مزارعو التبغ والزيتون باقون في جنوب لبنان رغم الخسائر

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
21 اغسطس 2024
مزارعون على خط النار جنوبي لبنان.. باقون رغم الخسائر والمعاناة
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان أدى إلى أضرار واسعة، حيث تضررت 1700 هكتار من الأراضي و40 ألف شجرة زيتون و340 ألفاً من الطيور والدواجن والماشية، مما أفقد 72% من المزارعين مصادر دخلهم.
- فضيلة سويف، مزارعة من كفرصير، تعاني من تكاليف زراعة التبغ والأضرار الناجمة عن الفوسفور الأبيض، لكنها تواصل الزراعة رغم التحديات.
- مزارعو الزيتون يعانون من خسائر كبيرة بسبب القصف والأزمة الاقتصادية، مع غياب الدعم الحكومي، مما يزيد من معاناتهم.

تسبب القصف الإسرائيلي على مناطق جنوب لبنان في أضرار واسعة، إذ بلغت مساحة الأراضي المتضرّرة في القرى الحدودية نحو 1700 هكتار (الهكتار يعادل عشرة آلاف متر مربع) وفق أحدث أرقام صادرة عن وزارة البيئة، وتضرّرت 40 ألف شجرة زيتون، و340 ألفاً من الطيور والدواجن والماشية، في حين خسر 72% من المزارعين مصادر دخلهم وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو"، مع تضرّر المواسم الزراعية، خاصة التبغ والزيتون، واللذان يعتمد عليهما الكثير من الأهالي، ومع ذلك فإن الكثير منهم لا يفكرون بالمغادرة.

منذ بدء العدوان الإسرائيلي، تعيش فضيلة سويف، في كفرصير قضاء النبطية، معاناة على صعيد زراعة التبغ قائلة لـ"العربي الجديد": "الموسم مكلف ومتعب. لا يمكن أن نتوقف عن الزراعة على الرغم من الحرب وأصوات كسر جدار الصوت والمسيّرات والاغتيالات، فنحن أصحاب الأرض، والشتلة هي حياتنا".

لا تخفي سويف أن "الوضع هذا العام صعب للغاية في ظلّ التكاليف المرتفعة للمواد، مثل الأدوية والأسمدة وغيرها، هذا إن توفّرت كلّها في السوق، عدا عن الأضرار الناجمة عن استخدام العدو الإسرائيلي الفوسفور الأبيض لتلويث الأراضي وتدمير المحاصيل، ما قد يؤثر علينا لفترة من الزمن. الموسم يبدأ في شهر فبراير/شباط، ويمتد لنحو تسعة أشهر، وبالطبع كان الموسم الماضي أفضل، وأقل تكلفة، بعكس الحال هذا العام، إذ إن هناك صعوبات في إيجاد كل المواد التي نحتاجها، عدا عن ارتفاع أسعارها. جميع المزارعين يعانون، والعديد منهم لم يتمكنوا من زراعة أرضهم بسبب التكلفة الكبيرة".

وتشير إلى أنّ "الشتلة بحاجة إلى عناية ودعم، فهي تعيل المزارعين وعائلاتهم، وبالتالي كانت الخسائر كبيرة، ولم تصلنا أي مساعدات، بل نتدبّر أمر أنفسنا بأنفسنا، وقد تصل بعض المساعدات في وقتٍ لاحق، لكن حتى الآن لم نحصل على أي شيء".

ويبلغ إنتاج الجنوب من التبغ أربعة آلاف و627 طناً بحسب أرقام إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية، وهو الرقم الأكبر مقارنة بالمحافظات الأخرى، في حين تستفيد نحو 25 ألف عائلة من إنتاجه.

بدورهم، يعيش مزارعو الزيتون نكبة حقيقة في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي أثرت على الأسعار، وأشهر الحرب التي فاقمت معاناتهم وسط غياب تام للدعم الحكومي، مع الإشارة إلى أن القصف الإسرائيلي أدى إلى احتراق عشرات الآلاف من أشجار الزيتون والسنديان وأشجار أخرى مثمرة.

