بنك السودان المركزي يطرح فئات نقدية جديدة لمواجهة عمليات التزوير

10 نوفمبر 2024
لم يحدد البنك تاريخ إيقاف التعامل بالطبعات الحالية، بورتسودان في 23 يوليو 2023 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أعلن بنك السودان المركزي عن طرح فئات نقدية جديدة للألف والخمسمائة جنيه لحماية العملة الوطنية واستقرارها، في ظل تحديات اقتصادية مثل النهب وانتشار العملات غير المطابقة للمواصفات.
- ستستمر المصارف في استقبال العملات القديمة وتسهيل فتح الحسابات المصرفية، بهدف إدخال الكتلة النقدية للنظام المصرفي وتوسيع المظلة الضريبية، مع تفعيل قوانين مكافحة الإرهاب وغسل الأموال.
- رغم تعقيد وكلفة تغيير العملة، هناك دعوات لطباعة فئات أكبر لتقليل التكلفة، لكن القرار يواجه تحديات مثل نقص المصارف وزيادة الطلب على العملات الأجنبية.

قرر بنك السودان المركزي طرح فئة نقدية جديدة للجمهور من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه خلال الفترة المقبلة لحماية العملة الوطنية وتحقيق استقرارها وسعر صرفها. ولم يحدد البنك تاريخ إيقاف التعامل بالطبعات الحالية من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه واعتبارها عملة غير مبرئة للذمة. 

وقال البنك فى منشور السبت، إن "الهدف من طرح العملة الجديدة معالجة الآثار السالبة للحرب الدائرة بالبلاد، لا سيما عمليات النهب الواسعة التي قامت بها المليشيا المتمردة لمقار بنك السودان المركزي وشركة مطابع السودان للعملة في الخرطوم، وما نتج من ذلك من انتشار كميات كبيرة من العملات مجهولة المصدر وغير المطابقة للمواصفات الفنية من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه، الأمر الذي أدى إلى زيادة مستوى السيولة النقدية بشكل واضح، وكان له الأثر السالب على استقرار المستوى العام للأسعار".

وأوضح بنك السودان المركزي أن المصارف التجارية وفروعها ستستمر في تسلّم العملات من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه من المواطنين وتوريدها وحفظها في حساباتهم وتمكينهم من استخدام أرصدتهم عبر وسائل الدفع المختلفة. وستقوم المصارف التجارية، وفقاً لإعلان البنك، بتسهيل عملية فتح الحسابات للمواطنين الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية، لتمكينهم من توريد ما لديهم من العملات من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه والفئات الأخرى للاستفادة من الخدمات المصرفية، بما فيها خدمات الدفع الإلكتروني. 

الفئة النقدية الجديدة من الجنيه السوداني، 9 نوفمبر 2024 (بنك السودان المركزي)
الفئة النقدية الجديدة من الجنيه السوداني، 9 نوفمبر 2024 (بنك السودان المركزي)

وتشهد العملة السودانية تدنياً كبيراً في قيمتها مقابل النقد الأجنبي خصوصاً مقابل الدولار، الذي وصل سعر صرفه إلى أكثر من 2700 جنيه بفعل مضاربات سماسرة العملات الأجنبية بالسوق الموازي واستمرار الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أكثر من عام، توقفت على إثرها الحياة الاقتصادية. 

أهداف بنك السودان المركزي من الفئة النقدية الجديدة

من جانبه، قال أبوعبيدة أحمد، مصرفي سابق، لـ"العربي الجديد"، إن من "الآثار السلبية للحرب في السودان، معدلات التضخم المرتفعة الناتجة من زيادة الكتلة النقدية التي كان 95% منها قبل الحرب خارج النظام المصرفي، ثم اندلعت الحرب في إبريل/نيسان 2023، فزادت معدلات التضخم وتزوير العملة وعمليات النهب والسلب لأموال المواطنين والمصارف في الولايات التي اندلعت فيها الحرب". 

وأضاف أن "طباعة عملة جديدة، محاولة من البنك المركزي لكبح جماح التضخم"، مشيراً إلى أن "التضخم علة وليس ظاهرة، فهو مرض ناتج من خلل في السياسات الإنتاجية والمالية والاقتصادية والنقدية، ولن يكبح بعملية طباعة العملة بشكل جديد". وأكد أن من "إيجابيات طباعة فئة نقدية جديدة، إدخال الكتلة النقدية داخل الجهاز المصرفي وتوسيع المظلة الضريبية، وتفعيل قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال من خلال الربط بين أرصدة العملاء ومصدر الدخل".

وأشار إلى أن من سلبيات القرار الجديد على مستوى الأفراد، أن "عملية الاستبدال تحصل من خلال فتح حسابات مصرفية، وهذه العملية قد تواجهها صعوبة، لأن هناك الكثير من الولايات لا توجد فيها مصارف عملة أو فرع للبنك المركزي". أما على مستوى الاقتصاد الكلي، فأشار أبوعبيدة إلى أن طرح فئة نقدية جديدة "يدق ناقوس الخطر بالتدهور في قيمة العملة الوطنية، وبالتالي تنشط حركة حفظ المدخرات بالعملة الأجنبية، ويضطر الكثير من المواطنين والشركات إلى تحويل مدخراتهم في هذه الفترة إلى عملة أجنبية، وهو ما يؤدي إلى مزيد من تدهور قيمة الجنيه السوداني، فضلاً عن التكلفة العالية لطباعة فئات نقدية جديدة سيُدفَع مقابل طباعتها بالنقد الأجنبي الذي تواجه البلاد فيه شحاً بسبب حالة الحرب".

واقترح المصرفي السابق "طباعة فئات نقدية بقيمة أكبر، كما هو الحال في دول غرب أفريقيا، التي يُعَدّ معدل التضخم فيها أقلّ من نظيره في السودان، فالفئات هناك تبدأ من ألفين إلى 10 آلاف، لأن تكلفة الطباعة واحدة، مع أهمية العمل على إدخال العملة ككل للجهاز المصرفي والسؤال عن مصدر العملة والثروة وربط ذلك بالنظام الضريبي والنشاط الاقتصادي". 

ورغم أن تقديرات حكومية سابقة قالت إن عملية تغيير العملة مكلفة ومعقدة للغاية وتحتاج إلى نحو 600 مليون دولار، لكن إبراهيم البدوي، وزير المالية السابق، أكد أهمية تغيير العملة للتمكن من ضبط السيولة المتداولة خارج المظلة المصرفية، وحذر من الآثار السلبية الكبيرة التي تنجم عن وجود سيولة ضخمة خارج السيطرة.

المساهمون