الشاعر يمكن أن يكون مرتبكاً (وبعض الأرواح الرومانسية تفعل ذلك) مع النساء العاشقات، فيهرب منهنّ، ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
لكنّ الشاعر يظلّ، في تلك العصور التي لا تشبه عصرنا، مثل شخص جذّاب، له دستور قويّ: الملفّ الشخصي بنواياه الخضراء، والنظرة المائية، والهواء المشمس لرجل يمشي على الحواف، مثل صيّاد سنونوات.
وقد يشعر الشاعر الآن بوحدة أقلّ، بعد أن أصبح زملاء له وراء القضبان أيضاً، بتهمة إساءة معاملة الصورة والرمز.
كما وقد يحتاج هذه الأيام إلى بعض الهدوء، وعليه تجنّب الخلط بين الأشياء. ذلك أنه يمكن للمرء أن يكون هدّاماً، وليس حسّاساً جدّاً، في التمرين الفني.
يمكنه أن يختلف، ويغضب، ويقول إن الأمر لا يساوي شيئاً، وأنه خطير، لكنْ لا يمكنه القول إنه غير قانوني، حتى لو جادل دون جدوى، من الحدود إلى الحدود، للتحدّث بدقّة عن حرية التعبير.
والأصل في الشاعر، ألّا يكون عنيفاً كرجل الأمن العربي، حتى لو ضُرب تحت دعوى العنف اللفظي، والازدراء بسُلطات ورموز البلاد.
لِمَ؟ لأن حياة كلّ شاعر إمّا تنتهي بالبراءة أو بالأرشفة، والباقي بدفع غرامات. إن حرّية الإبداع الفنّي ليست مطلقة، حتى لو نام رمز البلد في سرير العدو.
كلّ شاعر لم يمرّ على الأرض مرور الكرام، لا يُعَوّل عليه.
فعدم المرور يثير العنان لأكبر قدر من الجدل المحلّي في البلاد. الشاعر لا يعتذر عن صفاء ولا عن عنف، فهو ببساطة أحد الإنجازات البارزة للعلم والفن والفضول والإنسان.
هو المسعى اللغوي والهوَس الوجودي، وأشهر فنّان في علم الطيور، في كلّ العصور.
الشاعر يلتقط حياةً لم يسمع بها من قبل في الفن، وبكثير من الإحساس الدرامي، يدعها، نتيجة لوجود مخاطر وانزعاج لا حصر له، في بعض المناطق الأكثر وحشية في العالم.
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا