بعدما فرضت مليشيا "الحشد الشعبي" سيطرتها على عشرات القرى والمزارع الواقعة جنوب وغرب مدينة الموصل وصولاً إلى مشارف مدينة تلعفر (غربها)، دأبت المليشيات على تعزيز مواقعها في هذه المناطق الشاسعة، وذلك من خلال نشر مجموعات مسلحة في جميع القرى الواقعة على الطريق المؤدية إلى المدينة.
واتخذت من المساكن الطينية والمساجد الصغيرة الموجودة في هذه القرى مقرات لها، بينما اختفى ساكنو هذه القرى بعدما فرّوا بعائلاتهم نحو مخيمات النزوح أو باتجاه الحدود العراقية السورية، هرباً من مواجهة نفس مصير المدنيين الذين تعرضوا للتنكيل على يد هذه المليشيات.
ويُضاف إلى العمليات العسكرية التي تشنها مليشيات "الحشد" للسيطرة على مناطق غرب الموصل، أن مئات من الحفارات والجرافات العسكرية التابعة لها باشرت بشق طريق ترابي بين القرى والمزارع الأهلية، لربط مناطق جنوب الموصل بغربها وصولا إلى الحدود العراقية مع سورية، بحسب قيادي في مليشيا بدر.
وأضاف القيادي، لـ"العربي الجديد"، أن الطريق سيستخدم لتسهيل مرور القطعات العسكرية التي تحمل المؤونة الخاصة بقوات الحشد الشعبي المشاركة في عملية تحرير مدينة تلعفر والمناطق المحيطة بها.
ووثّق "العربي الجديد" تكدس العشرات من آليات الحفر والجرافات التي تعمل على شق طريق إلى سورية، عبر محور جنوب غربي تلعفر باتجاه مناطق عرب شمر، حيث الحدود العراقية السورية.
وأعلن قائد إحدى مجموعات مليشيا "بدر" المنضوية في "الحشد الشعبي"، حسين السعيدي، في تصريح صحافي، أن "الجهد الهندسي في الحشد الشعبي قام ببناء ساتر ترابي يمتد لمسافة 90 كيلومترا يفصل مناطق غرب الموصل عن بقية المناطق التي تم تحريرها، لحمايتها من الهجمات المحتملة التي قد يشنها عناصر داعش".
ويثير قيام مليشيات الحشد ببناء طريق ترابي يمتد حتى مدينة تلعفر القريبة من الحدود العراقية مع سورية، المخاوف بشأن سعي المليشيات المدعومة من إيران، إلى إيجاد طريق بري يمتد عبر العراق لدعم قوات النظام السوري. ويرجح أن يستخدم الطريق مستقبلا كممر مباشر لنقل السلاح وعناصر المليشيات لدعم نظام الأسد، وذلك بحسب مصادر محلية عراقية.
وتجددت هذه المخاوف بعد إعلان قيادات بارزة في مليشيات الحشد استعدادها للانخراط مباشرة في القتال إلى جانب قوات النظام السوري، إذ أعلن زعيم مليشيا بدر، هادي العامري، أن "الحشد الشعبي على استعداد للقتال داخل الأراضي السورية لملاحقة تنظيم داعش إذا ما طلبت الحكومة السورية ذلك".
من جهته، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في مؤتمر صحافي عقده في مكتبه ببغداد، يوم أمس، أن "العراق على استعداد للمشاركة بقوات عسكرية عراقية للقتال إلى جانب قوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في سورية".
ورصد "العربي الجديد" وجود مئات الحفارات والجرافات والآليات الإنشائية الأخرى على أحد مدارج مطار تلعفر العسكري، بعدما قامت مليشيات الحشد بفرض سيطرتها على مطار تلعفر العسكري المجاور لمدينة تلعفر (60 كيلومترا غرب الموصل).
على صعيد آخر، أُجبر عناصر تنظيم داعش على الانسحاب من مطار تلعفر أمام تقدم المليشيات، بعدما قام عناصر التنظيم بتدمير جميع مرافق المطار وقلع مدارج الطائرات بالجرافات وتدمير مرابض الطائرات بالكامل، بحسب مصدر أمني.
وأعلنت مليشيات الحشد الشعبي عن سعيها إلى اتخاذ مطار تلعفر العسكري مركزا لانطلاق وإدارة عملياتها العسكرية المستمرة، للسيطرة على مدينة تلعفر والمناطق التابعة لها.
وقال القيادي في مليشيا بدر، أبو ناصر التميمي، إن "الجهد الهندسي التابع لقوات الحشد يقوم حاليا بتطهير مطار تلعفر من العبوات الناسفة والمخلفات الحربية التي تركها تنظيم داعش لإعادة تأهيله واتخاذه كمقر لقوات الحشد الشعبي في قيادة المعارك لتحرير مدينة تلعفر والسيطرة على المناطق الحدودية مع سورية".
وتواصل المليشيات قصف أحياء مدينة تلعفر بمختلف الأسلحة والصواريخ الثقيلة، تمهيدا لعملية اقتحامها، على الرغم من التحذيرات المحلية والدولية حول ضرورة إبعاد المليشيات المتهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق مدنيين عراقيين في المعارك الجارية للسيطرة على مدينة تلعفر.