عانى السودان من الحروب والنزاعات الأهلية التي تسببت في إعاقة معظم خططه الاقتصادية، وكانت لها تداعيات سلبية على الاقتصاد والأوضاع المعيشية، وتسببت في إهدار ثروات وموارد البلاد.
وبدأ خبراء يربطون بين أزمات السودان المناطقية "الداخلية" وبين ثروات في تلك المناطق تمثل مطمعا لأطراف خارجية.
أطماع خارجية
ويقول الخبير الاقتصادي محمد الناير إن "أكثر الصراعات والحروب هي في القارة الأفريقية، والتي تمتلك موارد طبيعية ضخمة، الأمر الذي يثير شكوكا حول دور الدول المتقدمة في تلك الصراعات لمنع دول القارة من الاستفادة".
وأشار إلى ظهور الصراع في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، إضافة إلى معضلة دارفور، وكلها صراعات استنزفت موارد السودان وتعطلت المشروعات التنموية لصالح الإنفاق العسكري، وهو ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم وخروج مناطق النزاعات من دائرة التنمية.
ويقول الناير إن "فاتورة السلام قد تزيد عن فاتورة الحرب وإن ارتفعت قيمتها، ولكنها ستحقق تنمية"، مشيرا إلى أن "فقدان المورد البشري يعتبر مشكلة السودان الكبرى طيلة السنوات، إلى جانب ضعف اتفاقيات السلام، مما يجعل البلد في حالة اللاسلم واللاحرب".
وأكد المتحدث ذاته أن ميزانية الدفاع كانت تتراوح سابقا بين 20 إلى 30% من نفقات الموازنة، بينما تبلغ حاليا 570 مليار جنيه (نحو مليار دولار)، وتمثل نحو 16-18% فقط من نفقات موازنة 2022.
خسائر تنموية
ويقول الاقتصادي الفاتح التوم إن النزاعات الأهلية تسببت في الحيلولة دون نهوض السودان رغم موارده الهائلة، والتي تتطلب السلام والاستقرار السياسي لتحقيق الاستغلال الأمثل لها.
ووفقا للبنك الدولي فإن السودان "يعتبر واحدا من أفقر دول العالم، حيث عانت من الصراع وعدم الاستقرار والعزلة الاقتصادية طوال تاريخها تقريبًا منذ عام 1956، بلغت ديونه نحو 50 مليار دولار كما أن دخل الفرد يبلغ نحو 590 دولارًا فقط في السنة مما يجعلها واحدة من أفقر دول العالم".
ويرى التوم أن خسائر النزاع في دارفور وحدها قدرت بنحو مائة مليار دولار خلال عشر سنوات، مشيرا إلى أن إجمالي خسائر السودان جراء الحروب والنزاعات في جنوب السودان ودارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق تقترب من 500 مليار دولار، منها ما هو إنفاق مباشر، ومنها ما هو فقدان فرص، ومنها تدمير لموارد ومنشآت عامة وممتلكات خاصة.
وأشار التوم إلى أن ما تعيشه السودانيون اليوم من ضيق في المعيشة وارتفاع في الأسعار وزيادة في الاستيراد رغم الموارد المتوفرة لديه سببها النزاعات التي استمرت لعقود.
وأكد أن هذه النزاعات أدت إلى "هروب كثير من الأموال والأفراد من مناطق النزاع إلى المدن الكبرى، وهو ما رفع من معدلات البطالة والفقر ونقص الخدمات"، مبرزا أن "التنمية تتطلب وقف نزيف الدم الذي يحدث بين المكونات السودانية قبلية ومناطقية".