مقال لهيكل عام 1978 يباع في أميركا

17 فبراير 2016
مقال هيكل يوثّق لفترات تاريخية مهمّة (فورين أفيرز)
+ الخط -
بالرغم من مضي أزيد من ثلاثين سنة على نشره، ما زالت مجلة فورين أفيرز (الشؤون الخارجية) الأميركية تبيع في موقعها على الإنترنت مقالا شهيرا للصحافي المصري الراحل محمد حسنين هيكل، نشرته عام 1978.

ويصنّف بعض الباحثين هذا المقال ضمن أفضل الدراسات لشاهد عيان عن كيفية صنع القرارات (المصرية المصيرية)، خاصة تلك المتعلقة بالسياسة الخارجية في عهد الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات.

المقال الذي افتتح بمقدمة غير نمطية لم تزد عن 71 كلمة، قدم فيها هيكل تلخيصا لمحتوى مقاله الطويل، وشدّت الفقرة إياها آخرين لمعرفة التفاصيل لما لها من جاذبية مبعثها بساطة الكلمات ووضوح السرد.

وتطرق الصحافي الراحل في مقاله باختصار شديد للقرارات المصرية التاريخية، والتي جعل منها مدخلا لتوضيح الفروق بين أسلوبي ناصر والسادات في اتخاذ القرار. وكشف هيكل معلومة عرفها بحكم قربه من قمة صنع القرار في مصر، مفادها أن جمال عبد الناصر قبل إعلانه قرار تأميم قناة السويس عام 1956 أبلغ أربعة عشر شخصا بالقرار. أما السادات، فمن أهم القرارات التاريخية التي اتخذها خلال فترة رئاسته طرد الخبراء الروس من مصر في صيف عام 1972، وقرار زيارة القدس المحتلة في نوفمبر/ تشرين الثاني 1977.

وفي هذا الصدد، قال هيكل إن القرار الأول لم يعلم به قبل إعلانه سوى شخصين اثنين فقط، أبلغهما السادات به قبل ساعات معدودة من إعلانه على الملأ. أما قرار زيارة القدس المحتلة فنقل هيكل عن السادات قوله بأنه لم يبلغ به قبل إعلانه سوى وزير خارجيته الذي قرر الاستقالة من منصبه على الفور.

يشار إلى أن الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل بدأ حياته المهنية محررا في صحيفة صادرة باللغة الإنجليزية هي "إيجبشن غازيت"، قبل أن يخوض غمار الصحافة باللغة العربية ويتقلّد منصب رئيس تحرير مجلة "آخر ساعة". وقبل أقل من عامين من كتابة هيكل للمقال المنشور في مجلة الشؤون الخارجية الأميركية (فورين أفيرز)، كان السادات قد عزله من كل مواقعه الرسمية، فقال هيكل حينها مقولته الشهيرة: "تستطيعون أن تعزلوني من الوزارة، ولكنكم لا تستطيعون أن تعزلوني من الصحافة. خذوا مني لقب الوزير، ولكنكم لن تسلبوا مني لقب الصحافي".

اعتقل هيكل ضمن قائمة طويلة من المعتقلين السياسيين في خريف 1981، في الأسابيع الأخيرة من عهد السادات. ولم يفرج عنه وباقي المعتقلين الآخرين إلا بعد 6 أكتوبر/ تشرين الأول من العام ذاته، حيث اغتيل السادات وهو على منصة الاحتفالات في مدينة نصر، محتفيا بالذكرى الثامنة والأخيرة في عهده لذكرى انتصار العبور في حرب رمضان.

قام الراحل هيكل بعد الإفراج عنه بتدوين قصة اعتقاله والمقدمات التي اعتبر أنها قادت إلى اغتيال السادات في كتاب "خريف الغضب" الذي أغضب بعض محبي هيكل لما تضمنه من جوانب شخصية عن السادات ومسار حياته وتأثير لون بشرته على توازنه النفسي.

قد يختلف البعض مع الراحل هيكل في آرائه ويتحمّس له البعض الآخر لدرجة التقديس، ولكن الجميع متفقون على أن هيكل من بين أشهر الصحافيين على مستوى العالم، ومن بين أفضل من أجادوا التعبير عن القضايا التي يؤمن بها.

دلالات
المساهمون