100 ألف مختف قسرياً في سورية غالبيتهم لدى النظام

28 اغسطس 2020
غالبية المختفين قسرياً لدى قوات النظام (Getty)
+ الخط -

أفادت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، بأنّ "قرابة 100 ألف مواطن سوري مختفٍ قسرياً منذ مارس/ آذار 2011 إلى أغسطس/ آب2020، غالبيتهم لدى النظام".

وقالت، في تقريرها التاسع عن الاختفاء القسري في سورية، الذي يصدر بالتزامن مع "اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري" المقرر في 30 من أغسطس/آب، والذي اطلع عليه "العربي الجديد"، إنّه منذ "قرابة تسعة أعوام ونسبة المختفين قسرياً في ازدياد والنظام السوري مسؤول عن قرابة 85% من الحالات، في حين تتوزع البقية على قوات سورية الديمقراطية (قسد)، وفصائل المعارضة (الجيش الوطني)، والتنظيمات المتطرفة (تنظيم داعش وهيئة تحرير الشام)". 

وبيّن التقرير أنّه "غالباً ما تكون قوات الأمن التابعة للأجهزة الأربعة الرئيسية في سورية هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيدا عن السلطة القضائية،... ويتحوَّل أكثر من 65% من إجمالي حالات الاعتقال إلى اختفاء قسري. إن هذا التكتيك متبع بدقة وصرامة من قبل النظام السوري، وقد قامت بقية أطراف النزاع بتقليده واتباعه".

وبحسب قاعدة بيانات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، فإنَّ ما لا يقل عن 148191 شخصاً لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية منذ مارس/آذار 2011 حتى أغسطس/ آب 2020، منهم  130758 شخصاً، بينهم 3584 طفلاً و7990 امرأة، لدى قوات النظام، في حين يتحمل كل من تنظيم داعش مسؤولية 8648 شخصاً، بينهم 319 طفلاً و225 امرأة، وهيئة تحرير الشام 2125، بينهم 19 طفلاً و33 امرأة، والمعارضة المسلحة/ الجيش الوطني 3262، بينهم 324 طفلاً و786 امرأة، وقسد 3398، بينهم 620 طفلاً و169 امرأة.

ولفت التقرير إلى أن حصيلة المختفين قسرياً بلغت ما لا يقل عن 99479 شخصاً لا يزالون قيد الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية منذ مارس/آذار 2011 حتى أغسطس/آب 2020، 84371، بينهم 1738 طفلاً و4982 امرأة، لدى قوات النظام، موضحاً أنّ محافظة ريف دمشق تتصدر بقية المحافظات من حيث حصيلة ضحايا الاختفاء القسري، تليها حلب ثم دمشق، بحسب مناطق الاعتقال.

وتضمن تقرير الشبكة العديد من شهادات لعائلات ضحايا وحالات لأشخاص مختفين قسرياً لدى قوات النظام، منهم ذوو الطفل أسامة محمد وقاف، من أبناء حي صلاح الدين بمدينة حلب، كان يبلغ من العمر حين اعتقاله 17 عاماً، اعتقلته قوات النظام يوم الأحد 1 يناير/كانون الثاني 2012، في مشفى الجامعة في مدينة حلب، واقتادته إلى جهة مجهولة.

ومن هؤلاء أيضاً ذوو سليمان علي الزيد، من أبناء قرية البصيرة بريف محافظة دير الزور، يقيم في قرية الباردة في محافظة ريف دمشق حيث مكان عمله، من مواليد عام 1965، اعتقلته قوات النظام يوم الثلاثاء 5 مارس/ آذار 2013، مع بناته الثلاث (مروى، سوزان، علا)، من مواليد 1994، 1998، 2000، على الترتيب، لدى مرورهم على إحدى نقاط التفتيش التابعة لها (حاجز الفان)، قرب قرية  الباردة، جنوب محافظة ريف دمشق، وتم اقتيادهم إلى جهة مجهولة.

 كما تضمن التقرير شهادات لذوي أشخاص مختفين قسرياً لدى الجهات الأخرى. 
وأشار إلى أنّ "العديد من التوصيات، منها الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، وتتضمن عقد اجتماع طارئ لمناقشة هذا الشأن الخطير الذي يُهدد مصير قرابة 100 ألف شخص، ويُرهب المجتمع السوري بأكمله، تطالب بالعمل على الكشف عن مصير المختفين قسرياً بالتوازي أو قبل البدء بجولات العملية السياسية ووضع جدول زمني صارم للكشف عن مصيرهم، واللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحماية المعتقلين من الموت داخل مراكز الاحتجاز، ولوضع حدٍّ لوباء الاختفاء القسري المنتشر في سورية، كونه يُهدد أمن واستقرار المجتمع".

