جيد ولكن

رغم اختلاف مناطق السيطرة على المساحات المزروعة بالقمح ضمن الجغرافيا السورية، إلا أن المحصول جيد وخالٍ من الأمراض في كافة المناطق حتى الآن، بحسب إفادة الدكتورة شعلة أبو خاروف، عضو اللجنة الوطنية للأصداء ومدرّسة في جامعة الفرات. وتضيف أنَّ موجات الصقيع وفقاً للمسح الذي أجرته اللجنة أثرت فقط في المناطق التي شهدت زراعات متأخرة للقمح. 

تقول، أبو خاروف في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "لا إصابات تُذكر بالصدأ في الموسم الحالي، ولكن في حال استمر الطقس حارًا في النهار وباردًا في الليل هناك تخوف على المحصول من الأصداء". دون توضيحها لماهية التخوف.

وتشير الأرقام المتداولة إلى أنَّ مناطق النظام تحتاج إلى مليوني طن من القمح سنوياً لتأمين احتياجاتها من الخبز. تؤمن قسماً منه من إنتاجها المحلي، والآخر عبر الاستيراد من روسيا. وفي وقت سابق توقع وزير الزراعة حسان قطنا إنتاج بلاده للعام الحالي "5 ملايين طن من الحبوب، تغطي نسبة لا بأس بها من الاحتياج الغذائي". 

وفي شهر مارس/آذار الفائت، أعلن  مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة في حكومة النظام السوري أحمد حيدر، تراجع المساحة المزروعة بالقمح في سورية. وقال في تصريحات صحافية إنَّ "الاعتماد الأساسي في محصول القمح للعام الحالي على المساحات المروية ولا يوجد في مساحاتها المزروعة فارق كبير عن العام الماضي، أما البعلية فيوجد انخفاض فيها".
                                                                                                          

المساهمون