لبنان: حسان دياب يشن هجوماً على حاكم مصرف لبنان

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
24 ابريل 2020
3F10FFB2-B4FD-46D1-AF2F-9DA489B4FAE4
+ الخط -
شنّ رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب، في كلمة مسائية بعد جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في قصر بعبدا الجمعة، برئاسة الرئيس ميشال عون، هجوماً حاداً على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وسياساته النقدية، واعتبر أنّ "هناك غموضاً مريباً في أداء سلامة، فهو إما عاجز أو معطل، أو محرض على التدهور الدراماتيكي في سعر صرف الليرة"، معلناً عن قرار بتكليف شركة دولية حيادية للتدقيق الحسابي في مصرف لبنان.

وقال دياب: "اليوم يكون قد مرّ من عمر الحكومة 73 يوماً، منذ نيلها الثقة في مجلس النواب، لكن البعض يحاسب الحكومة وكأنها في الحكم منذ 73 شهراً. مع ذلك، نحن نقبل المحاسبة الموضوعية، بل نطالب بها، ونحن نتعامل بشفافية وصراحة وصدق ووضوح".

سريعاً، أتى الرد من جانب تيار المستقبل، الذي يرأسه سعد الحريري، عبر النائبة ديما جمالي، التي غرّدت على حسابها عبر "تويتر" بالقول: "هدر الكهرباء، توظيفات القطاع العام، الهدر في المرفأ والمطار والمعابر، الإساءة لعلاقات لبنان الخارجية، تهريب الدولارات إلى سورية… ملفات عادية تمر مرور الكرام. رياض سلامة وحده المسؤول وهادم الهيكل على رؤوسنا. لو تخجلون وتتحملون المسؤولية بدل "كبش محرقة" تقدمونه لتريحوا ضمائركم!".

وتوجه القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش إلى دياب في تغريدة على حسابه عبر "تويتر" بالقول: "دولة الرئيس، بكل صراحة ووضوح، ومن موقع المعارض لمن أتى بك رئيساً، نريد لك النجاح في مسعاك، ولكن أفصح عما تريد فعله بوضوح وبالتفاصيل ولو لمرة واحدة بدل البكاء على الأطلال، ورمي الفشل والإخفاق على الآخرين. ولا أحد يريدك أن تتحمل ما كان، ولكن قل لنا ولو لمرة كيف ستصلح الأمور".


وتعتبر الجهة المعارضة لفريق رئيس الجمهورية وصهره رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل وحكومة حسان دياب، ولا سيما تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية، برئاسة سمير جعجع، أنّ رئيس الحكومة فتح النار على حاكم مصرف لبنان بأوامر من جبران باسيل، الذي يسعى للإطاحة برياض سلامة لتعيين وزير الاقتصاد السابق منصور بطيش، المحسوب على تياره السياسي، بالإضافة إلى حزب الله، الذي يريد الانتقام من سلامة، إذ إن الحزب يحمّل سلامة مسؤولية العقوبات الأميركية التي فرضت عليه.

ويتهم الفريق المعارض لتيار رئيس الجمهورية وحليفه حزب الله، الأخيرين بأنهما حركا الشارع مساء الخميس عبر التجمعات التي حصلت أمام مصرف لبنان في الحمرا- بيروت، للاعتراض على السياسة النقدية والدعوة إلى إقالة حاكم مصرف لبنان، بعد تخطي سعر صرف الدولار الـ3800 ليرة لبنانية، ووصوله عند بعض الصرافين في السوق السوداء إلى 4000 ليرة.

وقال مصدر وزاري، لـ"العربي الجديد"، إنّ النقاش ارتكز على عرض ممارسات رياض سلامة من دون التطرق إلى مسألة إقالته في المرحلة الراهنة، وحصلت تباينات في الرأي بين الوزراء، ما دفع رئيس الحكومة إلى الاكتفاء بتوجيه رسائل قاسية إلى سلامة، وفتح ملف التحويلات المالية، تمهيداً لخطوات أكثر تشدداً في وقتٍ لاحقٍ في حال لم يُصَر إلى كبح جماح الصرافين.

