اغتيال شيرين أبو عاقلة... لن تغتالوا الرواية
"فقد اخترت الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان، ليس سهلاً ربما أن أغير الواقع، لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم". الشهيدة شيرين أبو عاقلة.
لم تغتل إسرائيل شيرين، رحمها الله، فقط، بل اغتالتنا جميعاً، وجهت بنادقها ورشاشاتها لصدر كل صحافي وصحافية، كل باحث عن الحقيقة، كل شاهد وشاهدة أخذوا على عاتقهم الكفر بالصمت والإيمان بمهنة الحقيقة وتوثيق الرواية، ومواجهة التزييف، والصدح بالكلمة، في مواجهة دولة التطهير العرقي، والإبادة، والفصل العنصري.
لإسرائيل ثأر مع شيرين ومع كل صحافيي العالم، فالمجرم يريد دوماً اغتيال الشهود، وطمس الحقيقة، وتغييب الرواية، حاولت إبادة وإلغاء الشعب الفلسطيني كله، برواية شعب بلا أرض، لأرض بلا شعب، وهي ذاتها وبعقلية العصابات التي أسستها ذاتها تواصل اغتيال الشهود، ومحاولة تزييف الرواية، والاستمرار في التغطية على سرقة بلد وتهجير شعب وسرقة وطن.
اغتيال الزميلة شيرين يؤكد من جديد على أن دولة العصابات التي قامت عام 1948 لم يتغير سلوكها في عام 2022 رغم كل مساحيق التجميل التي تحاول وضعها، ويحاول من يطبع معها مساعدتها في تجميل قبح وجهها الدموي. والدلالة الثانية أن هناك مشكلة مزمنة لدى إسرائيل مع الحقيقة، والثالثة أن إسرائيل لا تفرق بين مسيحي ومسلم، بين فتحاوي وحمساوي، بين صحافي ومقاوم، أو بين رجل وامرأة، هذه كلها معان ينبغي التوقف عندها والتوقف طويلا.
اغتيال الزميلة شيرين يؤكد من جديد على أن دولة العصابات التي قامت عام 1948 لم يتغير سلوكها في عام 2022 رغم كل مساحيق التجميل التي تحاول وضعها
ينبغي كذلك إعادة النظر في السياسة التحريرية التي تعتمدها بعض القنوات، فلقد حان الوقت لمنع تلك الوجوه الصهيونية التي تطل على المشاهدين العرب، وتدافع عن دولة الاحتلال، وتبرر جرائمها، هؤلاء شركاء في دم شيرين وفي دم آلاف الفلسطينيين الذين اغتالهم الاحتلال على مدار 74 عاماً الماضية، ويحاول من يظهر بصفته محللا أو صحافيا تبريرها فيما هو شريك أساسي فيها.
لم ألتق شيرين سوى مرتين أو ثلاثة، لكنها زميلة دراسة تخرجت قبلنا بعام من قسم الصحافة بجامعة اليرموك الأردنية، هي فلسطينية في كل تفاصيل حياتها، هي جزء من حياة جيلنا رافقتنا 25 عاماً كانت فيها عيننا في فلسطين، وكانت أيقونة صحافية.
مرة أخرى للتأكيد وليس للإعادة: لم تغتل إسرائيل شيرين، رحمها الله، فقط، بل اغتالتنا جميعاً، وجهت بنادقها ورشاشاتها لصدر كل صحافي وصحافية، كل شاهد وشاهدة أخذوا على عاتقهم الكفر بالصمت والإيمان بمهنة الحقيقة وتوثيق الرواية، ومواجهة التزييف، والصدح بالكلمة، في مواجهة دولة التطهير العرقي، ونظام الفصل العنصري الذي تقيمه.
هل ستحاسب إسرائيل؟ ربما لا، جراء ازدواجية المعايير التي تحكم هذا العالم الذي نعيش فيه، لكن شيرين بالضرورة ستكون واحدة ممن ترفع صورهم بعد اندحار هذا الاحتلال وزواله.