موائد الدمشقيين الرمضانية خالية من اللحوم

27 مارس 2023
ارتفاع كبير في أسعار اللحوم (فرانس برس)
+ الخط -

غيّر سوء الحالة الاقتصادية لسكان العاصمةً السورية دمشق، كثيراً من سلوكياتهم الاستهلاكية خلال شهر رمضان، بما يتوافق مع قدرتهم الشرائية التي باتت شبه معدومة، مع الارتفاع الجنوني للأسعار في المدينة.

وأحدث تدهور المعيشة تغييراً واضحاً على ملامح موائدهم الرمضانية، التي طالما كانت توصف بالعامرة، فاستُبدلت أصناف بأخرى، وحُذفت مواد من قائمة استهلاكهم خلال الشهر الكريم، كان في مقدمتها اللحم والدجاج.

وتشهد مدينة دمشق، كسائر المدن السورية، ارتفاعاً كبيراً بأسعار اللحوم بمختلف أنواعها، سواء اللحوم الحمراء، أو البيضاء.

فقد ارتفع سعر كيلو لحمة الغنم الهبرة إلى 110 آلاف ليرة سورية (الدولار = نحو 7500 ليرة)، وهو ما يفوق قيمة راتب شهر كامل، للموظفين في القطاع العام، بنسبة ارتفاع تجاوزت 120% مقارنة بسعره خلال رمضان الماضي. كذلك ارتفع سعر كيلو الفروج ليصل إلى 25 ألف ليرة سورية، ما يعني 50 ألف ليرة قيمة الفروج لوزن 2 كيلو، تحتاجه أسرة صغيرة لإعداد وجبة الإفطار.

ولم تتوقف عاصفة ارتفاع الأسعار، عند اللحوم، بل شملت المواد والاحتياجات الرمضانية كافة، فوصل سعر كيلو الأرز الطويل إلى 18000 ليرة، وسعر كيلو السكر إلى 7000 ليرة.

أميرة عقاد، سيدة دمشقية، ناهزت الأربعين من العمر، وأم لأربعة أطفال، قالت لـ"العربي الجديد": "مرّت علينا سنوات قاسية خلال العقد الماضي، لكن أؤكد أن هذا العام هو الأصعب، لم أعتد أن أبدأ رمضان بطبخة متواضعة كما فعلت هذا العام، للأسف يبدو أنه يجب علينا التأقلم".

وأضافت: "لحم الخروف ليس على قائمة مشترياتنا في هذا الشهر الكريم، فسعر الكيلو الواحد يعادل ثلاثة أرباع الراتب الشهري لزوجي الموظف في إحدى مؤسسات الدولة".

وبتنهيدة امتزجت بابتسامة المتهكم، أردفت عقاد: "محظوظون أولادي إذا رأوا الدجاج هذا الشهر، من الممكن أن يتنازل أبوهم لهم بنصف راتبه ليشتري فروجاً".

لم تتوقف عاصفة ارتفاع الأسعار، عند اللحوم، بل شملت المواد والاحتياجات الرمضانية كافة


من جهته، ردّ مدرس في إحدى ثانويات دمشق، يدعى سامر، على سؤال "العربي الجديد" عن سفرة رمضان هذا العام، قائلاً: "نحن في دمشق لدينا عادة، وهي أننا نحضر أول رمضان طبخات اسمها "الطبخات البيضاء" نستقبل فيها الشهر الكريم، مثل الشاكرية والشيش برك، المكونة من اللحمة واللبن والأرزّ، لكن هذا الشهر، حُرمنا هذه الأكلات، لأن تكلفة طبخة واحدة منها، لعائلة من 5 أشخاص، تحتاج ضعفي راتبي الشهري".
الخبير الاقتصادي يونس كريم، أوضح أن زيادة الضغوط الاقتصادية، على المستهلكين، خلال شهر رمضان خلال السنوات الماضية، كان بسبب ترافقه مع عدة متطلبات أخرى، منها تجهيز احتياجات المدارس، التي كانت تفتح أبوابها متزامنة مع الشهر الكريم.

وأوضح كريم أن عام 2023 مختلف، والوضع الاقتصادي بدأ يأخذ منحىً آخر، ذلك أن انخفاض القوة الشرائية أصبح معترفاً به نسبياً، ولم نعد نسمع وعوداً من حكومة النظام بتحسين الوضع الاقتصادي.

وأردف كريم، قائلاً إن قوانين حكومة النظام، وسياسته المتبعة، فاقمت معاناة المستهلكين، وفتحت أبواباً واسعة للتجار، مثل الاعتماد على الفواتير التداولية، رفع سعر صرف الدولار رسمياً.

وبيّن الخبير الاقتصادي أن السوريين اليوم لا يفكرون برفاهية تناول اللحم أو الدجاج، إنما همهم هو النجاة من المجاعة التي باتت حقيقة اليوم لكثير منهم، ولا سيما الذين ليس لديهم أقرباء في بلاد المهجر.

المساهمون