وقال دياب: "هناك من يصرّ على تعميق الأزمة المالية، فتدهور سعر صرف الليرة اللبنانية يتسارع بشكل مريب في السوق السوداء. وعلى الرغم من السلطة المحدودة للحكومة في التعامل مع هذا التدهور، على اعتبار أن السياسة النقدية منوطة بمصرف لبنان، استناداً إلى قانون النقد والتسليف، إلا أننا نبذل جهوداً كبيرة لكبح جماح هذا التدهور. وبواقعية، ثمة معضلة تتمثّل في غموض مريب في أداء حاكم مصرف لبنان إزاء تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية، وهذا ما يؤدي إلى تسارع هذا التدهور الذي ينعكس سلباً على كل شيء في البلد، وخصوصاً على المستوى الاجتماعي والمعيشي، حيث تتفاقم الأزمات التي يواجهها اللبنانيون، في حين يبدو دور مصرف لبنان إمّا عاجزاً أو معطّلاً بقرار، أو محرّضاً على هذا التدهور الدراماتيكي في سعر العملة الوطنية". 

وتابع: "لم يعد ممكناً الاستمرار في سياسة المعالجة في الكواليس. يجب أن يكون هناك وضوح ومصارحة مع اللبنانيين. يجب تغيير نمط التعامل مع الناس. لا يجوز أن تبقى هناك معلومات مكتومة عنهم، بينما يدفعون ثمن تداعيات هذه السياسة. فليخرج حاكم مصرف لبنان وليعلن للبنانيين الحقائق بصراحة. ولماذا يحصل ما يحصل. وما هو أفق المعالجة. وما هو سقف ارتفاع الدولار". 

واعتبر أن "اللبنانيين يعيشون في قلق كبير. قلق على لقمة العيش، وقلق على جنى العمر. وقلق على الرواتب التي تآكلت وخسرت قيمتها. وقلق على المستقبل". سائلاً: "هل ما زال بإمكان حاكم المصرف الاستمرار بتطمينهم على سعر صرف الليرة اللبنانية، كما فعل قبل أشهر، ثم فجأة تبخّرت هذه التطمينات؟". 

ورأى أن "هناك فجوات كبرى في مصرف لبنان. فجوة في الأداء، وفجوة في الاستراتيجيات، وفجوة في الصراحة والوضوح، وفجوة في السياسة النقدية، وفجوة في الحسابات. حيث إن المعطيات التي بين أيدينا تكشف أن الخسائر المتراكمة في مصرف لبنان تتسارع وتيرتها، وقد ارتفعت 7 مليارات دولار منذ بداية هذا العام ولغاية منتصف شهر إبريل/ نيسان الحالي، من بينها 3 مليارات في الأسابيع الأربعة الأخيرة"، معلنا عن "قرار اتخذناه مع رئيس الجمهورية، بتكليف شركة دولية حيادية للتدقيق الحسابي في مصرف لبنان، التزاماً من الحكومة بالشفافية والوضوح في التعامل مع الفجوة في النظام المالي في لبنان". 

وأضاف أن "السيولة في المصارف اللبنانية بدأت تنضب، ولذلك فإن المطلوب هو اتخاذ مبادرة والتصرف سريعاً. فالأرقام تكشف خروج 5.7 مليارات دولار من الودائع من المصارف اللبنانية خلال يناير/ كانون الثاني وفبراير/شباط من هذه السنة، ولا ندقّق في حجم الأموال التي خرجت، من مصرف لبنان والقطاع المصرفي، منذ أول مارس/ آذار حتى اليوم". 

