فرنسا: جمعيات إغاثة عربية وإسلامية تكثّف مساعداتها في رمضان
من تلك الجمعيات جمعية "الإغاثة الإسلامية" التي لا يقتصر عملها على الداخل الفرنسي، بل تنشط في 13 بلداً في أفريقيا وآسيا، من بينها فلسطين ولبنان وباكستان والصومال وتشاد وكينيا ومالي ومدغشقر والسنغال وغيرها. واستطاعت في عام 2017 توفير مساعدات غذائية لأكثر من 160 ألف شخص.
وتواظب في فرنسا خلال شهر رمضان على إعداد "موائد رمضان"، عبر خيمة كبيرة تنصبها في مدينة سان دونيه ضواحي باريس، تستقبل فيها نحو ألف شخص كلّ مساء، معظمهم من المشردين والمهاجرين السريين واللاجئين والمحتاجين، ومن بينهم كثير من المتقاعدين. ويحصل الجميع على أكلات ساخنة، من دون تمييز بين صائم أو غير صائم، وبين مسلم أو غير مسلم.
ومن بين الجمعيات التي تحرص على الحضور الفعّال خلال شهر رمضان جمعية "شوربة للجميع". إذ قررت هذا العام، لعدم توفر مكان كبير لها، أن توزّع مساعداتها في مقرها، في شارع كوريال في المقاطعة الباريسية التاسعة عشرة. ونصحت المستفيدين من هذه المساعدات بأن يُحضروا معهم أوعية فارغة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجمعية توزع المساعدات طوال العام، لكنها في رمضان تضطر للتكيُّف مع توقيتٍ مختلف، وتقديم مواد غذائية تلقى الإقبال في شهر الصيام.
وتقول سميرة، وهي مغربية وتعيش مع زوجها العاطل عن العمل منذ سنوات، على مساعدات حكومية هزيلة: "صدقوني أنا لا أشعر بالراحة حين أطلب المساعدات، لكن ظروف العائلة صعبة. وتحتاج عائلتنا لتوفير بعض الأموال للسفر إلى المغرب في الصيف، والعودة ضرورية لنا ولأبنائنا حتى لا يفقدوا روابطهم مع بلد الآباء والأجداد".
ولا تميز جمعية "الشوربة للجميع" بين من يطرق بابها سواء تعلّق الأمر بمسلمين أو غيرهم. ويقول حميد، وهو أحد المتطوعين: "صحيح أن المسلمين هم أكثر الناس استفادة، ولكن لا شيء يمنع غير المسلمين من غَجَر ومهاجرين سريين أن يأتوا لتلقي المساعدات".
وعن المستفيدين، غالبا، من هذه الخدمات، التي تحظى بتقدير كبير من السلطات الفرنسية، يقول حميد: "الطلبة واللاجئون والمهاجرون والنساء المطلقات والمرضى".
وتتنوع المبادرات طيلة هذا الشهر، ويتجاوز الأمر المنظمات والجمعيات التي تشتغل في الإطار الإغاثي، إذ تتحول معظم المساجد وأماكن الصلاة عادة إلى مطاعم للإفطار ولتوزيع المواد الإغاثية.
ومن يزر مساجد فرنسا، فلا بد أن يفاجأ بالكم الهائل من المواد الغذائية، من حليب وتمر وعصائر وفطائر، تتطوع بها الجالية العربية الإسلامية، أفراداً وعائلات وأرباب متاجر ومطاعم ومخابز. وبما أن معظم الصائمين يفضلون في هذا الشهر، أداء صلاة المغرب في المساجد، فهذا يَفرض عليهم تناول الإفطار فيها.
وكثيرا ما تنطلق مبادرات من محسنين يقررون تنظيم عمليات تجميع المساعدات من المتاجر الإسلامية والمخابز، ليصار إلى توزيعها بالقرب من خيام المهاجرين على نهر السين، وذلك قبل أن تقرر السلطات الفرنسية تفكيكها وتوزيع ساكنيها على مراكز استقبال موزعة في باريس وضواحيها، وبعض المحافظات أيضاً.
ومنطقة باريس التي تعرف حضورا كبيرا للعرب ليست بمعزل عن هذا النشاط الرمضاني. هناك كانت زليخة تنتظر في طابور تحت المطر،(تحديدا في المكان الذي لا يزال ينتظر منذ سنوات، بدء أشغال تشييد مقر معهد ثقافات الإسلام) لتحصل على كيس مساعدات غذائية خاص برمضان، يتضمن خبزا وتمرا وحليبا وبعض العصائر والمعلبات.
وفي الطابور، من أمامها وخلفها، مسلمون وغير مسلمين، من كل الأعمار، يجمعهم الفقر والحاجة لمن يخفف عنهم معاناتهم، ولو إلى حين.
حملات تطوع وزكاة الفطر
ليس سراً أن الجالية العربية الإسلامية تميل للتعبير عن كرمها في هذا الشهر، أكثر من باقي الشهور. وهذا ما تفطنت له الجمعيات التي تشتغل في العمل الإغاثي، مثل "الإغاثة الإسلامية"، "وشوربة للجميع" وغيرهما من الجمعيات التي تقدم المساعدات للاجئين السوريين والروهينغا وأفريقيا، منذ فترة طويلة.
وهكذا تطلق هذه الجمعيات خلال هذا الشهر حملات لجمع التبرعات، مستخدمة كل الوسائل، المباشرة في الأسواق والمساجد، أو عبر الإنترنت. واستطاعت بعض هذه الجمعيات الوصول بسهولة إلى قلوب المحسنين عن طريق بثّ أفلام معبّرة عن إنجازاتها وعن برامجها المستقبلية، وهو ما يكشف نوعا من الشفافية التي تعزز الثقة.
وفي هذا الإطار، تلعب الزكاة والصَّدَقات دوراً كبيراً في مساعدة هذه الجمعيات على تمويل مشاريعها الإنسانية والخيرية، وكمثال على هذا، تحصل "الإغاثة الإسلامية" سنوياً على مليون يورو من زكاة الإفطار، وهو مبلغ مرشح للازدياد، بعد أن ارتفعت قيمة زكاة الفطر من 5 إلى 7 يورو.