سداد الديون بالنفط معوق للدول الفقيرة المنتجة للخام

24 مايو 2016
حقل نفط في نيجيريا (Getty)
+ الخط -
وجدت الدول الفقيرة المنتجة للنفط، التي قبلت قروضا على أن تسددها نفطا عندما كانت الأسعار مرتفعة، أن عليها أن تشحن ثلاثة أمثال الكميات التي كانت تتوقعها للوفاء بمواعيد السداد بعد انخفاض الأسعار.

وتسبب ذلك في عجز مالي في دول مثل أنغولا وفنزويلا ونيجيريا والعراق، وأدى إلى انقسامات جديدة في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).

وقبل الاجتماع المقرر أن تعقده المنظمة الأسبوع المقبل، واصلت الدول الأفقر الأعضاء فيها الضغط من أجل خفض الإنتاج لرفع الأسعار، لكن الدول الخليجية الثرية، التي لا تكبلها مثل هذه الديون، تعارض التحرك رغم أن الأسعار انخفضت بنسبة 60% خلال العامين الأخيرين.

ومنذ عام 2010، اقترضت أنغولا، أكبر الدول المنتجة للنفط في أفريقيا ما يصل إلى 25 مليار دولار من الصين، منها حوالى خمسة مليارات دولار في ديسمبر/كانون الأول الماضي، الأمر الذي أرغم شركة النفط الحكومية على توجيه إنتاجها بالكامل تقريبا في العام الجاري لسداد الديون.

ومن المقرر أن تسدد أنغولا ونيجيريا والعراق وفنزويلا وكردستان العراق خلال العام الحالي مبلغا إجماليا يراوح بين 30 مليارا و50 مليار دولار نفطا، وفق وكالة "رويترز".

وكان سداد 50 مليار دولار يتطلب ما يزيد قليلا عن مليون برميل يوميا من صادرات النفط عندما كان سعر البرميل 120 دولارا، لكن مع انخفاض السعر إلى حوالي 40 دولارا يتطلب سداد هذا المبلغ أكثر من ثلاثة ملايين برميل في اليوم.

وقالت أمريتا سن من إنرجي أسبكتس للأبحاث: "كل هذه الدول النفطية - أنغولا ونيجيريا وفنزويلا - اقترضت المال من أجل البقاء، لكن لم يعد لديها أي أموال للاستثمار. وهذا وضع شديد الضرر بآفاق النمو فيها في الأمد البعيد".


وأضافت: "الناس تميل للنظر إلى حجم الانتاج الحالي، لكنك إذا خصصت إنتاجك بالكامل للصين أو لغيرها سدادا لقروض، فلن يمكنك الاستثمار لمواصلة النمو، ولن تستفيد من ارتفاع الأسعار في المستقبل".

كما أصبحت الصين أكبر ممول لفنزويلا عن طريق برنامج النفط مقابل القروض، الذي حصلت فنزويلا بمقتضاه على 50 مليار دولار مقابل السداد نفطا منها خمسة مليارات دولار في سبتمبر/أيلول الماضي.

ورغم أن تفاصيل القروض لم تعلن على الملأ، فقد قدر محللون لدى بنك باركليز أن كراكاس ستسدد سبعة مليارات دولار لبكين هذا العام، وتحتاج إلى نحو 800 ألف برميل يوميا للسداد ارتفاعا من 230 ألف برميل فقط عندما كان سعر النفط 100 دولار للبرميل.

وفي الأسبوع الماضي، قالت فنزويلا إنها توصلت إلى اتفاق مع الصين لتحسين شروط القروض الأمر، الذي أتاح متنفسا لاقتصادها. ولم تعلن الشروط الجديدة.

كما تدين نيجيريا والعراق بمليارات الدولارات التي ستسدد نفطا لشركات مثل شل وإكسون موبيل، وذلك وفق ما ذكرته شركات النفط الوطنية ومصادر في صناعة النفط.

ويحاول العراق إعادة التفاوض على عقود للاستثمار وتنمية حقول نفطية جديدة مع شركات من بينها إكسون وشل ولوك أويل. ومن المفترض أن يسدد هذا العام 23 مليار دولار نفطا لشركات النفط، لكنه يقول الآن إنه لن يتيسر له سوى سداد تسعة مليارات دولار.

أما نيجيريا، فتدين هذا العام بمبلغ ثلاثة مليارات دولار تسدد نفطا لشركات كبرى ساعدتها في تمويل حصتها من العمليات المشتركة لتطوير حقول النفط.

كما اقترضت الإكوادور، إحدى دول أوبك الصغرى ما يصل إلى ثمانية مليارات دولار ستسدد نفطا من شركات صينية وتايلاندية في الفترة من 2009 إلى 2015، وذلك وفقا لما ذكرته شركة النفط الوطنية.

اضطراب الإمدادات

وعلى النقيض من هذه الدول، فإن أعضاء منظمة أوبك من دول الخليج العربية - السعودية والإمارات والكويت وقطر - ليس لديها مشاريع مشتركة تذكر مع شركات النفط، ولم تبرم اتفاقيات من هذا النوع مع الصين، ولا تحتاج إلى الاقتراض من الشركات التجارية.

ورغم أن كل دولار من مبيعات النفط يدخل خزانة الدولة في السعودية، فقد وجهت الدول الأفقر الأعضاء في أوبك جانبا كبيرا من إيراداتها النفطية لسداد الديون، فلم يتبق لديها أموال للاستثمار في البنية الأساسية وتطوير الحقول.

ونتيجة لذلك، أصبحت نيجيريا وفنزويلا تواجهان الآن انخفاضا حادا في الإنتاج في الوقت الذي تستعد فيه السعودية لزيادة إمداداتها، لأنها استثمرت بكثافة في الحقول الجديدة.

وهذا يسهم في تفسير سبب مقاومة السعودية للتوصل إلى اتفاق عالمي لتقليل الإنتاج، لأن عدم تكبيلها بالديون معناه أنها قادرة على استخدام الأموال في التطوير، وتعزيز وضعها كقوة مهيمنة في أسواق النفط.

أما نيجيريا وفنزويلا فتحتاجان بشدة للتوصل إلى اتفاق يقلص الإنتاج ويرفع الأسعار لمساعدتهما على الاستثمار في الحقول النفطية وسداد الديون بكميات أقل من النفط.

وقالت حليمة كروفت، رئيسة قسم استراتيجيات السلع الأولية لدى آر.بي.سي كابيتال: "ربما تكون اضطرابات الإمدادات المتصاعدة في الدول المضغوطة لا العمل الجماعي من خلال المنظمة هي التي تتسبب في نهاية المطاف في التعجيل بإعادة التوازن للسوق".

المساهمون