الأسواق السورية تترقب الاستقرار وسط شح سلع ضرورية... تفاؤل رغم الغلاء القياسي

09 ديسمبر 2024
سوريون في دمشق يحتفلون بانهيار النظام السوري، أمس (مصطفى حاج عمر/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الأسواق السورية ارتفاعًا كبيرًا في أسعار السلع الأساسية مثل الأرز والسكر والبرغل بسبب الاضطرابات الأمنية والسياسية، مع توقعات بعدم استقرار الأسعار حتى استقرار الأوضاع.
- أوضح الخبير الاقتصادي كمال عزام أن استقرار الأسواق يعتمد على استقرار البيئة الاقتصادية والسياسية، مع توقعات بتحسن الأوضاع الاقتصادية في المستقبل القريب.
- تعاني الأسواق من نقص حاد في المحروقات وارتفاع أسعارها، بالإضافة إلى نقص الأدوية وارتفاع أسعارها، مما زاد من معاناة المواطنين وارتفاع أسعار الذهب نتيجة لتقلبات سعر الدولار.

لم تتغير الأوضاع في الأسواق السورية كثيراً عن يوم أمس، حيث بقيت أسعار البضائع أمس الأحد، ثابتة على ما كانت عليه يوم أمس، بعدما كانت ارتفعت إلى مئة في المئة صباح أول من أمس. وسجلت مواد الأرز والسكر والبرغل والمحارم الورقية سعراً قياسياً حيث تجاوز الثلاثين ألف ليرة سورية. 

ويتوقع أحد سكان العاصمة دمشق وصاحب متجر، عهد المنصور، بأن الأسعار لن تبدأ بالاستقرار والانخفاض إلا بعد أن تستقر الأوضاع الأمنية والسياسية في الأيام المقبلة. وكانت قوات المعارضة قد أعطت إشارات قوية لدعم استقرار الأسواق وترتيب المرحلة الانتقالية، وهو ما ساهم في طمأنة الأسواق وتراجع التكالب على تخزين السلع خاصة الغذائية والمعيشية.

وأضاف المنصور في حديثه لـ"العربي الجديد" أن سبب الارتفاع كان خوف الناس من قيام حرب طويلة، حيث لم يتوقع أحد انهيار نظام بشار الأسد بهذه السرعة. وقال؛ إن الحالة الاقتصادية لمعظم الناس سيئة ومتردية، لذلك إن الإقبال على الشراء في أدنى مستوياته إلا من قبل المقتدرين. 

أموال المغتربين وإعادة الإعمار

الخبير الاقتصادي كمال عزام أوضح لـ"العربي الجديد" أن أسواق السلع وأسعار الصرف لن تستقر بسهولة ما دامت البيئة الاقتصادية والسياسية غير مستقرة وآمنة، مشيراً إلى أن الخطط والبرامج وإعادة الإعمار وعودة رأس المال والمغتربين سوف يكون الحامل الجديد للاقتصاد السوري، خاصة أن رجال الأعمال والصناعيين السوريين قادمون قريباً في حال وجدوا استقلال سورية حقيقياً.

وختم عزام الحديث بالقول إن رأس المال جبان، ولكنه في الحالة السورية الجديدة يمكن استثماره بالمكان الصحيح لوطن يعيش استقلاله الحقيقي. 

ترقب خير الأيام المقبلة

ويأمل عزام أن يحمل القادم من الأيام الخير للبلاد وللمواطنين، قائلاً لـ"العربي الجديد" بدموع تمتزج بالبسمة؛ ها لقد انتصرت الثورة على الطغيان وآمل أن تنتصر على الفقر والحاجة. أما عن دوام المؤسسات الحكومية فقد استمرت كافة الدوائر الخدمية في العمل بأمر حكومي لتسيير مصالح المواطنين، فيما لم يكن هنالك إقبال كبير على الدوام من قبل الموظفين الذين فضل معظمهم الاحتفال بزوال النظام في ساحات المحافظات. وعملت الأفران والمشافي بأقصى طاقاتها الإنتاجية لخدمة المواطنين، إذ اعتبر موظفوها أن الإنتاج أجمل معاني النصر. 

شح أصناف في السويداء

في محافظة السويداء جنوبي سورية، فحسب مصادر "العربي الجديد" هنالك فقدان لأصناف كثيرة من السلع والبضائع بعد انقطاع يومين من توارد البضاعة من دمشق على خلفية الأحداث التي مرت في الأيام السابقة وقبيل سقوط نظام بشار الأسد. وهذا ما أكده عاطف حرب من الريف الشرقي للمحافظة حيث قال إننا افتقدنا الكثير من البضائع وغلت أسعار البضائع القليلة المتوفرة، وفقدت مادتا السكر والزيت من المحال، كذلك الدخان والمعلبات. وأشار إلى أن ذلك ساهم برفع الأسعار إلى 125%، وبأن الأهالي يبنون آمالهم على دخول بضائع من دمشق قريباً. 

