تأسّست أول مكتبة في السودان عام 1902 إبّان الاستعمار البريطاني باسم "سودان بوكشوب"، لتزدهر سوق الكتب بعد الاستقلال في خمسينيات القرن الماضي. لكن أعداد المكتبات في البلاد شهد انخفاضاً كبيراً في السنوات الأخيرة، شأن العديد من الدول العربية.
مشهد يشير إليه الناشر عبد الرحيم مكاوي، مؤسّس "الدار السودانية للكتب"، التي تحتوي آلاف الكتب وتُعد أكبر مكتبة في الخرطوم، حيث يتطرّق في حديثه إلى "العربي الجديد" إلى تجربته التي تمتدّ لأكثر من خمسة عقود وحضوره في خارطة النشر والتوزيع السودانية، وصولاً إلى ما تشهده القراءة والإقبال على الكتاب من تراجع.
أنشئت المكتبة عام 1969 في مبنى صغير وسط الخرطوم
أنشئت المكتبة عام 1969، حيث انطلقت في مبنى صغير في شارع البلدية وسط العاصمة، وظلّت تتوسّع حتى بلغت مساحتها اليوم نحو 760 متراً مربعاً، وإجمالي المساحة التي تشغلها الكتب في الطوابق الأربعة حوالى أربعة آلاف متر مربع، وتحوي المكتبة قرابة خمسين ألف عنوان.
كاميرا "العربي الجديد" جالت في المكان، والتقت بمؤسّسها مكاوي، الذي ولد بمنطقة بربر بولاية نهر النيل في شمال السودان عام 1937، حيث يقول إن "الدار السودانية تعد أكبر مكتبة في العالم العربي والأفريقي، بعد تجربتين ناجحتين قبل هيئتها الحالية، الأولى في منطقة القضارف سنة 1963 وكانت "دار الثقافة"، والأخرى في منطقة الخرطوم بحري بعد عدّة أعوام".
يضيف أن "الدار تكاد تكون وكيلة لأغلب دور النشر العالمية المعروفة، منها "منشورات جامعة أكسفورد" و"لونغمان"، عندما كان يوجد إقبال على الكتب الإنكليزية، بالإضافة إلى وكلاء لعدد من دور النشر المصرية منها دار المعارف، ودار الشروق، والهيئة المصرية العامة للكتاب، بجانب وكلاء لدور نشر في لبنان.
باتت الدار المكتبة الوحيدة في السودان اليوم
ويعرب مكاوي عن أسفه، لأن الدار، التي تستقبل على مدار السنة زواراً من بلدان أفريقية، مثل تشاد وجنوب أفريقيا وإثيوبيا، باتت المكتبة الوحيدة في السودان، معتبراً أن السبب هو غياب تشج الدولة ودعمها لسوق الكتال، مضيفاً أنه يتمنى وجود مكتبات أخرى حتى في الأقاليم.
وحول تأثير الشبكة العنكبونية على الدار، يقول مكاوي، إن "تأثير الإنرنت على المكتبة قليل جداً، لأن الكتاب له نكهة خاصة، وقرّاؤه، لاسيما كبار السن، يفضلونه على القراءة عبر شاشات الكمبيوتر الهواتف".
يُذكر أن مبنى الدار يتكوّن من أربعة طوابق؛ الأرضي يضمّ المصاحف بروايات مختلفة، وكتب المؤلفين السودانيين والقواميس والمعاجم، وطابق الميزانين يحتوي كتب اللغة العربية والسياسة والتاريخ، ويشمل الطابقان الأول والثاني الكتب الإسلامية، بينما يضمّ الطابق الثالث كتب الناشئة والأطفال و يحتوي على معظم الروايات العالمية، ويخصصّص الطابق الرابع للكتب العلمية وكتب الجامعات بمختلف التخصصات.