تستمر ظاهرة الغش التجاري للذهب في الأسواق اليمنية بالتوسع مع اتجاه العديد من التجار ورجال الأعمال للاستثمار في المعدن النفيس كملاذ رئيسي، بسبب ما تعيشه اليمن من تدهور اقتصادي وانهيار متواصل في العملة المحلية بفعل الحرب والصراع الدائر في البلاد منذ أكثر من ثمانية أعوام.
وفي الوقت الذي توجه فيه الاتهامات للجهات العامة الرقابية المختصة بالتقصير والإهمال وعدم القدرة على مكافحة الذهب المغشوش في الأسواق اليمنية، تؤكد هذه الجهات المتمثلة بوزارة الصناعة والتجارة وهيئة المواصفات والمقاييس الحكومية وجمعية حماية المستهلك، أنها كثفت خلال الفترة الماضية حملاتها الميدانية على محال بيع وشراء مصوغات الذهب في عدد من المدن والمناطق في عموم المحافظات اليمنية، وذلك بهدف التأكد من العيارات ومدى الالتزام في التعامل مع الورش المعتمدة والمرخصة، إضافة إلى سحب عيّنات للتأكد من مدى مطابقتها للمواصفات.
وبحسب مسؤول في الهيئة العامة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، فإنّ مثل هذه الحملات تهدف كذلك إلى سحب عيّنات من الذهب للتأكد من عياراتها القانونية، ومعاينة الموازين الإلكترونية التابعة للصاغة، مؤكداً على ضرورة التزام القطاع التجاري ومحال الصاغة وبيع الذهب بإجراء التحقيق والمعايرة لأجهزة وأدوات القياس بشكل دوري.
وتبين الجمعية اليمنية لحماية المستهلك أنّ هناك تفشياً للغش في الذهب من فترة طويلة بطرق متعددة في اليمن كظاهرة لا تقتصر على الأسواق المحلية بل مشكلة عالمية تشتكي منها جميع الدول، خصوصاً الخليجية التي يعتمد عليها جزء كبير من الواردات اليمنية من المعدن النفيس.
ويفسّر رئيس الجمعية فضل منصور، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، أنّ اليمن يستورد المصوغات الذهبية من الخليج، والتي تدخل البلاد دون خضوعها للفحص ولم توضع عليها معيار الدمغ، إذ ظهرت حالات غش عديدة سواء بالخلط بالنحاس أو بإضافة معادن غير مسموح بها، وكذلك بيع الذهب مع الفصوص العادية وغش المستهلك بالقيمة.
ويشير إلى قيام الجمعية وجهات حكومية أخرى كالهيئة العامة للمواصفات والمقاييس، بحملات توعية استهدفت تجار ومستوردي الذهب والصاغة والمعامل، وتم إلزامهم بوضع الدمغات ومعايرة الذهب قبل البيع بهدف الحد من الغش، وكذلك إصدار التعاميم وضبط الموازين، ووضع دمغها من قبل كل صائغ على مشغولاته ومصوغاته، بهدف الحد من الغش وحماية المستهلك.
كما تضمن دليل المستهلك اليمني الذي أصدرته الجمعية، وفق منصور، مجموعة من الإرشادات التوعوية حول طرق شراء الذهب والتأكد من الوزن الصافي في حال وجود فصوص غير ذي قيمة على الذهب وغيرها من الإرشادات.
وتبدي الجهات الحكومية المختصة بالمواصفات والمقاييس وضبط الجودة استعدادها لتسهيل الإجراءات في عمليات الفحص والحصول على التراخيص وفقا للإجراءات الفنية والقانونية.
الخبير في أنظمة الجودة رفيق مصلح، يوضح لـ"العربي الجديد"، أنّ طرق الغش في الذهب تطورت كثيراً في بلد مثل اليمن الذي ساهمت الحرب في بروز المعدن النفيس كملاذ استثماري رئيسي بعد انهيار العملة المحلية وتجزئتها وانقسام المؤسسات العامة النقدية.
ويشرح أنّ الطريقة الأكثر انتشاراً تلك التي يتم فيها خلط الذهب بمواد نحاسية، بحيث تقل نسبته عن المعيار الحقيقي المعروف بعيار 21، لافتاً إلى ضعف إمكانيات الأجهزة الرقابية الحكومية التي يفوق استفحال الغش في الذهب قدراتها على مكافحته.
وتفتقد الجهات الرقابية المختصة لأجهزة متعددة لفحص الذهب تُسرع من عملية فحص العينات بكل شفافية، وإنجاز عمليات الفحص، وإظهار النتائج بوقت محدد لمنع أي إعاقة لحركة التداول ووتيرة العمل في عمليات الفحص.
ويؤكد تجار ومتعاملون في أسواق الذهب اليمنية، أنها تعتمد بشكل رئيسي على الخارج في صناعة الذهب كالسعودية والبحرين ودبي، وهناك تراجع واضح لعملية صناعته محلياً.
بدوره، يشدد المختص في صناعة الذهب فكري العريقي، في حديثة لـ"العربي الجديد"، على أهمية نشر وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية القياس والكيل والوزن والعمل على جودة القياس والمعايرة، إضافة إلى عملية المعايرة المجانية لأدوات القياس والكيل والوزن في المنشآت ومحال بيع الذهب وورش الصاغة، إذ يسري نظام محصور في أوساط محال بيع الذهب يتعلق بأوزان المجوهرات عند البيع تختلف عن الشراء بالذات فيما يتعلق بخرز المعادن الأخرى المضافة، والتي لا تدخل في الوزن عند الشراء بعكس عملية البيع.