معمعة التعليم المغربي
يوما ما لن يقولوا لماذا كان التعليم رديئا ولكن سيقولون لمَ صمت الأساتذة؟ خصوصا إذا أصبحت الرداءة معمعة فيها جعجعة ليست بلا طحين طبعا، وإنما تعجنُ وتخبز أجيال ومستقبل أمم على رأسها أمتنا المغربية، تلك التي عبتُ عنها يوما أنه من العار على مملكة بكامل قوامها، عُمرها مئات الأعوام ألا توفر أقساما لأبنائها تقيهم حر الشمس والشتاء والجهل.
أفلم يقل فولتير أنك عندما تبني مدرسة فأنت تغلق سجنا؟ فلِم ترتجف أيادي المسؤولين وتتردد عند الإمضاء على تخصيص بضعة ملايين سنتيمات تساوي مستقبلا بكامله للبعض. وهو عجز يجعلنا أمام اكتظاظ لا ينفع أي اجتهاد إداري ديداكتيكي أو بيداغوجي. فالسياسة الرشيدة أصل كل نشاط بشري آخر وهذا أول درس في الفكر الإنساني السليم المعافى.
هذا القرار منذ بدء تنفيذه تمت مجابهته باحتجاجات وإضرابات من طرف تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد
يحدث ذلك في وقت يشير فيه الميثاق الوطني للتربية والتكوين بل ويؤكد أن التعليم هو القضية الثانية للأمة بعد قضية وحدتها الترابية، وما فتئت خطب الملك في كل مناسبة تشدد على ضرورة إصلاح قطاع التعليم باعتباره الرافعة الرئيسية لكل تنمية مأمولة للبلد، ما دام الأمر متعلقا برهان وجودي نكون فيه أو لا نكون. ذلك هو السؤال بالخط العريض.
هذا هو سبب اختياري تسميتها بالمعمعة، فهي ليست مسألة، مشكلة، أو حتى قضية. لربما كانت بهذا الشكل قبل عشر سنوات. أما اليوم فنحن في مواجهة منظومة تعليمية تعرضت للضرب تحت الحزام، وفي عمقها تحديدا مع قرار كبير أُخذ على عجل بسن مشروع توظيف الأساتذة بالتعاقد مع الأكاديميات بدل أن يكونوا مُرسمين في الوزارة.
هذا القرار منذ بدء تنفيذه تمت مجابهته باحتجاجات وإضرابات من طرف تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد. مواجهة الكل فيها خاسر بمنطق مصلحة الأمة لكن صاحب أفدح خسارة هم التلامذة الذي كان القسم بمثابة ملجأ آمن لهم من وحشية الشارع التي باتت تتربص بهم..
لنصل إلى حالة مزرية مقارنة بقبل حين كان التلامذة على الأقل يكتسبون تربية داخل حجرات الدرس إن لم يتمكنوا من تعلم شيء. أما اليوم فقد ضاع الاثنان في واحدة من السرقات السياسية بخصوص التربية والتعليم التي عرفتها الدولة والمملكة ككل.
قد يقول البعض إن هذه قراءة شخصية وخاصة بواحد من المتضررين فيها تجنٍ وعدم إنصاف لقرار استراتيجي فيه مصلحة للبلد. تلك فرضية واردة. ولكن فليخبرني أحد ما.. الأمر غير الشخصي.