وتتوزع زراعة الزيتون في جنوب وشمال لبنان، ويُعدّ قطاع الزيتون جزءاً من الهوية اللبنانية، وفي مناطق الجنوب طاول قصف الاحتلال الإسرائيلي عدداً كبيراً من الأشجار، وتغطي بساتين الزيتون نحو 23% من إجمالي المساحة الزراعية، وهي مسؤولة عن نحو 7% من إجمالي الإنتاج الزراعي، بينما يوفر المحصول دخلاً لنحو 110 آلاف عائلة، ويقدر معدل الإنتاج الوطني من الزيتون بنحو 83.2 ألف طن سنوياً بحسب أرقام وزارة الزراعة.

يتحدث علي أحمد ريحان، من كفرصير في النبطية، عن خسائر بالملايين طاولت مزارعي الزيتون في القرى الجنوبية، وأن الحكومة "تاركة المزارعين، ولا أحد يسأل عنهم أو يعوّض خسائرهم". ويقول لـ"العربي الجديد": "موسم الزيتون يبدأ في أكتوبر/تشرين الأول، ويستمرّ حتى أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، ويحتاج إلى تعب وجهدٍ ومواد عدة، لكن المواد باتت مكلفة، واليد العاملة أيضاً، وبالتالي ارتفعت كل التكاليف، ما يدفعنا إلى العمل بأيدينا، ومع ذلك فالخسائر كبيرة، ولم تصل أية مساعدات للمزارعين، حتى أن الدولة لا تستلم منا الزيت على سبيل الدعم".

ويشير ريحان إلى أنّ "المزارع يتدبّر أمره بنفسه، ولديه اكتفاء ذاتي، وهو بالطبع لا يعيش حياة كباقي المواطنين، لكنه يزرع أرضه، ويأكل منها، ويحاول قدر المستطاع البقاء فيها، وتأمين أبسط حاجيات الصمود، فالفلاح للأسف ليس كبقية الناس، ولا أحد يسأل عنه. سعر تنكة الزيت مثلاً فاق 100 دولار بسبب الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد خلال الأعوام الماضية، وارتفاع التكاليف عامة، خصوصاً المازوت والكهرباء وأسعار المولدات، ثم ارتفعت الأسعار مجدداً بسبب الأوضاع الأمنية الحالية، كل هذا يؤثر تلقائياً على حركة البيع التي تراجعت، فلم يعد أحد قادر على دفع ثمن التنكة، لذا زادت الخسائر، وبات وضعنا أسوأ".

ويؤكد ريحان: "في الموسم الماضي لم نقطف الزيتون، وهذه السنة الزيتون متضرّر، وقد يكون ذلك بسبب الطقس أو القصف الإسرائيلي، عدا عن أن الفوسفور الذي يطلقه الاحتلال يؤثر كثيراً على الأشجار، وقد يستمر هذا التأثير لعامين مقبلين، كما أن المواطنين يخشون شراء الزيتون لتخوّفهم من آثار الفوسفور".

ذات صلة

الصورة
مجزرة عين يعقوب في عكار شمالي لبنان 12/11/2024 (عمر إبراهيم/رويترز)

سياسة

تهيمن الصدمة والغضب على السكان، في بلدة عين يعقوب الواقعة في أقصى شمال لبنان، فيما يواصل مسعفون البحث بأيديهم بين أنقاض مبنى كانت تقطنه عائلات نازحة.
الصورة
دبابة إسرائيلية على حدود لبنان من جهة الناقورة، 13 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

اشتدت حدة المواجهات البرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان مع دخول المعارك شهرها الأول من دون أن تتمكن إسرائيل من إحكام السيطرة.
الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
غارة جوية على قرية الخيام جنوب لبنان، 3 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

يكثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي من سياسة تدمير المربعات السكنية ونسفها في جنوب لبنان على غرار الاستراتيجية التي يعتمدها في غزة منذ بدء حربه على القطاع
المساهمون