في وداع حسين نافع: أوجاع المسرح الأردني

28 مارس 2022
(من فيلم يستعيد تجربة نافع وعُرض أمس)
+ الخط -

بعد أقل من شهرين على رحيله، جمَع المخرج المسرحي الأردني حسين نافع (1964 – 2022) رفاقه من المسرحيين، في فعالية استذكارية نظّمت مساء أمس الأحد في "المركز الثقافي الملكي" بعمّان في يوم المسرح العالمي. لم يكن الحزن الحاضر الوحيد في المكان، بل الشكوى من أحوال المسرح الأردني وأوجاعه.

وكعادة حفلات التأبين، ألقيت كلمة من باب "الواجب" واستعادة محاسن الراحلين كما تراها وزارة الثقافة أو نقابة الفنانين الأردنيين، تمّت الإشارة فيها إلى خلود الراحل بما تركه من أعمال مسرحية، لكن المفارقة أن هذه الأعمال لم تُعرض إلا عدّة مرات في المهرجانات التي تنظّمها الوزارة، ولم تجد طريقها طبعاً إلى شاشة التلفزة الوطنية.

"فرقة مسرح الرحّالة" التي نظّمت الفعالية، أشارت في عرضها الذي قدّمته من تأليف وإخراج حكيم حرب إلى ذلك "التغييب القسري" الذي يمارس بحق الفنان الأردني، ومنهم حسين نافع، في بلد لا يرى في المسرح سوى كرنفال موسمي يعقد في ثلاثة مهرجانات سنوية لا يتابعها سوى المسرحيين أنفسهم، ولا تكفي الميزانيات المخصصة لإنتاج أعمال ذات سوية عالية، ما يضطر المشتغلين في المسرح إلى التحايل واختصار التكاليف على حساب المستوى الفني لعروضهم.

لم تعرض أعمال الراحل إلا في مهرجانات وزارة الثقافة، ولم تجد طريقها للجمهور أو شاشة التلفزة الوطنية

الفرقة التي استوحت سيرة نافع في عرضها، أضاءت شغفه بالمسرح منذ أن كان صغيراً، وهو الذي أقبل على قراءة النصوص المسرحية لكبار الكتّاب منذ المدرسة، واختار بنفسه أن يدرس المسرح في "جامعة اليرموك"؛ الجامعة الوحيدة التي كانت تدرّس المسرح آنذاك، ويتخرّج منها عام 1987.

ومدفوعاً إلى مسرح لوركا، قدّم نافع خمسة من نصوصه خلال ما يقارب الثلاثين عاماً هي: "يرما" (1997)، و"الإسكافية العجيبة" (2006)، و"بيت برناردا إلبا" (2007)، و"عرس الدم" (2009)، و"هكذا مرت سنوات خمس" (2011)، و"ماريانا" (2013)، إلى جانب ما قدّمه على الخشبة من نصوص لألبير كامو وأوسكار وايلد وأوغست ستريندبرغ وأليخاندرو كاسونا ونيكوس كازانتزاكيس ومونس الرزاز وليلى الأطرش.

استعاد العرض تلك العلاقة التي ربطت المخرج الأردني بالشاعر الإسباني (1898 – 1936)، والتي طالما تحدّث عنها في مقابلات صحافية، موضحاً أن نصوص لوركا تكثّف بصورة رمزية ما تعيشه النفس البشرية من صراعات ضدّ قوى الطبيعة والواقع السياسي الاجتماعي.

رحَل حسين نافع وهو يأمل أن يقدّم في يوم المسرح العالمي لهذا العام ورقة حول المشهد المسرحي الأردني، مجملاً فيها توصياته/ أحلامه ومنها تأسيس مؤسسة مستقلة للمسرح، وفرقة مسرح قومي، ووقف سياسة الترضيات والتنفيعات التي تنتهجها المؤسسة الرسمية، وتكريم المسرحي الأردني في حياته، وغيرها من النقاط التي أوصلها زملاؤه بالنيابة عنه. لعلّ التأثّر بفقده يغيّر نظرة الدولة الأردنية لمسرحها ومسرحييها.

يذكر أن العرض المسرحي الذي أخرجه حكيم حرب، وكتب أشعاره غازي الذيبة، شارك فيه محمد المراشدة في تصميم الإضاءة، وأحمد الخلايلة في هندسة الصوت، إلى جانب الممثلين: أريج دبابنة، ونور عطا الله، وإنجي لكود، وإخلاص العتوم، وطارق زياد، وحكيم حرب. كما تضمّنت الفعالية عرض فيلم للمخرج أحمد الفالح تضمن جملة مشاهد سجّلها الراحل احتوت على جانب من رؤاه المسرحية.

المساهمون