- تميزت أعماله بالجرأة والإبداع، وكتب مسلسلات ومقالات وبرامج نقدية. عُرف بمواقفه الوطنية، وواجه الأنظمة الاستبدادية، مما أدى إلى مساءلته واعتقاله وحظر بعض أعماله، وكان له دور في "ثورة الشعراء".
- ترك إرثاً غنياً من الشعر والمسرح، مثل "الزمن والرحلة" و"طائر الشفق الغريب"، وساهم في توثيق المسرح السوداني، وركزت أعماله على قضايا السلطة والحرية والعدالة، مما جعله رمزاً للمقاومة الثقافية.
رحل أمس السبت، في أبوظبي، الشاعر السوداني هاشم صديق (1957 - 2024) بعد صراع مع المرض، تاركاً العديد من المجموعات الشعرية والنصوص المسرحية، بالإضافة إلى كتابة وإعداد مسلسلات وبرامج إذاعية وتلفزيونية.
وُلد الراحل في حيّ بانت بمدينة أم درمان، وحاز درجة البكالوريوس في النقد المسرحي من "المعهد العالي للموسيقى والمسرح" عام 1974، ثم درس التمثيل والإخراج في "مدرسة إيست 15" بمدينة إسكس البريطانية ليعود بعدها أستاذاً محاضراً في المعهد الذي تخرج فيه.
بموازاة تدريسه الأكاديمي، ألّف صديق نصوصاً عديدة أداها عدد من المطربين السودانيين منهم: محمد الأمين ومصطفى سيد أحمد وأبو عركي البخيت وسيد خليفة، احتوت مضامين إنسانية واجتماعية وسياسية، وعُرف بلقب "شاعر الملحمة" بعد تأليفه أوبريت "ملحمة قصة ثورة" في العشرين من عمره، والذي يعد أول عمل غنائي استعراضي في السودان.
عمل أستاذاً للمسرح وألّف العديد من المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية بالإضافة إلى مقالاته الصحافية
واضطر الشاعر بعد اندلاع الحرب في بلاده بين الجيش وبين قوات الدعم السريع إلى مغادرة منزله بمدينة أم درمان، غرب العاصمة الخرطوم، وتم إجلاؤه إلى بورتسودان ومن ثم إلى الخارج من أجل العلاج.
وأصدر رئيس مجلس السيادة السوداني بياناً نعى فيه صديق، حيث أشار فيه إلى أن كل أعماله "اتسمت بالرصانة والإبداع، وهو بجانب نبوغه في الشعر والأدب، تميز بكتاباته المسرحية والدرامية، فضلاً عن تقديمه العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية في مجالات النقد والتحليل الدرامي".
وذكرت "نقابة الصحافيين السودانيين" في بيانها أن الراحل "كان صوتاً حرّاً وسط غياهب الظّلم والقمع، حيث ناصبته الأنظمة الاستبدادية العداء بسبب مواقفه الوطنية والفكرية، ولم يكن يخشى من السّجون أو التهديدات، بل بقي ثابتاً في مواقفه، مناضلاً بالكلمة والفن..".
في مطلع الألفية الجديدة، تصدّر اسم هاشم صديق ما عرف بـ"ثورة الشعراء"، للمطالبة بالحقوق المادية للفنانين، وتعرّض للمساءلة والاعتقال في فترات مختلفة، إذ حظر بعض أعماله مثل مسلسل "الحراز والمطر" ومسرحية "نبتا حبيبتي" بسبب ما اعتبرته السلطات آنذاك مضمونا مناوئا للنظام.
وألّف صديق عدداً من المسلسات، منها "قطار الهّم"، و"أجراس الماضي"، و"الحاجز"، و"الديناصور"، وقدّم في التلفزيون عدداً من البرامج، مثل "دراما تسعين"، كما كتب مسلسلاً تلفزيونياً بعنوان "طائر الشفق الغريب"، إلى جانب مقالاته في الصحافة السودانية والعربية. ومن مجموعاته الشعرية: "الزمن والرحلة"، و"جواب مسجل للبلد"، و"أذن الآذان"، و"الوجع الخرافي"، و"الغريب والبحر"، و"اجترار"، و"هذا المساء"، و"على باب الخروج"، وغيرها.
يقول الناقد الدرامي والكاتب الصحافي السر السيد، لـ"العربي الجديد"، إن "صديق يعد واحداً من الذين رفدوا العامية السودانية بأخيلة كادت أن تكون حكراً على العربية الفصيحة، خاصة تلك الأخيلة التى ارتبطت بأحلام التغيير وساهم فيها اليسار كثيراً إبان فترة الستينيات وما بعدها"... كما يعد الموثق الأساس للمسرح السوداني، فهو من جمع مادته الأولية من أفواه رواد المسرح السوداني".
يضيف السر السيد: "تحتل السلطة وعلاقاتها موقعاً متميزاً في أعماله، لذلك يمكن القول جملة إن أعماله، ومنذ الملحمة الأكتوبرية، تندرج فى المقاومة الثقافية مبشرة بالأحلام الكبيرة فى الحرية والعدالة، لذلك كان على الدوام محاصراً من مختلف الأنظمة السياسية".
أما الصحافي محمد عثمان يوسف، فلفت في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن "هاشم صديق صاغ وجدان أجيال عديدة من خلال ما قدمه من شعر غنائي متفرد، وأعمال درامية خالدة، كان يتحلق الناس على المذياع لمتابعتها، مبيناً أن الكل يعلم نضال هاشم صديق وصموده في وجه الديكتاتوريات، وكتب القصيدة الرمز، والقصيدة المباشرة في حب الوطن، ومن أجل الإنسان والشعب، والثورة والقضية، فتعرض للسجن ومضايقات أخرى".