الليبيون يدفعون ثمن الحرب... والذهب الأسود يفقد بريقه

04 أكتوبر 2022
ارتفاع التضخم يرهق معيشة المواطنين (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

يواصل الليبيون دفع أثمان باهظة على المستوى الاقتصادي والمعيشي، بسبب استمرار الاضطرابات العسكرية والأمنية وتصاعد الصراعات السياسية.

وخيّمت أجواء الحرب مرة أخرى على ربوع ليبيا، بعد أن اختلف الفرقاء الذين توحدوا لفترة بسيطة ثم عادوا للانقسام مجدّدا بين حكومة الوفاق الوطني برئاسة عبد الحميد الدبيبة المعترف بها دوليا، وحكومة فتحي باشاغا التي يساندها البرلمان.

وستبلغ كلفة الصراع في الفترة ما بين 2021 إلى 2025، وفقاً لتقديرات سابقة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا"، نحو 465 مليار دولار، إن لم يصل الليبيون إلى اتفاق سلام.

يأتي ذلك، وسط تصاعد وطأة الصراعات المسلحة التي دمّرتها منذ اثني عشر عاما، ما خلّف آثاراً عميقة على الاقتصاد، خاصة ثروات الذهب الأسود، إذ جاءت في فوهة هذه الأزمات، حيث خسرت البلاد إيرادات ضخمة بسبب إغلاقات الموانئ والحقول النفطية، وعدم استغلال طفرة أسعار الخام العالمية خلال الفترات الماضية.

وفي هذا السياق، أعرب أستاذ الاقتصاد في عدد من الجامعات الليبية أحمد المبروك أن استمرار الصراعات في ليبيا وعدم الاستقرار السياسي يعني استنزاف الأموال، مشيراً إلى أن الاحتياطيات من النقد الأجنبي وصلت إلى النصف.

وأوضح المبروك، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المؤشرات الاقتصادية بالمقارنة بين عامي 2010 و2021 تسير إلى التراجع، خاصة ما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي والإيرادات النفطية والقوة الشرائية للدينار، مع مدن منكوبة تحتاج إلى إعادة الإعمار.

وأكد أن استمرار الصراع المسلح وعدم وجود حل نهائي له، يعني طلب القروض من المؤسسات المالية الدولية، مشددا على ضرورة تحييد الجانب الاقتصادي عن أدوات الصراع.

كما أشار المحلل الاقتصادي بشير مصلح إلى "معاناة ليبيا من نزيف الدم والأموال، فالخسائر المالية ثقيلة على البلاد، ولا يوجد بصيص أمل وسط صراع حكومتين متنافستين على إدارة شؤون البلاد".

وأضاف، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "هناك زيادة خفيفة حدثت لمشاريع التنمية، خلال العام الماضي، ثم توقفت في 2022 بسبب عدم وجود موازنة عامة، مشيرا إلى أن أي مشاريع استثمارية تحتاج إلى الأمن، ولكن البلاد تعاني من فوضى وصراع مسلح بين الفينة والأخرى على حساب الخزانة العامة.

وأضاف أن الدين العام وصل إلى 260% من الناتج المحلي الإجمالي ويقدر بـ135 مليار دينار (الدولار = 4.93 دنانير)، مع أن المدن المتضررة من الحروب المستمرة لم تعوض منذ عام 2011، مشيراً إلى تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين.

عرب أستاذ الاقتصاد في عدد من الجامعات الليبية أحمد المبروك أن استمرار الصراعات في ليبيا وعدم الاستقرار السياسي يعني استنزاف الأموال

ووفقاً لبيانات رسمية، فقد ارتفعت معدلات التضخم خلال الربع الأول من العام الجاري إلى 4.9% والثاني 5.3%، من 2.4% و1.3% في الفترة المماثلة من العام الماضي على التوالي.

ومن جانبه، رأى المحلل المالي محمود سالم أن الأرقام بشأن تكلفة الصراع في ليبيا مفزعة والحكومات المتعاقبة لم تقرأ المعطيات الاقتصادية، مشيراً إلى أن البلاد ستعاني منها لعدة سنوات مقبلة.

وعانى قطاع النفط من إغلاقات للحقول والموانئ النفطية المصدر الرئيسي للعملة الصعبة، مما تسبب في خسائر مالية وتسويقية وصلت إلى 260 مليار دولار، حسب رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، مصطفى صنع الله.

وقال المحلل الاقتصادي عبد الحكيم عامر غيث، لـ"العربي الجديد"، إن بداية الصراع في ليبيا كانت عبر الابتزاز بقفل الطرقات ثم تطور إلى الحقول والموانئ النفطية، وأصبحت أداة للصراع في البلاد والمساومة على الأموال دون النظر في عواقب الأمور.

وأنفقت ليبيا 29.5 مليار دولار على الجانب العسكري لقطاع وزارة الدفاع خلال الفترة ما بين 2012 و2020، وفقا لتقارير ديوان المحاسبة الحكومي (أعلى سلطة مالية رقابية) باستثناء مصروفات قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وأكد محافظ المصرف المركزي الموازي في البيضاء، على الجبري، في تصريحات صحافية، أن مجموع ما صرف لقوات حفتر خلال السنوات السابقة يقدر بـ6.4 مليارات دولار.

المساهمون