لم يتعاف سوق الذهب تماما في المغرب من تداعيات الأزمة الصحية العالمية، فما زالت أجواء الركود تخيم عليه في ظل انصراف الأسر عنه إلى تأمين أساسيات الحياة في الأعوام الأخيرة.
ولا يشجع ضعف الطلب على الذهب في المغرب وتشديد التدابير المرتبطة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب على انتعاش سوق كبير للغش في الذهب في الأسواق المغربية.
وشدد عبد الله بلهري، عضو جمعية صائغي الذهب بالرباط وعضو الفيدرالية الوطنية للصاغة، على أن الأسر في الظروف الحالية تسعى إلى تأمين حاجياتها الأساسية.
وأضاف بلهري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن سوق الذهب يشهد بعض الركود في الفترة الحالية، رغم الانتعاشة الطفيفة التي سجلت في العام الماضي، مقارنة بالعامين اللذين شهدا انتشار الفيروس وما واكب ذلك من تدابير احترازية.
وشهد العام الماضي بعد تخفيف تلك التدابير عودة الأعراس التي تنشط عادة سوق الذهب، غير أن ضعف القدرة الشرائية الناجمة عن تراجع الإيرادات أثرت على ميل الأسر لشراء الذهب.
وقفزت أسعار الذهب من 10 دولارات للغرام الواحد قبل ستة عشر عاما لتصل إلى 20 دولارا، وتنتقل إلى 35 دولارا، قبل خمسة أعوم، ثم تنهي العام المنصرم عند حوالي 44 دولارا، هو سعر قد يصل إلى 60 دولارا بعد إضافة النقوش والأحجار الكريمة.
ويسود في السوق المغربية الذهب من عيار 18، الذي يضم 75 في المائة من الذهب الخالص و25% من الفضة والنحاس ومزيج أبيض أو أحمر أو أصفر، حيث يجري التأشير عليه من قبل إدارة الجمارك عبر ختم يميزه.
ويشير بلهري إلى أن الصاغة يعمدون لتوفير الحلي الذهبية إلى استعمال الحلي القديمة، التي يتم تذويبها وعرضها على خبير يسمى بـ"الذواق"، الذي يقيس مدى مطابقتها للعيار المعمول به في المغرب، قبل إخضاعها للفحص من قبل إدارة الجمارك التي تكون تأشيرتها ضرورية قبل الشروع في التصنيع.
ويؤكد على أن تصنيع المجوهرات خاضع لمراقبة دقيقة، سواء تم ذلك داخليا أو عبر التصنيع في الخارج، أو حتى الاستيراد، حيث إن هناك حرصا كبيرا على الامتثال للوائح تتناول المطابقة للمعايير المعمول بها في المغرب.
ويشير الصانع التقليدي للحلي عبد القادر شهيد إلى أن الطلب على الذهب الذي تراجع في ظل توجيه الأسر مدخراتها لشراء مساكن أو سيارات أو تعليم الأبناء لا يبرر الغش، علما أن الأسر اعتادت على اقتناء الحلي من عند تجار نسجت معهم أواصر ثقة على مدى سنوات.
ويذهب شهيد إلى أن العديد من التجار في السوق يضطرون إلى تقليص هوامش أرباحهم، خاصة أن الذهب لم يعد يشكل ملاذا تدخر عبره الأسر أموالها، ما دامت تستثمر في تأمين مساكنها وضمان تعليم يليق بما تريده لأبنائها.
ويقدّر أن حوالي 20 في المائة من الحلي المصنوعة من الذهب يتم استيرادها، بينما الباقي يتم تأمينه عبر تذويب حلي قديمة وإعادة تصنيعها كي توافق طلبات الزبائن، مضيفا أن هذا الوضع يجعل الذهب الرائج في السوق لا يزيد بوتيرة كبيرة.
وتعتبر تجارة الحلي والمعادن النفيسة من الأنشطة التي تخضع لمراقبة صارمة في الفترة الأخيرة من السلطات المعنية بخروج المغرب من اللائحة الرمادية المرتبطة بمكافحة غسل الأموال ومحاربة الإرهاب.
ويترقب المغرب الخروج من تلك اللائحة في شهر مارس/آذار المقبل، بعد زيارة خبراء من منظمة العمل المالي الدولي، الذين سيقفون على أرض الواقع على التدابير التي اتخذها المغرب من أجل رفعه من تلك اللائحة.
وقد قررت السلطات المغربية قبل عامين أنه يتوجب على كل تجار المجوهرات والمعادن النفيسة عندما تتجاوز قيمة عملية البيع 15 ألف دولار أن يخبروا السلطة المعنية بذلك عندما يكون الأداء نقدا.
ويتوجب على التجار في هذه الحالة الحصول من الزبون على كل المعلومات الخاصة برقم بطاقته الوطنية ورقم هاتفه وعنوان مقر إقامته، وإخبار السلطات بذلك في حالة الشك.