رغم الحملات الكبيرة التي تشنّها الحكومة التركية بسبب ارتفاع نسب الولادات القيصرية، إلا أنها ما زالت واحدة من أكبر النسب في العالم، وترتفع بشكل مضطرد، وسط اتهامات متكررة للأطباء باللجوء إلى هذه العمليات لزيادة أجرهم، الأمر الذي ينفيه الأطباء، ليلوموا النساء اللواتي يفضلن العملية القيصرية خوفاً من ألم الولادة الطبيعية.
وتشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى أن النسبة المقبولة للولادات القيصرية يجب ألا تتجاوز 10 أو 15 في المائة من عموم الولادات، فقد احتلت تركيا المرتبة الأولى لناحية ارتفاع الولادات القيصرية بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بنسبة 53 في المائة، بزيادة 16 في المائة عن العام الماضي، في وقت كان المعدل في باقي دول المنظمة نحو 28 في المائة.
وبحسب إحصائيات وزارة الصحة التركية العام الماضي، شهدت تركيا مليونا و248 ألفاً و41 ولادة (من دون احتساب ولادات اللاجئيين السوريين)، من بينها 676 ألفاً و152 ولادة قيصرية. واحتلت المستشفيات الخاصة رأس القائمة بتحقيقها ما نسبته 44،5 في المائة من الولادات القيصرية، تليها المستشفيات التعليمية والبحثية بنسبة 15،9 في المائة، ثم المستشفيات الجامعية بنسبة 5،3 في المائة، بينما كانت النسبة مرتفعة أيضاً في المستشفيات الحكومية بنسبة 43،4 في المائة.
وفي وقت تحمل وسائل الإعلام الأطباء مسؤولية زيادة نسب الولادات القيصرية، تنفي الأوساط الطبية التركية الأمر، مشيرة إلى أسباب أخرى، منها ارتفاع معدل أعمار الأمهات اللواتي ينجبن للمرة الأولى، والحمل نتيجة تقنية أطفال الأنابيب، ورغبة بعض النساء بالولادة القيصرية بسبب الخوف من آلام الولادة الطبيعية، ورغبة الأطباء في تجنّب أي أخطاء طبية قد تفتح عليهم أبواب المحاكم التي لا تنتهي، إضافة إلى نقص القابلات القانونيات.
وتؤكّد الطبيبة عائشة بارش أنّ اللجوء إلى العملية القيصرية يجب أن يقتصر على بعض الحالات، كأن يكون الحمل متعدداً، أو يكون الجنين في وضعية مقعدية، أو يكون هناك تشوهات، أو تكون الأم أو الجنين في وضعية حرجة. وتنفي بارش التي تعمل في مستشفى بحثي أن يكون المال دافعاً للتوجه إلى العمليات القيصرية. وتقول: "لا نحصل على مال أكثر في حال لجأنا إلى الولادات القيصرية. يمكن أن يحدث ذلك في المستشفيات الخاصة، إلا أن الأمور لا تجري بهذه الطريقة". وتسأل: "ماذا يفعل الأطباء حين تصر الأمّ على الولادة القيصرية، رغم التحذيرات التي نقدمها لها في ما يتعلق بخطورة العملية ومضاعفاتها المحتملة، وأهمية الولادة الطبيعية، وطمأنتها بوجود قابلة قانونية معها طوال الوقت".
اقــرأ أيضاً
من جهته، يؤكّد الطبيب النسائي حاقان غوكسفر، أن الأطباء، وفي ظل الدعاوى التي واجهوها بسبب أخطاء أثناء الولادة، باتوا يلجؤون إلى الولادة القيصرية التي تقل فيها نسب حصول إصابات للجنين. ويقول: "من الناحية القانونية، هناك تحامل على الأطباء بشدة، وهوس اجتماعي بتحويل الطبيب إلى ظالم في حال حدوث أي خطأ، حتى لو كان مقبولاً طبياً، بسبب جهل الإعلاميين. وهذا يؤثّر على القضاء أيضاً، عدا عن كون العقوبات الجزائية كبيرة للغاية". يضيف أنه خلال السنوات الأخيرة، زاد عدد الدعاوى، ما أدى إلى تغريم الأطباء.
