من لم يرسل مبعوثا إلى اليمن بعد؟
عبد الحفيظ العمري
تتعامل منظمة الأمم المتحدة مع قضايا العالم كحديقة خلفية لمنظماتها، بل وأشعر أنّ منظمة "الرعب" الدولية، المُشكّلَة على وهج أدخنة الحرب العالمية الثانية، ترقص طرباً عندما تنفجر أيّ كارثة في أيّ مكان في العالم! وكأن لسان حالهم يقول: جاء وقت العمل!
فما أن تسمع المنظمة بالكارثة حتى تنشط كلّ منظماتها للعمل، وتهلّ مؤتمرات "الشحادة" لأموال دول العالم من أجل تلك الدولة "المنكوبة"، ثمّ لا نجد أثر تلك الأموال في تلك الدول التي أطلقوا عليها اسم "المنكوبة"!
ونحن في اليمن، لسنا بعيدين عن هذه السياسة الأممية؛ فلا تزال منظمة الأمم المتحدة تتحفنا منذ عام 2015 بمبعوثيها إلى اليمن؛ فتعلق أسماءهم في الأذهان بسبب نشرات الأخبار، وكأنّهم نجوم هوليوود! نذكر منهم، جمال بن عمر وإسماعيل ولد الشيخ، ومارتن غريفيث، وليس ختاماً، هانز غروندبرغ! وأظنّ الباب لا يزال موارباً لآخرين، ما دامت الأوضاع متوترة واليمن "منكوبا" على حد تعبير منظمة الأمم المتحدة.
ولو تساءلنا: ماذا فعل هؤلاء؟ فإنّ الإجابة، ستكون بالطبع، لا شيء؛ لأنّهم مجرّد موظفين بيروقراطيين حتى النخاع، المهم ملء الأوراق وتسليم التقرير نهاية كلّ زيارة!
آه... نسيت، لا بد من شوية قلق، لأنّ القلق مرض مزمن لدى منظمة الأمم!
الباب انفتح للآخرين ليشاركوا، فمجرّد تسلّم الرئيس الأميركي، جو بايدن، السلطة عام 2016 (لو تذكرون)، عيّن مبعوثاً أميركياً إلى اليمن، وهو تيم ليدركينغ، وكأنه لا يكفي مبعوث أممي ليعزّزه بأميركي!
الاتحاد الأوروبي، لا أدري حتى، إن كان لديه مبعوث خاص إلى اليمن، أظنه، الاتحاد لا المبعوث، كان مشغولاً، آنذاك، بملف بريكست وملف إيران النووي وزواج رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون!
غريبون هؤلاء الأوروبيون؛ "يخلّفون" ثم يتزوجون! أما نحن في الشرق فنفعل العكس، أظن أنّ الموضوع متعلّق بخطوط الطول؛ فكلّما ابتعدت عن خط غرينتش شرقاً تأخر موعد مجيء الأطفال عن الزواج!
ما علينا، نعود إلى موضوع المبعوث، وأظنّ أنّ الاتحاد الأوروبي لن يفعل في ظرفه الحالي، إذ تكفيه حرب أوكرانيا وما صنعته من زلزال هزّ الاتحاد، بل العالم كلّه، بأبعاده السياسية والاقتصادية.
لو تساءلنا: ماذا فعل المبعوثون الأمميون إلى اليمن؟ فإنّ الإجابة، ستكون بالطبع، لا شيء؛ لأنّهم مجرّد موظفين بيروقراطيين حتى النخاع. المهم ملء الأوراق وتسليم التقرير نهاية كلّ زيارة!
الاتحاد الأفريقي بدوره لا أظنّه عيّن مبعوثاً أفريقياً إلى اليمن منذ ذلك الوقت، لأنّه كان مشغولاً بأحداث (مالي) وسد النهضة الإثيوبي، خصوصاً بعدما صرحت إثيوبيا بنيّتها بناء سدود جديدة، وكأنّ سد النهضة لا يكفيها لتوليد المشاكل، أقصد الطاقة الكهربائية. وأظنّه لن يفعل في الوقت الحالي، فأحداث القارة السمراء المتعاقبة تكفيهم؛ فلديهم انقلاب النيجر وحالياً الغابون، ولا ننسى حروب العسكر في السودان.
وماذا عن قارة أميركا الجنوبية، يقولون إنّها لم تعيّن مبعوثاً لاتينياً إلى اليمن، ويبدو أنّ بثّ قناة "الجزيرة" لا يصل إليهم! فـ"الجزيرة" لا تعرف اليمن إلا في الكوارث، فلم أجد أيّاً من برامجها الوثائقية يتناول اليمن، لا "تأملات" ولا "بكسر التاء"، ولا حتى "خارج النص"، مع أنّ اليمن لديها دوماً خارج النص، إلى حين أن تحلّ الكوارث، فتكون اليمن في العناوين! فهل قناة "الجزيرة" تسير وفق سياسة الأمم المتحدة أيضا! (كتبت هذه العبارة وأنا أعتذر، لأنّها قناتي المفضلة بالرغم من أيّ شيء).
بعد التسريب الأخير من البيت الأبيض عن نية الإدارة الأميركية توقيف الحرب في اليمن عام 2030، ما يعني أنّ الفرصة لا تزال متاحة للجميع لتعيين مبعوثه الخاص إلى اليمن! والدعوة مفتوحة لرابطة دول الكومنولث، ودول الـ77، ودول منظمة أوبك (مع أنّي أستبعد أن تفعل لأنّ حجم نفط اليمن لا يؤهلها للانضمام إليها)، ومنظمة التجارة العالمية...إلخ.
متى يبعثُ اللهُ ضمائرَ الساسة اليمنيين، ويلهمهم العودة إلى جادة الصواب؟
وأتوقع أنّ السيناريو سيتطوّر هكذا:
عام 2024، قادة سكان المريخ يتشاورون لإرسال مبعوث مريخي إلى اليمن في الصيف القادم.
وقد نتساءل: لماذا الصيف؟ ربّما من أجل ظروف المناخ المريخي، حيث الصيف أكثر دفئاً في النصف الجنوبي، ولا ننسى أنّ وصول مركبة "المثابر" إليهم في فبراير/ شباط 2021 سهل مهمة التواصل، لكن عليهم أن يستأذنوا من "ناسا"!
عام 2025: اتحاد المجموعة الشمسية يعلن عن نيته إرسال مبعوث شمسي إلى اليمن في أغسطس/ آب القادم.
عام 2028: منسقية مجرة درب التبانة صرّحت عن نيتها إرسال مبعوث تبّاني إلى اليمن في أواخر العام.
عام 2030: المجلس الأعظم لاتحاد المجرات في الجدار العظيم يقدّم اعتذاره لعدم إرسال مبعوثه إلى اليمن لأنّ الإشعاع الراديوي لم يصل إليه بالأخبار إلا متأخراً، وهو مشغول بحروب اليمن الموازي في مجرة أندروميدا!
الآن، بعد كلّ هؤلاء المبعوثين، المبتعثين، العابثين، متى يبعثُ اللهُ ضمائرَ الساسة اليمنيين، ويلهمهم العودة إلى جادة الصواب؟