بدت معنويات المستثمرين حول العالم أكثر جشعاً في 2021، الذي لم تمض سوى أسابيع قليلة على بدايته حتى تضخمت روح الثراء السريع من خلال مضاربات حامية في العملات الرقمية، وعلى رأسها بيتكوين، وكذلك الأسهم زهيدة السعر التي قلبت موازين أسواق المال في أيام معدودة.
فقد أضافت الأسهم العالمية 7 تريليونات دولار منذ بداية العام، وتضخمت العملات الرقمية لتصل قيمتها السوقية إلى 1.4 تريليون دولار، وتحقق مبيعات السندات عالية العائد أرقاماً قياسية.
وفي حين أن كل هذا يثير مخاوف بشأن التقييمات غير المقبولة لمختلف فئات الأصول، يواصل المستثمرون ضخ الأموال فيها وسط ثقة بأن التسهيلات النقدية والمالية غير المسبوقة ستُبقي "الحفلة" مستمرة لبعض الوقت، وفق ما نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية عن مقياس الرضا لمختلف الأصول التابع لبنك الاستثمار "جيه بي مورغان"، والذي يستند إلى التقييمات وتحديد المراكز وزخم الأسعار.
فالمستثمرون العالميون حالياً أقل خوفاً منذ فترة عقدين، وفق محللي "جي بي مورغان"، الذين يرون أنه لا يوجد سبب لتوقع تراجع جوهري في قيمة الأصول في ظل الارتفاع الذي تُغذيه تريليونات الدولارات التي يتم إطلاقها.
وكتب الخبراء الاستراتيجيون في البنك بقيادة "جون نورماند"، في مذكرة للعملاء بتاريخ 12 فبراير/ شباط الماضي: "لقد شعرنا بأريحية عندما قدمنا النصح للمستثمرين بالبقاء لفترة طويلة في معظم الأسواق".
وجاءت تحركات عملة بيتكوين أكثر جذبا للأنظار، بعدما سجلت ارتفاعات قياسية تجاوزت نسبتها 72% منذ بداية العام الجاري، وفق رصد لـ"العربي الجديد"، وذلك بعدما سجلت زيادة بأكثر من 400% العام الماضي.
واقتربت بيتكوين في تعاملات أمس من الوصول إلى مستوى 50 ألف دولار، بينما أضحت تقدم عوائد أعلى بخمس مرات من الاستثمارات التقليدية مثل الأسهم والذهب والسلع.
وكان صعود العملة المشفرة مدعوماً من خلال التوسع في اعتمادها من قبل كبرى الشركات والصناديق الاستثمارية، وعلى الأخص إعلان شركة تسلا الأميركية لصناعة السيارات الكهربائية، في وقت سابق من فبراير/ شباط الجاري، استثمار 1.5 مليار دولار في بيتكوين.
ومع ذلك، يستمر الجدل حول استقرار هذه العملة، حيث تحذر مؤسسات مالية من احتمال تعرض المستثمرين لخسائر كبيرة لأن العملات المشفرة تحمل الكثير من مخاطر المضاربة.
وشهدت العملة المشفرة الأكبر في العالم تفاوتاً كبيراً في سعرها منذ بداية العام الماضي، حيث حققت، وفق الأرقام التي سجلها موقع "كوين ديسك" للعملات المشفرة، في 13 مارس/ آذار من العام الماضي، أدنى سعر لها عند 4916 دولاراً، ثم بدأت ترتفع شهرياً لتصل إلى 28891 دولاراً في نهاية 2020.
وفي الثامن من يناير/ كانون الثاني الماضي، وصلت إلى نحو 42 ألف دولار، لتعاود التذبذب بعدها بأيام وتهبط بآلاف الدولارات قبل أن تنطلق نحو موجة صعود جديدة وتلامس حاجز الـ50 ألف دولار.
وقال مايك ماكغلون، محلل استراتيجي للسلع في بلومبيرغ إنتليجنس: "من المرجح أن تستمر تقلبات بيتكوين في اتجاه صعودي على المدى القريب حتى تستقر حول الهضبة التالية".
وتدرس وحدة الاستثمار في مورغان ستانلي ما إذا كانت ستراهن على بيتكوين، وفقاً لمصادر بلومبيرغ. وفي كندا، وافق المسؤولون على أول صندوق في أميركا الشمالية يتداول بيتكوين.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، شهدت صناديق بيتكوين "تدفقات داخلية كبيرة بعد إعلانات من قبل الشركات الكبيرة والصناديق أنها ستستخدم بيتكوين كأصل استثماري مستمر".
ورغم التحذيرات التي يطلقها محللون ماليون من انهيار الاستثمار في بيتكوين وأخواتها من العملات الرقمية، إلا أن دخول أباطرة المال من المليارديرات وصناديق الاستثمار في وول ستريت والمؤسسات المختلفة إلى "عالم المال المشفر"، لا سيما في الولايات المتحدة، يشعل المضاربات على هذه العملات ويعيد رسم خرائط النقد.
ولا تملك العملات الرقمية رقماً متسلسلاً ولا تخضع لسيطرة الحكومات والبنوك المركزية كالعملات التقليدية، بل يتم التعامل بها فقط عبر شبكة الإنترنت، من دون وجود فيزيائي لها. ومع ذلك لامست القيمة السوقية للوحدات المتداولة من بيتكوين نحو تريليون دولار أمس، بحسب شاشة عرض تداول الوحدة على منصات البيع الرقمية.