العراق يلاحق العمالة الأجنبية غير المرخصة: تفاقم البطالة

01 ديسمبر 2022
زيادة كبيرة في أعداد العاطلين من العمل (فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت وزارة الداخلية العراقية مطلع الأسبوع الحالي، إلقاء القبض على 85 أجنبياً قالت إنهم مخالفون لنظام العمل والإقامة في البلاد، وذلك في أحدث حملة للسلطات الأمنية تجريها بالتنسيق مع وزارة العمل لمطاردة الأجانب العاملين بشكل غير مرخص في البلاد.
وتتهم السلطات العراقية شركات ومكاتب أهلية باستقدام العاملين، وأغلبهم من جنسيات آسيوية للعمل في العراق، وإدخالهم سوق العمل بأجور تنافس العمالة المحلية.
ودعت الداخلية العراقية في بيانها إلى عدم إيواء الأجانب المخالفين لقانون العمل والإقامة، والإبلاغ الفوري عن أماكن وجودهم، حفاظاً على المصلحة العامة.
مشكلة العمالة الأجنبية غير المرخصة في البلاد، تتزايد ليس في العراق فحسب، بل في محافظات عدة من البلاد، ويعود ذلك إلى تفضيل صاحب العمل العمالة الآسيوية على المحلية، بسبب قلة الأجور وزيادة ساعات العمل.

دعت الداخلية العراقية في بيانها إلى عدم إيواء الأجانب المخالفين لقانون العمل والإقامة، والإبلاغ الفوري عن أماكن وجودهم،

والسبت الماضي، أعلنت السلطات في البصرة، القبض على 34 أجنبياً مخالفاً لقانون الإقامة. فيما أعلنت شرطة نينوى منتصف الشهر الحالي، القبض على 16 أجنبياً يعملون في مهن مختلفة بشكل غير مرخص ولا يملكون إقامة رسمية، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.

إقامة غير قانونية
المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، خالد المحنا، أكد لـ"العربي الجديد" عدم وجود أرقام محددة لأعداد المخالفين الكبيرة للقانون من الأجانب الذين يعملون داخل الأراضي العراقية، لأن دخولهم حصل بصورة غير شرعية.
وأوضح المحنا أن العمالة الأجنبية غير الشرعية أثرت كثيراً في المجتمع، لتسببها بتردي سوق العمل في العراق، ما يزيد من مشكلة البطالة.

وبيّن أن وزارته شنّت حملة واسعة لضبط العمال الأجانب الذين دخلوا الأراضي العراقية، واستمرت إقامتهم بشكل غير قانوني، فضلاً عن المساءلة القانونية وفرض الغرامات المالية بحق أرباب العمل، وتسفير الأجانب المخالفين الذين يُلقى القبض عليهم.
وفي العراق يجب الحصول على إذن عمل للمقيم الأجنبي، وفي حال قيامه بأي نشاط تجاري أو مالي سيعتبر مخالفاً لشروط الإقامة، بينما تتولى وزارة العمل إصدار تراخيص العمل للأجانب مع رسوم مسبقة تفرضها على المستقدم والعامل نفسه، وهو ما يجعل من مسألة وجود أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية غير المرخصة مشكلة واضحة في سوق العمل المحلية.
وينشط أغلبهم في قطاع الخدمات والتنظيف والإنشاءات والنفط، وأغلبهم من الجنسية الآسيوية، إلى جانب جنسيات أخرى، أبرزها الإيرانية، والسورية، والباكستانية، والأفغانية.

خسائر العمالة الأجنبية
قال الباحث في الشأن الاقتصادي العراقي، عمر الحلبوسي، إن العمالة الأجنبية في العراق واحدة من طرق الاستعباد التي تمارسها الشركات باستقدامها مجموعة من العمال الذين تُفرض عليهم ظروف عمل قاسية مع أجور قليلة لا تضاهي جهودهم.
وأشار الحلبوسي لـ"العربي الجديد"، إلى أن استقدام العمالة الأجنبية بالطرق غير القانونية يعود إلى رخص الأيدي العاملة المستوردة، فضلاً عن استغلالها في ظروف عمل صعبة، وحتى في أعمال غير قانونية، فضلاً عن سهولة التخلص منها عند انتفاء الحاجة إليها.

قال الباحث في الشأن الاقتصادي العراقي، عمر الحلبوسي، إن العمالة الأجنبية في العراق واحدة من طرق الاستعباد التي تمارسها الشركات


ولكنه أوضح أن هذا النوع من العمالة يساهم في تفاقم أزمة البطالة، وتعطيل الاقتصاد، واستنزاف الموارد المالية، حيث تُرسل هذه العمالة الأموال المتحصلة من عملها إلى دولها، ما يؤدي إلى إخراج العملة الصعبة من العراق.
وقدّر الحلبوسي حجم الأموال التي تخرج من العراق بالعملة الصعبة بنحو مليار دولار شهرياً.

من المستفيد؟
يرى الباحث في الشأن الاقتصادي، علي عواد، أن الأعداد المُقدرة للعمالة الأجنبية غير الشرعية في العراق تقدر بمئات الآلاف، يمارسون أعمالاً متنوعة، ويتوزعون في مختلف المحافظات العراقية، ويشكل وجودهم خطراً اقتصادياً وأمنياً، في ظل الاضطرابات التي يعيشها العراق.
وأكد عواد في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المستفيد الأكبر من العمال غير الشرعيين هو الشركات الخاصة المملوكة لأشخاص متنفذين أو آخرين يعملون تحت حماية الفصائل المسلحة التي تسيطر على أجزاء كبيرة من المفاصل الاقتصادية، وعملية تسهيل دخول هؤلاء العمال تجري من طريق هذه الفصائل.
وأوضح أن أكثر هؤلاء العمال يُستقدَمون من بلدان آسيوية مختلفة بطرق غير قانونية، فضلاً عن استقدام عمال سوريين يدخلون من طريق إقليم كردستان، ومن ثم يُهرَّبون إلى بغداد أو المحافظات الأخرى.
وأشار إلى أن الحصول على إجازات رسمية وإتمام الموافقات بشكل قانوني يكلّف المستثمر أمولاً طائلة، فضلاً عن أنّ الإجراءات الإدارية والبيروقراطية لتمرير العمالة وإدخالها، تُسهم في رفع تكاليف استخدامها، ما يدفع أصحاب العمل إلى السعي لدخول العمالة بطرق غير القانونية.