وبهدف تجنّب هذه المخاطر، باتوا يلجؤون إلى الولادات القيصرية بدلاً من الطبيعية. من جهة أخرى، هناك اعتقاد لدى الأمهات بأن الولادة القيصرية أكثر سهولة. هذان السببان ساهما في ارتفاع نسب الولادات القيصرية.
من جهة أخرى، تستمرّ الحملات الحكومية ضد العمليات القيصرية. وعمد عدد من مديري الصحة في بعض الولايات التركية إلى منح شهادات تقدير للأطباء الذين تكون نسبة الولادات القيصرية في سجلاتهم هي الأقل، عدا عن الحملات التي تطلقها وزارة الصحة التركية للتوعية حول فوائد الولادة الطبيعية ومشاكل الولادات القيصرية. وهدّد وزير الصحة السابق، رجب أكداغ، بمعاقبة المستشفيات التي تكون فيها نسبة الولادات القيصرية عالية، بعد مراجعة ملفاتها من قبل لجان علمية.
في المقابل، ترى الطبيبة النسائية سمرا أوز أن مواجهة المشكلة لا تكون من خلال وضع قوانين لمعاقبة المستشفيات، بل لا بد من طرح حلول عملية، منها زيادة عدد القابلات القانونيات في البلاد. وتوضح أن وزارة الصحة تعمل على وضع استراتيجيات طويلة الأمد لزيادة عدد القابلات القانونيات، ليكون هناك قابلة لكل أم، وتدريب القابلة بشكل جيد لتكون قادرة على الحد من قلق الأم وشريكها بسبب عملية الولادة، وإعطائها هي وشريكها المعلومات الواضحة للتعامل مع العملية منذ البداية.
وترى أنّ القابلة يجب أن تكون قادرة على إدارة الولادة الطبيعية ومراقبة الأم وتجربة مختلف الوسائل المساعدة في عمليات الولادة الطبيعية بشكل آمن، والحد من ألمها ومساعدة الأم على بدء علاقة جيدة مع الطفل وتشجيعها على الرضاعة. كذلك، يجب تجهيز أماكن بمعايير جيدة للعناية بالأم أثناء الولادة الطبيعية، لتشعر بالأمان.
في هذا الإطار، تستمرّ الحملات التي تشجع المرأة على الولادة الطبيعية، حفاظاً على صحة المرأة والجنين في آن.
اقــرأ أيضاً
وتشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى أن النسبة المقبولة للولادات القيصرية يجب ألا تتجاوز 10 أو 15 في المائة من عموم الولادات، فقد احتلت تركيا المرتبة الأولى لناحية ارتفاع الولادات القيصرية بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بنسبة 53 في المائة، بزيادة 16 في المائة عن العام الماضي، في وقت كان المعدل في باقي دول المنظمة نحو 28 في المائة.
وبحسب إحصائيات وزارة الصحة التركية العام الماضي، شهدت تركيا مليونا و248 ألفاً و41 ولادة (من دون احتساب ولادات اللاجئيين السوريين)، من بينها 676 ألفاً و152 ولادة قيصرية. واحتلت المستشفيات الخاصة رأس القائمة بتحقيقها ما نسبته 44،5 في المائة من الولادات القيصرية، تليها المستشفيات التعليمية والبحثية بنسبة 15،9 في المائة، ثم المستشفيات الجامعية بنسبة 5،3 في المائة، بينما كانت النسبة مرتفعة أيضاً في المستشفيات الحكومية بنسبة 43،4 في المائة.
وفي وقت تحمل وسائل الإعلام الأطباء مسؤولية زيادة نسب الولادات القيصرية، تنفي الأوساط الطبية التركية الأمر، مشيرة إلى أسباب أخرى، منها ارتفاع معدل أعمار الأمهات اللواتي ينجبن للمرة الأولى، والحمل نتيجة تقنية أطفال الأنابيب، ورغبة بعض النساء بالولادة القيصرية بسبب الخوف من آلام الولادة الطبيعية، ورغبة الأطباء في تجنّب أي أخطاء طبية قد تفتح عليهم أبواب المحاكم التي لا تنتهي، إضافة إلى نقص القابلات القانونيات.
