مؤتمر مانحي الأردن... لا معونة بالمجّان

28 فبراير 2019
+ الخط -

تعليق الحكومة الأردنية آمالاً كبيرة على دعم المانحين في مؤتمر لندن (مبادرة لندن 2019: الأردن نمو وفرص) يوم الخميس، بدا مبالغاً به إذا ما قيست نتائجه باحتياجاته التمويلية الكبيرة، وذلك بعد سلسلة من الإجراءات غير الشعبية التي أشعلت الشارع غضباً من البطالة والفقر الفساد وثقل الضرائب وندرة فرص العمل.

وجاء انعقاد هذا المؤتمر وسط تحديات مالية واقتصادية كبيرة يكابدها الأردن، حكومة وشعباً، حيث بالكاد تستطيع الحكومة تأمين الإيرادات اللازمة لمصاريفها التشغيلية والاستثمارية، ولا تدخر تدبيراً ضريبياً إلا وتلجأ إليه لتأمين مزيد من الإيرادات لخزينة الدولة النهمة لأموال لا تزال شحيحة.

ولا تكاد مؤتمرات المانحين تخلو من أبعاد سياسية لطالما فرضت أثماناً على البلدان التي تحصل على مساعدات غير مجانية، لا سيما أن غالبية الأموال التي تحصّلها الدول من هكذا مؤتمرات ما هي إلا قروض طويلة الأمد بفوائد أقل نسبياً من الفوائد المعتمدة في أسواق المال، ما يعني بالتالي مفاقمة أعباء المديونية مستقبلاً وإلقاء تبعات سياسة الاستدانة على عاتق الشعب والقطاعات المنتجة من أجل سدادها وإن بعد عشرات السنين.

وعادة ما تلجأ حكومات عديدة إلى طلب المساعدات "المشروطة" بإجراءات تتخذ عناوين "إصلاحية"، لكن الواقع أن الفساد المستشري في هذه الدول لطالما كان سبباً للحيلولة دون تنفيذ أي إصلاحات تتعهد الدولة المدينة باتخاذها، نظراً لما تولّده عادة من انقسام سياسي حاد، وغالباً ما ينعكس احتجاجات شارعية صودف أنها أسقطت الحكومة السابقة في الأردن.

لقد أفضى مؤتمر لندن إلى تعهد بتمويلات تبلغ قيمتها 2.6 مليار دولار، لكن ما هو الثمن الذي سيدفعه المواطن الأردني لقاء المال الذي ما هو إلا بمثابة "مُسكّن" لأزمة مالية عميقة يصعُب حلّها؟
المساهمون