تمثال الفشل

31 أكتوبر 2014
ستالين القوي هو من أعيد نصب تمثاله وليس الطاغية(getty)
+ الخط -
ماذا يعني أن يُعاد نصب تمثال لستالين في مدينة روسية بعد كل ما قيل عن طغيانه؟ هل يعني أن الناس تتوق إلى العبودية، أم أنها تنزع إلى شيء آخر لا يكون في أفهامها دون قوة، وربما لا يكون في واقع اليوم دونها؟ على مثال ستالين، يمكن رؤية توق إلى قوّة الدولة وإنجازاتها يغلب معطيات المؤرخين التي تجد غير قليل من الروس يشككون بها، فيما يقر آخرون بطغيانه ودمويته، ولكنهم يقولون: "كان صاحب مشروع دولة لا صاحب مشروع شخصي يدور حول كرسي الزعامة". الشيء نفسه، يقال في عبد الناصر قياساً بطغاة من نمط الأسد الأب الذي اقتصر مشروعه (الوطني) على الكرسي وتوريثه، على حساب أسس الدولة.

أم ثمة شيء آخر يمكن رؤيته في إعادة نصب تمثال الدكتاتور؟ كثيراً ما يقع البشر ضحية المقارنات، بين شرَّين أكبر وأصغر، وضحية الذاكرة الضعيفة والنَفَس القصير، وربما الحاجة إلى النسيان من أجل متابعة العيش.

كثير من الروس يحنّون إلى الزمن السوفيتي، متذكرين أفضل ما كان فيه، متناسين مراراته، يدفعهم شيء ما لتمنيه، ليس قائماً بذاته، إنما مقارنة بماضٍ قريب وحاضر مرير وأفق مسدود.
بهذا المعنى، يأتي تمثال ستالين رداً على زمن يلتسين وديمقراطيته التي جاءت باللصوص عديمي الشفقة إلى كراسي السلطة وحريته التي بشّر بها، فلم يأتِ منها سوى حرية النهب والعبث وضعف الدولة، كما يأتي رداً على دعوات إلى مرونة مع الأعداء، تُجنِّب روسيا العقوبات وتخفف المعاناة عن شعبها، فلطالما اختبر الروس نتائج مرونة غورباتشوف وتخليه عن السلاح، كما اختبروا نتائج رهان بوتين في حقبته الأولى على شراكة ندية مع من عرف ستالين كيف يجبرهم على الندّية، فلم يكن إلا الخذلان.

ستالين، القوي المنتصر، زعيم الدولة المهيبة هو من أعيد نصب تمثاله وليس الطاغية. الحديث يدور عن تمثال نصفي للزعيم السوفيتي يوسف ستالين، أعاد أحد العمال نصبه أمام بيته في مدينة نوفوسيبيرسك على تقاطع شارع إينيوشينسكايا مع شارع موروزوف، فراح الناس يزورونه ويلتقطون الصور إلى جانبه ويضعون عنده الزهور.
المساهمون