وتؤكّد الطبيبة عائشة بارش أنّ اللجوء إلى العملية القيصرية يجب أن يقتصر على بعض الحالات، كأن يكون الحمل متعدداً، أو يكون الجنين في وضعية مقعدية، أو يكون هناك تشوهات، أو تكون الأم أو الجنين في وضعية حرجة. وتنفي بارش التي تعمل في مستشفى بحثي أن يكون المال دافعاً للتوجه إلى العمليات القيصرية. وتقول: "لا نحصل على مال أكثر في حال لجأنا إلى الولادات القيصرية. يمكن أن يحدث ذلك في المستشفيات الخاصة، إلا أن الأمور لا تجري بهذه الطريقة". وتسأل: "ماذا يفعل الأطباء حين تصر الأمّ على الولادة القيصرية، رغم التحذيرات التي نقدمها لها في ما يتعلق بخطورة العملية ومضاعفاتها المحتملة، وأهمية الولادة الطبيعية، وطمأنتها بوجود قابلة قانونية معها طوال الوقت".
من جهته، يؤكّد الطبيب النسائي حاقان غوكسفر، أن الأطباء، وفي ظل الدعاوى التي واجهوها بسبب أخطاء أثناء الولادة، باتوا يلجؤون إلى الولادة القيصرية التي تقل فيها نسب حصول إصابات للجنين. ويقول: "من الناحية القانونية، هناك تحامل على الأطباء بشدة، وهوس اجتماعي بتحويل الطبيب إلى ظالم في حال حدوث أي خطأ، حتى لو كان مقبولاً طبياً، بسبب جهل الإعلاميين. وهذا يؤثّر على القضاء أيضاً، عدا عن كون العقوبات الجزائية كبيرة للغاية". يضيف أنه خلال السنوات الأخيرة، زاد عدد الدعاوى، ما أدى إلى تغريم الأطباء.
وبهدف تجنّب هذه المخاطر، باتوا يلجؤون إلى الولادات القيصرية بدلاً من الطبيعية. من جهة أخرى، هناك اعتقاد لدى الأمهات بأن الولادة القيصرية أكثر سهولة. هذان السببان ساهما في ارتفاع نسب الولادات القيصرية.
من جهة أخرى، تستمرّ الحملات الحكومية ضد العمليات القيصرية. وعمد عدد من مديري الصحة في بعض الولايات التركية إلى منح شهادات تقدير للأطباء الذين تكون نسبة الولادات القيصرية في سجلاتهم هي الأقل، عدا عن الحملات التي تطلقها وزارة الصحة التركية للتوعية حول فوائد الولادة الطبيعية ومشاكل الولادات القيصرية. وهدّد وزير الصحة السابق، رجب أكداغ، بمعاقبة المستشفيات التي تكون فيها نسبة الولادات القيصرية عالية، بعد مراجعة ملفاتها من قبل لجان علمية.
في المقابل، ترى الطبيبة النسائية سمرا أوز أن مواجهة المشكلة لا تكون من خلال وضع قوانين لمعاقبة المستشفيات، بل لا بد من طرح حلول عملية، منها زيادة عدد القابلات القانونيات في البلاد. وتوضح أن وزارة الصحة تعمل على وضع استراتيجيات طويلة الأمد لزيادة عدد القابلات القانونيات، ليكون هناك قابلة لكل أم، وتدريب القابلة بشكل جيد لتكون قادرة على الحد من قلق الأم وشريكها بسبب عملية الولادة، وإعطائها هي وشريكها المعلومات الواضحة للتعامل مع العملية منذ البداية.
وترى أنّ القابلة يجب أن تكون قادرة على إدارة الولادة الطبيعية ومراقبة الأم وتجربة مختلف الوسائل المساعدة في عمليات الولادة الطبيعية بشكل آمن، والحد من ألمها ومساعدة الأم على بدء علاقة جيدة مع الطفل وتشجيعها على الرضاعة. كذلك، يجب تجهيز أماكن بمعايير جيدة للعناية بالأم أثناء الولادة الطبيعية، لتشعر بالأمان.
في هذا الإطار، تستمرّ الحملات التي تشجع المرأة على الولادة الطبيعية، حفاظاً على صحة المرأة والجنين في آن.