محال مغلقة في السويداء

وفي حمص وسط سورية تتشابه الأوضاع مع السويداء، وهذا ما أكده المواطن السوري علي المحمد لـ"العربي الجديد"، إذ لا تزال بعض المحال مغلقة، فيما ارتفعت الأسعار وفقدت بعض المواد في المحال التي فتحت أبوابها. وأشار المحمد إلى أن تطمينات من السلطات التي سيطرت على المدينة تفيد بأن الأيام المقبلة ستشهد تحسناً ملحوظاً في الوضع الاقتصادي. 

أما ما يخص المحروقات فقد فقدت من كل الأسواق وارتفعت أسعارها في المحافظات الجنوبية بالسوقين النظامية والحرة، حيث جاوز سعر ليتر البنزين 35 ألف ليرة سورية، و30 ألف ليرة لليتر المازوت، و100 ألف لكيلو الغاز الحرّ. وفق ما رصد "العربي الجديد" في المحافظات. 

سوق سوداء للمحروقات

أحد بائعي المحروقات في السوق السوداء بالسويداء سامر أبو الحسن قال لـ"العربي الجديد" إن الأسعار ارتفعت لندرة المواد في الأيام الأخيرة، مضيفاً أنه لا علاقة لنا بذلك فنحن تجار بسطات صغار والمتحكمون هم التجار المسيطرون على هذه المواد. وفي جرمانا بريف دمشق التي أغلقت محالها منذ أول من أمس، وأعادوا افتتاحها لتشهد الأسواق أسعاراً متفاوتة في العرض أمس، مع إقبال خفيف من المواطنين على الشراء. 

أما ما يخص الموظفين في مختلف المحافظات وهم الشريحة الأكبر فقد قال عدد منهم لـ"لعربي الجديد"؛ إنهم متخوفون من تغير الأوضاع ويترقبون تحسناً في الرواتب في الأيام القادمة ليوازي مصروفهم الذي بلغ في السنوات الأخيرة أضعاف الراتب.

يقول سالم الأورفلي من دمشق كان راتبي مليون ونصف المليون ليرة وهو ما لا يكفي لطعام عشرة أيام في ظل الغلاء، وكنا بحاجة لأكثر من خمسة ملايين ليرة لأعيش على حد الكفاف وأسرتي، وأتمنى من الحكومة الجديدة والنظام القادم أن ينظروا إلى حال الموظفين وشريحة العمال ويكونوا الرافع لمعيشتهم. 

فيما قال معن حمزة من السويداء: "لم يكن يمضي عشرة أيام حتى أكون قد صرفت كامل راتبي على شراء الطعام والشراب لأسرتي، وباقي الشهر أستدين لتوفير الطعام والسلع الضرورية، لأسددها من العمل الإضافي الذي كنت أعمل به سائق تاكسي أجرة. 

أزمة الأدوية

أما الدواء الذي يهم أكبر شريحة من السوريين، فبسبب توقّف الواردات من معامل " مصانع" الدواء الموجودة في حلب وحماة خلال الأيام الماضية فقد تم اختفاء بعض الأنواع من السوق، مع زيادة سعر بعضها. 

وبهذا الصدد قالت إحدى الصيدلانيات لـ"العربي الجديد": "يجب الإسراع بحل موضوع الدواء، وإرسال مندوبي المستودعات الصيدلية لتعويض الفاقد من الصيدليات، حيث تراجعت زيارات المندوبين في الأيام الأخيرة، وكانوا يطالبون بالدفع الفوري الكاش، ما اضطرنا إلى استجرار أقل كميات من الدواء مع استغلالهم للوضع حيث رفعوا أسعار عدد منها بخاصة ما يتعلق بأمراض القلب والأعصاب. 

أسعار الذهب

وأما ما يخص الذهب، فقد ارتفعت أسعاره بدمشق ليلامس الغرام مليوني ليرة من عيار 21 قيراطاً لارتباطه المباشر بسعر الدولار، حيث فرض الصاغة سعرهم مع تغير الوضع. وارتفع سعر العيار 18 قيراطاً ليلامس حد مليون وأربعمائة ألف في بعض المحال وفق استغلال واضح للأوضاع، أما الفضة فقد تجاوز سعر الغرام الواحد منها 150 ألفاً.

المساهمون