يبدو أنّ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، حسم خياره، واختار اسماً لوزارة الخارجية في عهده، ينهي التكهّن حول من سيتولى رأس ديبلوماسية الولايات المتحدة، بعد تردّد أسماء عدة لشغل المنصب.
ولا يختلف خيار ترامب هذه المرة، عن خياراته السابقة لجهة تسمية رجال أعمال ورأسماليين أثرياء أو عسكريين مخضرمين لعدد من المناصب، إذ اختار الرئيس التنفيذي لشركة "إكسون موبيل" ريكس تيلرسون، وزيراً للخارجية.
وباختياره يكون ترامب قد أنهى تنافساً حاداً حول هذا المنصب، على الرغم من أنّ اسم تيلرسون كان من بين الأسماء المرشحة إلا أنّه لم يظهر إلى الواجهة كثيراً سوى في اللحظات الأخيرة.
ويأتي هذا الاختيار، بعدما أخذت أسماء أخرى حيّزاً من الاهتمام، كرئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني، الذي سحب ترشحّه طوعاً، والمرشح الرئاسي السابق ميت رومني، والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" ديفيد بترايوس، إضافة إلى رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر.
تيلرسون (64 عاماً) رجل أعمال، قضى العقود الأربعة الأخيرة رئيساً تنفيذياً لإحدى أكبر الشركات عالمياً هي شركة "إكسون موبيل"، باحثاً عن عقود وصفقات في قطاع النفط والغاز، في أكثر من 50 بلداً حول العالم.
وعلى الرغم من باعه الطويل في عالم الأعمال، فإنّ تيلرسون لم يتبوأ من قبل منصباً سياسياً ولا يمتلك رصيداً كبيراً من الخبرة في هذا المجال، ولذلك سيواجه الرجل الآتي من ويتشيتا فولز بولاية تكساس، تحدي رعاية تحالفات الولايات المتحدة، باعتماد أكبر على الدبلوماسية، وأقل على منطق "الصفقات".
ولعلّ خطوة ترامب باختياره، تأتي في سياق انفتاح الإدارة الجديدة على خصوم الأمس وأولهم روسيا، إذ يتمتّع تيلرسون بعلاقات جيدة مع موسكو، ويحظى بصداقة حميمة مع الرئيس فلاديمير بوتين.
فقد أبرمت شركته عام 2011 اتفاقاً يتيح لـ"إكسون موبيل" الوصول للموارد الضخمة تحت القطب الشمالي الروسي، في مقابل إتاحة الفرصة لشركة النفط الروسية العملاقة المملوكة للدولة "روسنفت"، فرصة للاستثمار في عمليات "إكسون موبيل" في الخارج.
حتى أنّ أعضاء في الكونغرس من الجمهوريين والديمقراطيين، حذروا سابقاً، من أن تيلرسون قد يواجه رقابة مكثفة حول علاقته التي بدأت منذ عقدين مع روسيا، والتي منحته وسام "أمر الصداقة" عام 2013، ومع بوتين. وهي مكافأة معنوية تمنحها موسكو للرعايا الأجانب، تقديراً لأعمالهم وجهودهم الهادفة إلى تحسين العلاقات مع روسيا الاتحادية وشعبها.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنّ "حصة تيلرسون عبر إكسون موبيل في صناعة الطاقة في روسيا، يمكن أن تخلق خطاً ضبابياً بين مصالحه باعتباره رجل نفط، ودوره كأبرز الدبلوماسيين في أميركا".
هذه العلاقات أيضاً كانت محط تشكيك من بعض الأوساط في الولايات المتحدة، وربما يأتي في هذا السياق اعتبار السيناتور الجمهوري جون ماكين، علاقات تيلرسون مع موسكو، "مصدر قلق"، قائلاً لقناة "فوكس نيوز"، إنّ "فلاديمير بوتين هو بلطجي، وقاتل، وأي شخص يصفه بغير ذلك هو كاذب".
وعلى الرغم من تحفّظ بعض الأوساط على اختيار تيلرسون، فإنّه يحظى في المقابل على توصيات قوية من وزير الخارجية في عهد الرئيس جورج بوش الابن، جيمس بيكر، ووزير الدفاع السابق روبرت غيتس.
وسيتولّى تيلرسون عبر منصبه الجديد إدارة علاقات بلاده مع موسكو، والتي تواجه عقوبات دولية بسبب تدخلها في أوكرانيا، فضلاً عن انتقادات حقوقية لدورها عسكرياً إلى جانب النظام في سورية، إذ إنّه يدعو لمهادنة روسيا، على خلاف المرشحين الآخرين لمنصب الخارجية.
كما أنّ تعيين تيلرسون في الخارجية، والذي سينتظر بطبيعة الحال مصادقة مجلس الشيوخ عليه في تصويت، يأتي وسط خلافات حول هجمات إلكترونية وتدخلات روسية في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة، تحدّثت عنها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه"، بينما ندّدت روسيا، بما اعتبرتها "اتهامات لا أساس لها". في حين أعلن ترامب، أنّه "لا يصدق" استنتاجات "سي آي إيه" حول تدخّل موسكو لانتخابه في الثامن من نوفمبر /تشرين الثاني الماضي.
وارتفعت حظوظ تيلرسون لتولّي الخارجية، بعدما التقاه ترامب لأكثر من ساعتين، يوم السبت الفائت في أحد أبراجه في مانهاتن، وسط نيويورك. ووصف ترامب لمساعديه تيلرسون بأنّه "في وادٍ... والمرشحون الآخرون للخارجية في وادٍ آخر".
وأشاد ترامب بتيلرسون في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، "بالنسبة لي يتمتع بميزة كبيرة وهي أنّه يعرف العديد من اللاعبين في العالم... ويعرفهم جيداً".