استمع إلى الملخص
- الإغلاقات المتكررة منذ 2011 تسببت في خسائر كبيرة للأردن، مع تراجع التجارة والصادرات، وتأثر قطاعات النقل والخدمات اللوجستية، مما زاد الفقر في المناطق الحدودية.
- الاقتصاد الأردني خسر مليارات الدولارات، حيث تأثر قطاع الشاحنات بشكل كبير، وارتفعت تكاليف النقل الجوي للصادرات الزراعية، مما زاد الأعباء على المزارعين.
مرة أخرى يشكل إغلاق الحدود الأردنية السورية عند معبر "جابر ـ نصيب" عائقاً أمام حركة التبادل التجاري والشحن البري والنقل بين البلدين، بسبب سيطرة المعارضة السورية على المعبر من الجانب السوري، وما قابله من قرار أردني بإغلاق منفذه الحدودي مع الدولة الجارة لأسباب أمنية كما تم إعلانه في عمان.
ويشكل المعبر النافذة التي يتم من خلالها التبادل التجاري بين الأردن وسورية، وكذلك وجهة للصادرات الأردنية بالترانزيت لدخول الأسواق اللبنانية والتركية والأوروبية، مثلما يعتبر منفذاً لسورية للأسواق الخليجية وتبادلاتها التجارية معها.
كما يلقي إغلاق المعبر بحسب تقديرات خبراء ومختصين بآثار سلبية على سكان المناطق الحدودية خاصة القريبة من المعبر والواقعة على طول الطريق الواصل بين المنفذين "جابر" الأردني و"نصيب" السوري، حيث يعتمد أولئك السكان على حركة التجارة والنقل بين البلدين لتشغيل محلاتهم التجارية والخدمات والمرافق اللوجستية والمتاجرة ببعض السلع.
ويكتسب المعبر أهمية كبيرة للبلدين كون معظم تجارة الجانبين تتم من خلاله، وأي توقف يشل حركة التجارة والنقل ويعرض الاقتصاد الأردني والسوري لخسائر كبيرة، خاصة ما يلحق بالتجارة والصناعيين والمصدرين والخدمات اللوجستية وقطاعات النقل المختلقة من آثار سلبية وتبعات مالية كبيرة. ويقع المعبر بين بلدة جابر الأردنية في محافظة المفرق شمال شرق العاصمة الأردنية عمان وبلدة نصيب السورية في محافظة درعا، وهو أكثر المعابر ازدحاماً على الحدود السورية، حيث تنتقل عبره معظم البضائع بين سورية وكل من الأردن والخليج.
وقد بدأ العمل بإنشائه عام 1991 وبوشر العمل في المركز في 1997 حيث أصبح يستقبل المسافرين القادمين والمغادرين بمركباتهم الخاصة أو بوسائط النقل العمومية واستقبال الشاحنات القادمة والمغادرة من خلال فرع الشحن. كما تم إجراء مشاريع توسعة لزيادة قدرة المركز على تقديم خدمات بمستوى أفضل لزوار البلدين وبسبب ازدياد حركة المسافرين عبر المركز الحدودي، حيث تم إنشاء مبنى حديث للقادمين وآخر للمغادرين وثالث للشحن مزودة بكل الخدمات التي يحتاج إليها المسافر.
وفي إبريل/ نيسان 2015 وقع المعبر تحت سيطرة الجيش السوري الحر وجبهة النصرة وفي 6 يوليو/ تموز 2018 استعاد الجيش السوري معبر نصيب الحدودي وفي 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2018 أعلنت سورية والأردن إعادة فتح المعبر بعد إغلاق دام ثلاث سنوات.
قال الخبير الاقتصادي الأردني حسام عايش لـ"العربي الجديد" إن "الأزمة السورية شكلت منذ بدايتها عام 2011 تحديات كبيرة للأردن من كل النواحي، خاصة الاقتصادية منها ورتبت عليه أعباء غير مسبوقة من ناحية خسارته لجزء كبير من صادراته وتعطل قطاعات النقل والخدمات اللوجستية وتأثر المناطق الأردنية الحدودية مع سورية مالياً وارتفاع نسبة الفقر بين مواطنيها، إضافة إلى كلف باهظة للتعامل مع أزمة اللجوء والتصدي لمحاولات تهريب المخدرات وضمان أمن الحدود وغيرها".
