- الوضع على معبر رفح مع مصر لم يكن أفضل، حيث أوقفت السلطات المصرية عربات الإسعاف وشاحنات الغذاء، مع استمرار القصف الإسرائيلي. هذه الإجراءات أجبرت 1.4 مليون لاجئ على النزوح داخل القطاع.
- الأوضاع في غزة تلقي بظلالها على السكان الذين يواجهون مجاعة ونقصًا حادًا في الإمدادات الأساسية. الدعم الأميركي لإسرائيل وضعف الموقف الدولي يسهم في استمرار الأزمة، مع تجاهل النداءات الدولية لفتح المعابر.
أحكمت قوات الاحتلال الإسرائيلي حصار قطاع غزة، بمنعها دخول الماء والغذاء والدواء والوقود عبر معبري رفح وكرم أبوسالم، لتعمّق من كارثة غذائية وإنسانية مستمرة للشهر الثامن، بعد قطعها شريانا يربط الفلسطينيين مع أنحاء العالم عبر الحدود المصرية.
ورغم إعلان جيش الاحتلال، صباح أمس الأربعاء، إعادة فتح معبر كرم أبوسالم الحدودي المستخدم لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وذلك بعد أربعة أيام على إغلاقه، إلا أن مصادر في منطقة المعابر أكدت لـ"العربي الجديد" أن سلطات الاحتلال سمحت بدخول سيارة محملة بالوقود فقط، لصالح وكالة "أونروا" عبر المعبر، ثم أعادت إغلاقه من جديد.
وعلى جانب معبر رفح مع مصر، أوقفت السلطات المصرية عربات الإسعاف بالقرب من المعبر، مع فتح بابه لإظهار جاهزيتها لاستقبال الأفراد ودخول المساعدات، بينما ظلت طائرات الاستطلاع الإسرائيلي تحوم فوق المعابر، مع إطلاق نيران كثيفة على المناطق القريبة من بوابات المعبر، وفي مناطق وسط وشرق رفح، لدفع 1.4 مليون لاجئ إلى النزوح إلى منطقة "المواصي" جنوب غرب قطاع غزة. وأبعدت السلطات المصرية مئات الشاحنات التي تحمل مواد غذائية إلى مسافة خمسة كيلومترات عن منطقة المعبر، بينما تراصت مئات شاحنات أخرى على طريق العريش ـ رفح، على مسافة 40 كيلومتراً من المعبر.
ومنعت السلطات تدفق شاحنات قادمة من أنحاء المحافظات، إلى مدينة العريش، وإيقاف عشرات الشاحنات بالقرب من الطريق الدائري شرق العاصمة القاهرة، والتي تجمعت منذ الأحد الماضي، مع تنبيه الراغبين في التبرع بالمساعدات، بأن تكون المواد الغذائية جافة، وغير قابلة للتلف خلال فترة وجيزة، بما يعكس توقعات بامتداد فترة الحصار التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وحرمان الشعب الفلسطيني من أية مساعدات جديدة، لحين نزوح الفارين من القتال في شمال ووسط القطاع، من رفح إلى منطقة الموصلي.
جاءت التشدد الأمني في تسيير الشاحنات، مع استمرار ضربات ضارية تمارسها قوات الاحتلال، باستخدام أنواع مختلفة من الأسلحة، المدفعية الثقيلة والقصف بالطائرات المسيرة، وقنابل شديدة الانفجار تصدر أصواتا مفزعة على المعابر مستهدفة فرض حصار بري. وحذر عبد القادر ياسين، أمين لجنة المقاومة الشعبية الفلسطينية في القاهرة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، من خطورة حرمان مليوني شخص من دخول المياه والأدوية والمواد الغذائية والطبية والوقود، بينما يواجهون كارثة إنسانية ومجاعة شاملة، وسط نقص الإمدادات للشهر الثامن على التوالي.
"قتل جماعي" لسكان غزة
وأكد ياسين أن قطاع غزة، فقير الموارد الزراعية والصناعية، ومكتظ سكانيا، بينما أرضه وقدراته لم تتسع منذ 1948 إلا لنحو 100 ألف نسمة، بما يفاقم أزمة قطع المساعدات، والتي تعني " قرار قتل جماعي" لمن يقيم في القطاع بأكمله. وأضاف أن الأعمال الوحشية التي تمارسها إسرائيل، تستهدف إزاحة الأهالي عما تبقى لهم من أرض في وطنهم، بعد أن احتلوا فلسطين على مراحل، مشيرا إلى أن الدفع بالمواطنين نحو منطقة "المواصي" يستهدف زجهم بالقرب من المعبر البحري الذي تبنيه الولايات المتحدة ليكون المنفذ الوحيد الذي يربط القطاع بالعالم، وبما يساعدها في توجيه ضربات للنازحين المقيمين حالياً في رفح، ودفع الناس للهروب بأرواحهم عبر المنفذ البحري الأميركي.
ألقى ياسين بمسؤولية القتل والتهجير القسري على الإدارة الأميركية التي تساعد قوات الاحتلال، بالدعم العسكري والمالي، لارتكاب جرائمها ضد الإنسانية، وعدم استجابتها للنداءات الإنسانية والدولية، التي تدعو إلى فتح معبر رفح. وقال إن إسرائيل عملت طويلاً على احتلال الأرض، بينما الآن تخطط لتفوز بالأرض بلا سكان، بما يعني أن غزة كلها أصبحت منطقة غير آمنة لأهلها، في ظل استمرار الأوضاع الكارثية والحصار الذي يفرضه الاحتلال بالقوة الغاشمة.
وأشار إلى استحالة إخراج المصابين من غزة للعلاج في مصر والخارج، على مدار الأيام الماضية، مع توقف تام لكافة المستشفيات ومراكز الإغاثة الرئيسية في الداخل، مؤكدا أن ما تبقي للفلسطينيين من أطعمة لن يكفيهم للعيش عدة أيام، بما يزيد من رغبة الناس في النزوح والهرب بأرواحهم من مناطق القتال. وقال إن إسرائيل تتعجل الموت للفلسطينيين اليوم قبل غد، ولذلك تستغل الدعم الأميركي والغربي وضعف المنظمات الدولية والموقف العربي، في تنفيذ مخططها لتجويع الشعب وإرهابه، ودفعه نحو النزوح القسري ليغادر بلاده للأبد.
وأدانت الخارجية المصرية العمليات العسكرية على معبر رفح وقطع الإمدادات تماماً عن قطاع غزة، مشيرة إلى رفضها سياسة حافة الهاوية التي تتبعها إسرائيل. بينما تتجاهل حكومة الاحتلال الاحتجاجات المصرية والدولية، مستهدفة تعميق الكارثة الإنسانية في القطاع التي أسفرت عن ارتفاع حاد في أسعار السلع الغذائية والمحروقات، وخروج ما تبقي من مستشفيات ومراكز إسعافات صغيرة عن العمل، في ظل شح الوقود والأدوية، والضربات الجوية المتتالية على الجهة الشرقية والغربية القريبة من معبر رفح، والتي يسمع دويها من داخل الأراضي المصرية.