وأوضح دياب: "لذلك، نناقش مشروع قانون يُلزم جميع مساهمي المصارف من الأشخاص الطبيعيين والمعنويين، وأصحاب الحقوق الاقتصادية الحائزين بصورة مباشرة أو غير مباشرة على ما لا يقلّ عن 5% من رأسمال أي مصرف عامل في لبنان، وجميع الأشخاص الذين يشغلون مناصب في الإدارات العليا للمصارف، والأشخاص الذين تبوأوا مراكز سياسيّة أو إداريّة أو قضائيّة أو عسكريّة في الدولة اللبنانية، أو في الإدارات العامة أو المصالح العامة التابعة للدولة اللبنانية، إعادة جميع الأموال المحوّلة من قبلهم، أو بناءً لطلبهم إلى الخارج، بعد تاريخ 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي (أي عند بدء الانتفاضة اللبنانية)، والتي تفوق مبلغ 50 ألف دولار، والتي تم تحويلها بواسطة هذه المصارف، تحت طائلة بطلان عمليات التحويل، والملاحقة الجزائية بجرائم تهريب الأموال والإثراء غير المشروع". 

واعتبر دياب أن "الإسراع بإقرار الخطة المالية بات ضرورة ملحّة في القريب العاجل، فكلما تأخّرنا في اعتماد هذه الخطة، زادت صعوبة تحقيق الإنقاذ المالي"، مضيفا: "نسمع أصوات اللبنانيين الذين يطالبوننا بالتغيير، وبالمحاسبة الثورية، وبمصادرة أموال البعض لمصلحة الدولة، وزجّ البعض الآخر في السجون. لكن هذه الحكومة ليست محكمة ثورة، والتغيير يحصل فعلياً من داخل آليات النظام القائم، والمحاسبة قائمة تحت سقف القانون. والمرتكبون سيدخلون إلى السجن حتماً، بهمّة القضاء اللبناني، الذي نعوّل عليه ليكون عند مستوى تطلّعات اللبنانيين، بتحقيق العدالة ومحاسبة المرتكبين".

في سياق آخر، أكد دياب أن "الحكومة ستواصل بذل كل جهد من أجل القيام بواجباتها من أجل حماية المواطنين، والجيش أنجز توزيع 100 ألف مساعدة من التي أقرتها الحكومة بسبب كورونا، ولا نزال في منتصف الطريق، وسنواصل الجهود على أمل الانتهاء من عملية توزيع المساعدات خلال 10 أيام فقط"، لافتاً إلى أن قطع الطرقات سيؤدي إلى عرقلة هذه المهمة، لأن عملية توزيع المساعدات ستنتقل إلى المدارس في الأسبوع المقبل".

وقال: "حان الوقت لإعادة فتح بلدنا رغم تمديد حالة التعبئة العامة إلى غاية 10 مايو/ أيار، واستراتيجيتنا مع كورونا كانت فعالة، ولا يجب تضييعها، ونحن غير محصنين ضد الوباء، ووضعنا نهجاً مرحلياً لرفع الإغلاق، لأن رفع الحظر يمكن أن يدمر البلاد، وآخر ما نريده هو الانتقال من إغلاق إلى آخر، وسنواصل حماية اللبنانيين، وستكون الحكومة مظلة متينة لورشة مكافحة الفساد".

وختم دياب بالقول: "أريد أن أوجّه رسالة واضحة، وبلغة مبسّطة، كي تكون مفهومة من أولئك الذين يعتقدون أننا سنتفرّج عليهم وهم يحفرون الكمائن، ويخطّطون للانقلاب عبر سلب الناس أموالهم مرة ثانية برفع سعر صرف الدولار الأميركي. فليسمعوني جيداً: لن نسمح... ولن نتهاون... في قمع كل عبث بالاستقرار المالي، لأن هؤلاء العابثين يريدون انهيار البلد، وهزّ استقراره، لحماية أنفسهم ومصالحهم على حساب مصلحة لبنان واللبنانيين. فليسمعوني بوضوح: الدولة ستضرب بحزم. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".

ذات صلة

الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير
الصورة
غارة جوية على قرية الخيام جنوب لبنان، 3 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

يكثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي من سياسة تدمير المربعات السكنية ونسفها في جنوب لبنان على غرار الاستراتيجية التي يعتمدها في غزة منذ بدء حربه على القطاع
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.