كما وجه التقرير توصيات إلى النظام، منها: "التَّوقف عن استخدام الدولة السورية كأنَّها ملك عائلة خاص، التَّوقف عن إرهاب المجتمع السوري عبر عمليات الإخفاء القسري والتعذيب والموت بسبب التعذيب، التوقف عن التلاعب بالسِّجلات المدنية وتسخيرها لخدمة أهداف العائلة الحاكمة، تحمُّل التَّبعات القانونية والمادية كافة، وتعويض الضحايا وذويهم من مقدرات الدولة السورية".

كما وجه التقرير توصية إلى  مجلس حقوق الإنسان، تنص على متابعة قضية المعتقلين والمختفين قسراً في سورية وتسليط الضوء عليها ضمن جميع الاجتماعات السنوية الدورية، وتخصيص جلسة خاصة للنَّظر في هذا التَّهديد، وأخرى إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان، تنص على إعداد تقرير خاص وتفصيلي يُسلِّط الضوء على هذه الكارثة بكافة أبعادها النفسية والاجتماعية والاقتصادية ودعم منظمات حقوق الإنسان المحلية الفاعلة في سورية.

ووجه أخيراً توصية إلى الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري لدى الأمم المتحدة، تنص على زيادة عدد العاملين في قضية المختفين قسراً في مكتب المقرر الخاص المعني بحالات الاختفاء القسري في سورية، نظراً لكثافة وحجم حالات المختفين قسرياً فيها.

وقال مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" فضل عبد الغني، لـ"العربي الجديد": "نحن منظمة تعمل منذ 9 سنوات، وقد كوّنا شبكة علاقات واسعة جداً، تعتبر مصادر موثوقة، كما لدينا على موقعنا الإلكتروني استمارة لتوثيق المعتقلين والمختفين قسريا، إضافة إلى أرقام هواتف للاتصال، ما جعل لدينا القدرة على تقديم إحصاءات موثقة، في حين أن التقديرات قد تكون أكثر من الضعف، لكن هذا ما استطعنا توثيقه ولو بالحد الأدنى".

وأضاف "توثيق المختفين قسرياً واحدة من أصعب عمليات التوثيق، بسبب مخاوف الأهالي من التواصل، وخاصة في المناطق التي يسيطر عليها النظام"، معرباً عن اعتقاده بوجود الكثير من الحالات التي لا تستطيع الشبكة الوصول إليها، والمعنيون بها غير قادرين على الوصول إلينا، بالرغم من الانتشار الواسع للشبكة، وهذه صعوبة حقيقية، لذلك نقول إننا نقدم الحد الأدنى".

وذكر أنّ "الشبكة تصدر التقرير بشكل سنوي، ونحاول إيصاله إلى جميع الأطراف الفاعلة وذات الصلة، وخاصة أننا نتحدث عن نحو مليوني متأثر بشكل مباشر أو غير مباشر، وبالتالي من غير المنطقي الحديث عن محادثات سلام دون الكشف عن مصير المختفين قسرياً".

ورأى أنّ "ملف المعتقلين متوقف بشكل تام، والمجتمع الدولي لم يستطع إطلاق سراح أي معتقل سوري أو الكشف عن مصيره، وقد تراجع على المستوى الدولي بسبب وجود ضغوطات حقيقية على النظام، ويبدو أن هناك اتفاقاً غير معلن على وضع هذا الملف جانباً، والمضي في العملية السياسية الخاصة باللجنة الدستورية، لكن أعتقد أنه أمر خاطئ، حيث لن تنال أي عملية سياسية الثقة دون حل أزمة ملف المعتقلين عبر الكشف عن مصيرهم وإطلاق سراحهم".

يذكر أنّ سورية شهدت، منذ مارس/ آذار من عام 2011، حراكاً مناهضاً للنظام السوري، شارك فيه ملايين السوريين، إلا أن اعتماد العنف المفرط من قبل النظام لقمع هذا الحراك، دفع البلاد إلى الدخول في أتون الصراع المسلح والمستمر إلى اليوم، الأمر الذي دفع نحو نصف الشعب السوري ليكون ما بين نازح ولاجئ، ووجود عشرات آلاف المعتقلين والمختفين قسرياً.

المساهمون