استمع إلى الملخص
- تأسس المجلس عام 1964 ويضم أكثر من 500 عضو، وقد تأثر بالعدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، الذي خلف آلاف القتلى والنازحين.
- نشط المجلس في تقديم قراءات سياسية وفكرية، وأصدر بيانات تحذر من مخاطر العدوان، كما تحول مقره في بيروت إلى مركز للمساعدات والإغاثة.
عبر حسابه، على موقع فيسبوك أعلن "المجلس الثقافي للبنان الجنوبي" أنّ مقرّه السابق في حيّ الميدان بمدينة النبطية، جنوبي البلاد، دُمّر جرّاء غارة صهيونية استهدفت المنطقة أول أمس الجمعة. وأكّد المجلس "أنّ ما يقوم به العدوّ الإسرائيلي من تدمير لقلب النبطية وسوقها التجارية، والتي تحتضن أقدم سوق شعبية في لبنان تعود لمئات السنين، وأيضاً لبيوتها التراثية ومعالمها، هو تدمير لذاكرة المدينة وذاكرة القرى والبلدات من حولها، وهو تدمير لتاريخ متراكم ولعادات وتقاليد، تنمو وتزدهر في قلب المكان وعلى ضفافه".
وبهذا، يلتحق "المجلس الثقافي للبنان الجنوبي"، الذي تأسّس عام 1964 ويتّخذ من بيروت مقرّاً أساسياً له، ويضمّ في عضويته أكثر من خمسمئة منتسب، بقائمةٍ طويلة من المراكز والمؤسسات الثقافية التي طالتها آلة حرب الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه المتواصل على لبنان منذ ثلاثة عشر شهراً، والذي خلّف أكثر من ثلاثة آلاف قتيل ومليون نازح.
وأثار تدمير المقرّ ردود فعل عديدة بين عدد من الكُتّاب والباحثين الذين ذكّروا بإرث المؤسسة وأبرز رموزها الشاعر والباحث حبيب صادق (1931 - 2023)، الذي استلم الأمانة العامة منذ 1975 حتى رحيله، ومن بين المعلّقين الباحث زياد ماجد الذي كتب: "للمجلس الثقافي للبنان الجنوبي، بيتي الثاني حيث عملتُ والتقيتُ بأصدقاء العمر وحيث تعلّمتُ الكثير طيلة سنوات، ولحبيب صادق، القامة العاملية التي لم تنحنِ يوماً لسلطان أو لسلطة وجاه، الحبُّ كلّه والورود الحمراء... حبيب رحل عن دنيانا قبل عام ونصف، والبرابرة دمّروا مجلسه/ مجلسنا في النبطيّة البارحة، بعد أن دمّروا منزله في الخيام قبل عقود".
أمّا بادية فحص فكتبت: "دمّرت إسرائيل اليوم مبنى المجلس الثقافي للبنان الجنوبي في النبطيّة. هذا المكان الذي حافظ عليه حبيب صادق ودافع عنه بأسنانه وأظافره وقلبه وعقله، بوجه طوفان الأيديولوجيا وعسكرة الثقافة وتدجين المثقّفين. انتصر حبيب صادق في كلّ المعارك التي خاضها في ساحة المجلس، بأكثر الأسلحة ذكاء.. الثقافة".
وكذلك كتب كامل جابر: "لنا تحت كلّ قرميدة نبتت قصيدة، وهنا تلا حبيب صادق والفيلسوف العالمي نعوم تشومسكي ومحمد علي شمس الدين وجوزيف حرب وشوقي بزيع وإلياس لحود وحسن عبد الله ومحمد العبد الله وجواد صيداوي وحسن داود وجان شمعون وبرهان علوية وحبيب جابر وعادل صباح وسمير قصير وعبد الحميد بعلبكي وفؤاد جوهر وشوقي بغدادي وممدوح عدوان وصادق جلال العظم وإملي نصر الله ومريد وتميم البرغوثي... وألف أديب وشاعر وفيلسوف ومخرج وفنان وتشكيلي ألف صلاة وصلاة".
يُذكر أنّ "المجلس الثقافي للبنان الجنوبي" نشط، طيلة العام الماضي، في تقديم القراءات السياسية والفكرية للواقع اللبناني في ظلّ الاعتداءات الإسرائيلية، كما أصدر في الثالث من تموز/ يوليو الماضي بياناً بالاشتراك مع ثلاث عشرة مؤسسة وجمعية ثقافية من مناطق لبنانية مختلفة، نبّهوا فيه من مخاطر العدوان واحتمال اتّساعه، ودعوا إلى خلق "إطار للتضامن بين المثقّفين والمبدعين في مجالات العلوم والفنون والفكر والفلسفة واللغة والأدب"، قبل أن يتحوّل المقرّ الرئيسي للمجلس في محلّة برج أبي حيدر ببيروت إلى مركز لتأمين المساعدات للنازحين وتنظيم حملات التطوّع والإغاثة، وآخرها كانت حملة "معطف".