أعلن العديد من شركات الطيران الاقتصادي الأوروبية، بما فيها "ريان إير" و"يورو وينغز" و"كوندور"، عن توجه للحد من الخدمات المقدمة من جانبها في عدد من المطارات الألمانية، بإلغاء المئات من عروض رحلاتها الجوية، وتقليص بعضها الآخر، مع شطب 1000 رحلة من هامبورغ عام 2025، بسبب الرسوم والضرائب المرتفعة.
وشملت الرسوم المفروضة الهبوط والإقلاع، وتكاليف انتظار الطائرات في المطارات، والتي أصبحت مرتفعة مقارنة بنظيراتها في المطارات الأخرى. ودفعت هذه الإجراءات بأحزاب المعارضة والخبراء والقائمين على قطاع صناعة السياحة في ألمانيا لدق ناقوس الخطر لأن الضرر طويل المدى لألمانيا أصبح وشيكاً.
وأمام ذلك، حذر كارستن شبوهر، رئيس مجموعة لوفتهانزا، الشركة الام لـ"يورو وينغز" الاقتصادية، في تصريحات صحافية، من تبعات تخفيض رحلات الطيران الاقتصادي من ألمانيا، مشيرا إلى أن المزيد من شركات الطيران أضحت تتجنب المطارات الألمانية أو تلغي خطوط مهمة للرحلات.
وفي خضم ذلك، خفضت شركة راين إير رحلاتها بنسبة 60% في ألمانيا، وباتت تتجنب تماما مطارات دورتموند ولايبزيغ ودريسدن. أما شركة كوندور فعمدت لتخفيض رحلاتها من الطيران الاقتصادي إلى هامبورغ بنسبة 13%، ونقلت وجهاتها إلى دول مثل إسبانيا واليونان. وانتقدت جمعيات الصناعة تعريض القدرة التنافسية للمطارات الألمانية، بحكم أن شركات الطيران الاقتصادي ستعتمد مطارات أخرى في الخارج، بسب التكاليف الباهظة.
وأوضح الباحث نيكلاس كروغر، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن من بين المشاكل الرئيسية ضريبة الحركة الجوية التي تمت زيادتها بنسبة 25% في الأول من مايو/أيار، ما بين 15.53 يورو على الاقل و70.83 يورو بحسب مسافة الرحلة، ورسوم مراقبة الحركة الجوية، وما يسمى برسوم أمن الطيران، والتي يتم فرضها على فحص الركاب وأمتعتهم اليدوية في المطارات، فضلا عن رسوم الإقلاع والهبوط من المطارات واللوائح البيئية الجديدة من الاتحاد الأوروبي وغيرها، والمتعلقة بغاز الكيروسين المنتج بشكل مستدام.
وقال: "كل ذلك من أجل استخدام الإيرادات المرتفعة لسد الثغرات في الميزانية"، مشيرا إلى أنه، ووفق البيانات، سيتم عرض رحلات بسعة 115.7 مليون مقعد من وإلى ألمانيا، اعتبارا من سبتمبر/أيلول 2024 وحتى نهاية فبراير/شباط 2025. وأردف أن ألمانيا تتخلف وبوضوح أمام العديد من الدول الأوروبية في هذا المجال.
وفي غضون ذلك، يفترض اتحاد المطارات الألمانية أن التكاليف في ألمانيا أعلى بثلاثة اضعاف تقريبا من السعر المتوسط في دول الاتحاد الأوروبي. وقال رئيس الرابطة الفيدرالية لصناعة السياحة الألمانية سورين هارتمان مؤخراً إن ذلك يعتبر إشارة انذار ويهدد بإضعاف البلاد بشكل كبير كموقع سياحي، معتبراً أن ذلك يعد نتيجة للقرارات السياسية وصمت المسؤولين، ويشير إلى أن الرحلات الجوية ببساطة لم تعد جديرة بالاهتمام.
وتصل تكلفة إقلاع طائرة إيرباص "ايه 320" في رحلة متوسطة المدى في المطارات الألمانية لنحو 3500 يورو، مقارنة بنحو 1300 يورو في البلدان المجاورة، في حين أنه في رحلة بعيدة المسافة، يمكن أن تتخطى الرسوم أربعة أضعاف نظيرتها في مواقع أخرى منافسة.
وأمام ما تقدم، دعا رئيس الاتحاد الفيدرالي الألماني لصناعة الطيران ينس بيشوف السياسيين لاتخاذ إجراءات لجعل رحلات الطيران أرخص مرة أخرى في البلاد. ويبين بيشوف، الذي يشغل أيضا منصب رئيس شركة يورو وينغز التابعة لمجموعة لوفتهانزا، ضرورة أن تظل الأسعار معقولة، مشددا على أهمية إلغاء ضريبة الطيران، كما وتخفيض الحد الأقصى لرسوم الفحوصات الأمنية، "لأن تأثير الزيادات الإضافية في التكاليف كبير على الطلب، ما سينتج عنه رحلات جوية أقل وأخرى خاسرة، ناهيك عن أن شركات الطيران ستتحول إلى مسارات أخرى"، وفقاً لقوله.
مقترحات بديلة
وفي وقت يعتبر حزب المستشار أولاف شولتز الاشتراكي الديمقراطي أن الزيادات المقررة ضرورية لتغطية تكاليف المطارات، طالب الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض بتصحيح الأخطاء على الفور، وتجميد التعديلات بأسرع وقت ممكن، خدمة لقطاع صناعة السياحة، وللمساهمة في خفض تكاليف مواقع السفر الجوي من ألمانيا، لتخفيف معاناة منظمي الرحلات والفنادق ومقدمي خدمات الترفيه، الذين عانوا في الفترة الأخيرة.
وحيال ذلك، تقدمت كتلة الحزب في "بوندستاغ" بالعديد من المقترحات، وأهمها ما يتعلق برسوم أمن الطيران، التي يتم فرضها على تفتيش الركاب والأمتعة، وفقا لقانون أمن الطيران، فضلا عن تلك التي تفرض على رسوم مراقبة الحركة الجوية عند الإقلاع، وتعتمد على الحد الأقصى للوزن.
واعتبر كريستوف بلوس، من الحزب المسيحي الديمقراطي، أن تقليص عدد الرحلات سيؤدي إلى زيادة هائلة في التكاليف، الأمر الذي سينتج عنه عواقب على الاقتصاد والركاب. وقال: "من غير المقبول أن تجعل الضرائب التي فرضها الائتلاف الحاكم العطلات لمئات الآلاف من المواطنين أكثر تكلفة، ولا يمكن تحملها بسبب السياسات الفاشلة، في وقت تتحول فيه أزمة الطيران إلى قضية اجتماعية".
وحذرت اتحادات شركات الطيران من أن التكاليف التي تنشأ فقط داخل الاتحاد الأوروبي تمنح المنافسين غير الأوروبيين مزايا سعرية خاصة، وقال مسؤولون: "بدلا من الطيران من فرانكفورت أو ميونخ مثلا، سيسافر الناس عبر إسطنبول ودبي والدوحة".