أسعار المحروقات المسعورة
الكازوال (الديزل) الذي كنا نشعل به النار بات يحرقنا، هذا لسان حال المواطن المغربي اليوم، ترنيمته الرئيسية صباح مساء، والسبب زيادة صاروخية في ثمن المحروقات كواحد من القطاعات الحيوية لاقتصاد البلاد إلى جانب الخبز، إذ المغاربة لا يأكلون بمفردهم وإنما برفقة سياراتهم وشاحناتهم ودراجاتهم النارية.
بدأ الأمر برمته مع قرار لحكومة سابقة برفع الدعم الحكومي على المحروقات، وهو قرار نظراً لعبثيته لم نفهم منه سوى عبارة "واش فهمتوني ولا لا" الشهيرة.
هذه الشركات لا تكلف نفسها حتى الرد على الصرخات المتتالية للمواطنين
حدث ذلك بعدما توقفت "لاسامير" -وهي الشركة الوحيدة المختصة في تكرير النفط- عن العمل. ليفتح باب قاروني أمام شركات التوزيع الخاصة حتى تثقب جيوب المغاربة بزيادات متعاقبة لم يستوعبها حتى عداد محطاتهم، ووصلت لخمسة دراهم في اللتر الواحد، مكنتها من تحقيق أرباح من المستحيل عليها نيلها في دول أخرى متوسط دخل أفرادها أكبر من المغاربة المساكين؛ بما أن بعضها شركات متعددة الجنسيات. فشكراً لك أيتها العولمة. وعذراً يا أساتذة الاقتصاد، فالغضب والمعاناة يجعلنا اختصاصيين من غير قصد.
دعونا نذهب أبعد من الاقتصاد كي نستوعب المقصد من هذا الوضع المعقد، لنتساءل كيف أن هذه الشركات غير مسجلة في البورصة؟ ولا نعرف حجم تعاملها وأرباحها باستثناء واحدة كما يشير الخبراء.
يعني هذا وجود نية مبيتة للضرب تحت حزام المواطن في ظل عجزه عن حماية نفسه بواسطة آليات الدولة التي فوض لها أمر تسيير شؤونه. وبالتالي نحن أمام الركن الأول لجريمة جماعية وهو النية. أما التخطيط والتنفيذ باعتبارهما الركنين الآخرين فواضحان إلى درجة الفضيحة.
الأدهى من هذا، أن هذه الشركات لا تكلف نفسها حتى الرد على الصرخات المتتالية للمواطنين الذين باتوا يقرأون المعوذتين وسورة ياسين قبل إدارة مفتاح سياراتهم، بعيونهم الزائغة بين مراقبة أسعار البترول العالمية المتراجعة إلى أثمنتها الأصلية ونظرات اللصوص الجدد وهم يسرقون الدراهم والملايين منهم جهاراً نهاراً.