قبل حلول الليل

07 أكتوبر 2015
محمد ظاظا/ سورية
+ الخط -

في بُرهة ما، أمام القناة الرابعة الإسبانية، أرتعش وأنا أتابع الأخبار. لا أرتعش للمشهد في ذاته (مع أنه لا يرعوي عن "الاغتيال" مهما تكرّر وطال به العهد)، بل لما بين السطور والصور وما خلفهما.

تأتيني الفكرة مثل لطمة مفاجئة، فأتوسّل غوثاً من دوار مؤجّل: ماذا لو فُتحت الحدود وسُمح لقاطني ذلك الشساع بالهجرة؟ إني على يقين أنّ ثلاثة أرباع السكان سيهاجرون، ثلاثة أرباع على الأقل.

فآه يا قلبي! أيّ تيهٍ أدخلتنا بين براثنه "دولُ ما بعد الاستعمار"؟ ستون أو سبعون عاماً من الفشل التاريخي والتعميات، وها نحن أولاء أمام "لحظة الحقيقة" أو "حصاد الهشيم"، بمشتقّات للهشيم (أو الجحيم) لا تُحصى ولم تكن لتخطر على بال وخيال الرجل الطيب صاكك العنوان. رحمك الله يا عزيزنا المازني.

أتذكرك وأنا أجلس على سفح كوليسرولا، في هذا الخريف البارد، والمساء من حولي معلّق كلوحة إعلانات، بينما مباني المدينة الحمراء تنبهِم أمام ناظريّ تحت غلالة أشبه بضباب فلزّ، وثمة بين فوانيس النور المتباعدة رمادٌ لقصصٍ انتهت، وأخرى تنتظر.

أتذكرك، وأغصّ: هذا فوق طاقتي الآن يا عبد القادر. كلا، لن أُنصت لنشيج الروح وهي تعبر من جانب إلى آخر. سأكفّ عن اللعبة المهلكة، لأنها أولاً: "أحزانٌ بلا جدوى .. ودمعةٌ سدى"، وثانياً: كيلا يطول المكث، فأرجع للبيت بمزيدٍ مما لا ينقصني.

كوليسرولا أيها الجبل نصف السماوي، يا نُثار أتربة حمراء بين مسارب التداعيات. أَنزلني عن منحدراتك قبل حلول الليل، قبل حلول هذا الليل، ونزول الخنازير باحثة عن رزقها.

الخنازير البرية ـ يا كوليسرولا ـ وليس أبداً بومة مينيرفا.



اقرأ أيضاً: زيارة ماركس
المساهمون