أحد أهداف الحملة جعل الهضبة مزاراً ومتنفساً بيئياً لسكان مدينة القامشلي يزيد من جمالية المكان، ويسمح بالنزهات القصيرة، وإمضاء الوقت الممتع، للراحة والترويح عن النفس، في أحضان الطبيعة، إذ كان السكان يضطرون، لا سيما في فصل الربيع، للذهاب إلى منطقة عين ديوار، التي تبعد أكثر من 90 كيلومتراً، مما كان يشكل ثقلاً على كاهل الأسر الفقيرة، كما أنّ حظر التنقل بين المدن هذه السنة بسبب الخوف من فيروس كورونا الجديد، حرم الأهالي من الرحلات والنزهات الربيعية المعتادة.
وتوجه القائمون على الحملة بمطالبات لهيئة البلديات التابعة للإدارة الذاتية بتوفير مياه الريّ بشكل دائم للأشجار وتطوير المشروع وتخديمه من خلال تزويده بمقاعد خشبية وحماية الأشجار من العبث، وتقديم سلال وحاويات قمامة للحفاظ على النظافة.
وتوجه المدرس خالد نجيم بالشكر لجميع من شارك في الحملة، وتحدث إلى "العربي الجديد" قائلاً "مبادرات كهذه مطلوبة لما لها من نفع بالدرجة الأولى على الأهالي، وبالدرجة الثانية على الطبيعة وجماليتها في المنطقة، فضلاً عن الحفاظ على البيئة. وتؤدي حملة كهذه إلى بثّ روح الإلفة بين الأهالي، وحضهم على الخروج من إطار العمل الفردي للعمل الجماعي التطوعي الذي يخدمهم جميعاً في المنطقة".
ومن بين المشاركين في الحملة محمد، وهو سائق صهريج مياه، قال لـ"العربي الجديد": "نشكر الجميع على الجهود المبذولة لإنجاح هذه الحملة التي ضمت مشاركين بداية من منطقة الهلالية ثم عامودا وكثير من المناطق التي قدم منها أشخاص للمشاركة بحملة التشجير هذه، وعملوا بشكل جماعي على الحفر ونقل الأشجار وريّها، جنباً إلى جنب، في خطوة غابت لسنوات، أو كانت مفقودة بالأحرى بسبب الظروف القاسية التي شهدتها المنطقة لسنوات حتى قبل الثورة في سورية، كون العمل الجماعي التطوعي كان مغيباً".
أما المحامي لازكين حاجو من أبناء حي الهلالية، فقال لـ"العربي الجديد": "شاركت منذ اليوم الأول في هذا المشروع وكنت من مشجعيه لأنّه مشروع حيوي لمنطقة الهلالية، وهو متنفس حقيقي لما فيه من نفع على البيئة، ولما يعطيه من جمالية للهلالية والمنطقة وهذا المشروع طبعاً يتضمن أشجاراً متنوعة بعضها حرجي وغيرها مثمر". تابع حاجو: "جميع أبناء الهلالية، كبيرهم وصغيرهم، شارك في هذا المشروع، سواء بجهده أو بماله. نتمنى أن يستمر المشروع، وهناك بعض الأفكار والمطالب التي أتمنى أن تلبى، منها خط مياه لريّ الأشجار بشكل مستمر، ولتبقى هذه الغابة الحيوية مستمرة على مدار العام، ولتكون المنطقة متنفساً لجميع أبناء القامشلي، كي لا ينتقلوا إلى أماكن بعيدة، فهذه المنطقة ملاصقة لمدينة القامشلي وتضفي على المدينة منظراً جميلاً".
أما الطبيب رضوان السيد محمد، وهو اختصاصي في الأمراض النسائية من أبناء مدينة القامشلي، فأوضح لـ"العربي الجديد"، أنّ المشروع بدأ بمجموعة صغيرة من الشباب بعمل تطوعي، إذ اشتروا على نفقتهم الخاصة مجموعة من الأشجار وبدأوا بغرسها، وكان صدى المشروع عبر مواقع التواصل الإجتماعي إيجابياً وشجع كثيرين على المبادرة، وبعدها بدأت المشاركات من عدة مناطق ووصل عدد الأشجار إلى نحو 300 شجرة". تابع: "نتمنى أن يتحول المشروع إلى غابة في المنطقة تبقى للأجيال الآتية من أولادنا وأحفادنا، ونتمنى للمشروع أن يصل إلى أحياء القامشلي وسورية كافة، فهو لخدمة البيئة، والناس، وقد رأينا الفرح واضحاً على وجوه جميع المشاركين".
وعلّقت المدرسة عنود يوسف محمود على الحملة في حديث لـ"العربي الجديد" قائلة: "لعلّ من الأهمية زراعة الأشجار، لكن الأهم تربوياً مشاركة الأطفال وما تشكله زراعة الأشجار والاهتمام بالبيئة من ثقافة، نحن بأمس الحاجة إليها لزرع روح العمل التطوعي في نفوس الأطفال، ولذلك حاولت إشراك أطفالي في حملة التشجير، كما فعل الآخرون وهذا يدفعهم للحفاظ على محيطهم والحرص على النظافة العامة والاهتمام بالمساحات الخضراء والاعتناء بها".
وجرى إطلاق الحملة في نهاية شهر إبريل/ نيسان الماضي، ومن المقرر أن تستمر لمدة 15 يوماً، مع التفكير في إطلاق حملات مماثلة بمناطق أخرى في محيط مدينة القامشلي خلال فترات لاحقة، واعتماد العمل التطوعي بالدرجة الأولى والجهود الفردية للأهالي.