وأضاف عايش أن المعبر يعتبر البوابة الرئيسية للصادرات الأردنية نحو الأسواق السورية واللبنانية والأوروبية إضافة إلى كونه منفذاً للصادرات السورية إلى دول الخليج العربي، كما فقد الأردن خط الترانزيت البري الوحيد من خلال الأراضي السورية الذي يوصل صادراته إلى لبنان، وتركيا، ودول أوروبية، وغيرها.
وأشار إلى أن الإغلاقات المتكررة للحدود من قبل الجانبين سبّبت تعطل حركة التجارة والنقل في الاتجاهين وخسارة الصادرات الأردنية جانباً كبيراً من قيمتها وحجمها الذي كان متجهاً إلى السوق السورية وأسواق بلدان أخرى، واليوم نحن أمام توقف جديد للتجارة بين البلدين، ما يعني خسائر إضافية للاقتصاد الأردني.
ولفت إلى أنه لا أحد يستطيع قراءة المشهد بدقة حول ما ستؤول إليه الأيام المقبلة بشأن الوضع في سورية أو ترتيبات محتملة، لكن إعادة تشغيل المعبر بالسرعة الممكنة في السياقات اللازمة ضرورة ومصلحة اقتصادية للبلدين وإنقاذ للقطاعات التصديرية، والنقل، والخدمات اللوجستية، وغيرها.
ووفقاً لبيانات التجارة الخارجية التي تعدها دائرة الإحصاءات العامة الأردنية واطلعت عليها "العربي الجديد" فقد تقلصت التجارة بين الأردن وسورية من 617 مليون دولار عام 2010 إلى حوالي 146.6 مليون دولار العام الماضي، هبوط بلغت نسبته 76.2%. وبلغت قيمة الصادرات الأردنية إلى سورية 36 مليون دينار فقط (50.7 مليون دولار) خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي، فيما بلغت الواردات من سورية حوالي 42 مليون دينار (59.2 مليون دولار). وكانت الصادرات الأردنية قد سجلت العام الماضي 58 مليون دينار، بينما بلغت الواردات من السلع السورية حوالي 45.6 مليون دينار.
ويقدر خبراء حجم ما خسره الاقتصاد والقطاعات الاقتصادية الأردنية بسبب الإغلاقات المتكررة للحدود مع سورية بالمليارات وربما تتجاوز 28 مليار دولار، بما في ذلك خسائر الصادرات، وقطاعات الشحن، والخدمات اللوجستية.
وقال رئيس نقابة أصحاب الشاحنات الأردنية محمد خير الداوود في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد" إن قطاع الشاحنات وحده خسر أكثر من 1.5 مليار دولار بسبب إغلاقات الحدود مع سورية والعراق، وترتبت على القطاع مديونية كبيرة للبنوك والمؤسسات المالية وتعثر أصحاب الشاحنات عن تسديد المستحقات المترتبة عليها.
كما قال رئيس نقابة أصحاب شركات التخليص الأردنية ضيف أبو عاقولة لـ"العربي الجديد" إن إغلاق المعبر الحدودي بين الأردن وسورية بسبب تطورات الأوضاع في الجانب السوري حالياً سيرتب آثاراً سلبية على كامل القطاعات التجارية والخدمية والإنتاجية. وأضاف أبو عاقولة أن "هناك العديد من القطاعات التي يرتبط عملها بالتجارة بين الأردن وسورية مثل الشحن البري والخدمات اللوجستية والتخليص وبالتالي فقدان الآلاف لأعمالهم، ونأمل ألا يستمر الإغلاق لفترة طويلة.
كما سيتعطل عمل المنطقة الحرة الأردنية السورية التي تعنى بالتبادل التجاري بين الأردن وسورية وتشكل عامل جذب استثمارياً بخاصة في القطاع الصناعي".
بدوره، قال مدير اتحاد المزارعين الأردنيين محمود العوران في تصريحات خاصة أن المنتجات الزراعية الأكثر تضرراً بسبب الأزمة السورية، حيث كانت تصدر من خلال خط الترانزيت المار من سورية إلى تركيا ولبنان ودول أوروبية وبكلف أقل من نقلها جواً. وأضاف العوران، أن الصادرات الزراعية الأردنية ارتفعت كلفها من خلال نقلها جواً بعد تعذر تصديرها من خلال الأراضي السورية "ترانزيت"، حيث إن الشحن البري أقل كلفة من الجوي.