قمم لا ترى الشمس، ولا تناطح السحاب، قمم بأطوال عادية لرجال عاديين تبرز فجأةً من فوهة في الأرض، ثم تسدّد بعزم.. إنّها قمّة المقاوم الصامد في أرضه وبين ناسه
بين مصر وغزة تاريخ وأواصر حب لا تنساها غزّة مهما وضعوا له حدودًا وفوقه أسيجة وأسوارًا، هو ذلك الحبل الممتدّ من القطاع إلى تلك الأم التي لا تتخلّى عن غزّتها.
ها هي مصر وقد أهانوا شرفها، وأسقطوا عنها رداءها، جرّدوها من فعل التاريخ، ومن فعالية الجغرافيا، يمزقون ثيابها الطاهرة الوقورة، ويسلخونها عن انتمائها ومحيطها.
لم يكلّف الجيش الإسرائيلي نفسه بإشعال عود ثقاب جديد، وإنّما فقط مدّ يده إلى أيّ جوار من بلاد الجور حول غزة، واقتبس من نيرانها نارًا، وأشعل من جحيمها جهنم.
لم يكن الاحتلال ينتظر "طوفان الأقصى" لينكّل بغزّة ويحاول إلقاءها في البحر، تلك الخطّة كانت عنده منذ زمن طويل، ولولا مباغتة غزّة له لكان هو من بدأ بالمباغتة.
وصلنا إلى يومٍ تتحوّل فيه كلّ بقعة ناصرت غزّة إلى غزّة أخرى، فباتت مخيّمات الضفة مليئة بالجرافات، وأصبح لبنان يقصف يومياً لأنه ساند المقاومة ولم يتركها وحدها
أيّها الشتاء العزيز، لقد نقص التعداد عن العام الماضي خمسين ألفاً، وهؤلاء الأطفال الذين كانوا يحفظون أغانيك وتحفظ أغانيهم لحظة هطول المطر، لم يعودوا موجودين.