مكاسب من كورونا: تطوير إجباري للعمل عبر الإنترنت في دول عربية

03 ابريل 2020
العمالة العربية تسعى لتطوير مهارات العمل عن بعد(Getty)
+ الخط -
وجدت قطاعات اقتصادية واسعة في الإجراءات الاحترازية الذي تفرضها العديد من الدول العربية لمواجهة فيروس كورونا، فرصة لتطوير آليات العمل عن بُعد.

ورغم أن الكثير من المؤسسات العربية والأفراد لا يملكون ثقافة العمل عن بعد ولم يسبق للعديد منهم خوض التجربة، إلا أن كورونا وضعهم أمام الأمر الواقع رغم التحديات العديدة التي تواجههم.

تونس

في تونس، يقول المسؤول في مؤسسة مالية خاصة، نزار طعم الله، لـ"العربي الجديد"، إن كل فريق المؤسسة التي يعمل فيها يباشرون وظائفهم من منازلهم، مؤكدا أن التجربة سمحت له مع زملائه بإيجاد حلول عن بعد لكل الملفات العاجلة لتسيير مصالح عملائهم.

وأضاف أن للأزمات مزايا أيضا، وهي غالبا ما تكون حافزا لتطوير وسائل عمل غير تقليدية قد تتحول في مرحلة لاحقة إلى وسيلة عمل ناجعة بالنسبة للموظفين.
ومنذ إعلان السلطات التونسية قرار الحجر الصحي الشامل، تم توقيف الدروس بكل مستويات التعليم تماما، كما تم التقليص في عدد الموظفين في الوزارات والدوائر الحكومية والاكتفاء بتشغيل القطاعات الحيوية، اعتمادا على تساخير عمل تسند للموظفين المطالبين بالحضور لمواقع عملهم.

وقال الخبير الاقتصادي محمد منصف الشريف، إن تونس تأخرت في إرساء أنظمة العمل عند بعد وتطويرها، مؤكدا في تصريح لـ"العربي الجديد" أن التنقل إلى مواقع العمل يكلّف المجموعة استهلاكا كبيرا للطاقة في التنقل والإضاءة والتكييف، ويمكن اقتصاد مجمل هذه المصاريف بالعمل عن بعد.

غير أنه أكد أن العمل عن بعد يحتاج كذلك إلى رقمنة شاملة للإدارة والخدمات، لضمان استرسالها وسرعة الاستجابة للخدمات العامة، مشددا على ضرورة تطوير مجمل هذه الأنظمة بعد انتهاء أزمة كورونا، ووضع الموازنات اللازمة لإنشاء هذه المنصات التي يمكن تطويرها في إطار شراكة بين القطاعين العمومي والخاص.

العراق

في العراق، ما يزال أغلب العمل الحكومي والخاص روتينياً يعتمد على التواصل الشخصي والورقي، الأمر الذي صعّب عملية التحول إلى العمل من المنازل.

ولأول مرة، يمارس محاسبون في دوائر حكومية وظائفهم من داخل منازلهم، ومطلوب منهم إرسال البيانات والتقارير الخاصة بالحسابات عبر الإنترنت، ما وضعهم على طريق جديد لم يألفوه من قبل، وفقا لحسن الزهيري، المحاسب في وزارة التربية.
الزهيري، الذي أمضى 21 عاما في الخدمة الحكومية، ذكر لـ"العربي الجديد" أن العمل عن بعد تجربة جديدة يمر بها أغلب الموظفين الحكوميين الذين تسمح لهم طبيعة وظائفهم بإنجاز مهامهم عبر الإنترنت.

وأضاف: "لأول مرة منذ عملي الحكومي في الحسابات، أجري مهمتي من المنزل، ويكون تواصلي مع مديري وزملائي في القسم عبر تطبيق "واتساب"، والبريد الإلكتروني".

أما دنيا عبد الرحيم، التي تعمل مديرة علاقات في شركة خاصة للاستيراد والتصدير، تقول لـ"العربي الجديد" إنها تواصل عملها بشكل طبيعي وبدوام كامل عن بعد.

وبينت أنها تراسل شركات وعملاء ومستثمرين في تركيا والهند وروسيا والكويت والأردن ولبنان وعدد من البلدان الأوروبية، وتوجه خطابات وتناقش فرصا استثمارية مع شركات في هذه البلدان، مؤكدة أن "كل هذا يجري وأنا في داخل منزلي".

المغرب

في المغرب، وعلى عكس التوجيهات الحكومية بتقليل الحضور للمؤسسات الحكومية والخاصة، شوهدت صفوف غير معتادة أمام وكالة شركة الاتصالات "أورانج" بوسط مدينة الدار البيضاء. فالكثيرون من العملاء يسعون إلى الحصول على ربط بالإنترنيت المنزلي. ذلك من شروط العمل عن بعد، علما أن شركات عمدت إلى توفير حواسيب محمولة للعاملين لديها بهدف إنجاز العمل عن بعد.

وتؤكد آمال ناجي، لـ"العربي الجديد"، أن العمل المنزلي يوفر على الشخص ضغط التنقل في مدينة صاخبة مثل الدار البيضاء، غير أنها تؤكد أن الشخص يفتقد لأجواء العمل في مقر العمل، مثل تقاسم فنجان قهوة مع الزملاء، وتبادل أحاديث حول قضايا غير تلك التي لها علاقة بالعمل.

وعمدت المجموعات الكبرى العاملة في القطاع المصرفي والتأمينات والاتصالات إلى العمل المنزلي، وهو ما سار عليه المجمع الشريف للفوسفات ذي الحضور في أربعين دولة، حيث أقر العملاق العالمي الذي يتوفر على 23 ألف موظف على سن العمل المنزلي بالنسبة لـ95 في المائة منهم من الموظفين في مقره الرئيسي بالدار البيضاء.

ويتصور الاقتصادي علي بوطيبة، أن العمل عن بعد كان قاصرا على قطاعات قليلة مثل الأفشور، معتبرا أن رقمنة الاقتصاد لم تخدمه الثقافة السائدة التي تقوم على الاتصال المباشر والجماعي في نفس المكان، كما في العديد من البلدان العربية وبلدان البحر الأبيض المتوسط.

ويضيف في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تلك الثقافة القائمة على التبادل الجماعي، لم تساعد على التعليم عن بعد، رغم إحداث منصات لذلك منذ 2003، حيث بذلت من أجل ذلك الكثير من الأموال، من دون أن تنتشر تلك الممارسة في الجامعات.
المساهمون