تركيا تدرس الرد على العقوبات الروسية

30 نوفمبر 2015
تركيا تدرس خفض مشترياتها من الغاز الروسي (فرانس برس)
+ الخط -
قال وزير الاقتصاد التركي، مصطفى إليتاش، إن وزارته تعمل بشكل سريع على تقييم الأضرار التي لحقت بالقطاعات التصديرية لروسيا، ومنها قطاع المواد الغذائية، وصادرات المنتجات الزراعية والحلويات والنسيج والجلود.

وبحسب بيان صادر أمس الأحد، عن وزارة الاقتصاد، فإن المسؤولين في الوزارة سيعقدون اجتماعا عاجلا مع أعضاء قيادة مجلس الصادرات التركي لمناقشة الأمر والعمل على إيجاد الحلول لتلافي الخسائر.

وجاء التحرك التركي عقب التطورات الأخيرة التي شهدتها العلاقات التركية الروسية، إثر قيام أنقرة بإسقاط مقاتلة روسية اخترقت الأجواء التركية، وما تلاها من حرب اقتصادية شنتها موسكو على أنقرة، بعد توقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن مرسوما بفرض هذه العقوبات.

وعلمت "العربي الجديد" أن الحكومة التركية تعمل على مجموعة من الإجراءات والقرارات، للرد بالمثل على القرارات الروسية. وحتى الآن ستشمل هذه الإجراءات، منع دخول الشاحنات والحاويات القادمة من روسيا باتجاه البوابات الحدودية والموانئ التركية، كما سيشمل ذلك جميع الواردات الروسية التي ستتعرض لتدقيق شديد، بما في ذلك الواردات غير الروسية والقادمة عبر روسيا.

كما تدرس أنقرة، منع رجال الأعمال الروس من دخول تركيا، ما لم يمتلكوا تذكرة طيران للعودة، وحجزا فندقيا يتناسب مع موعد العودة، إضافة إلى اتخاذ تدابير فيما يخص الطائرات المدنية، حيث سيتم التضييق على الطائرات الروسية خلال عبورها المطارات التركية، بما يعد ضربة إضافية لهذا القطاع، بعد أن قامت السلطات الأوكرانية بمنع الطيران الروسي من عبور أجوائها. إضافة إلى ذلك، سيتم وضع خطط لمواجهة أي تصعيد أكبر من الجانب الروسي.

وعلمت "العربي الجديد"، من مصادر مطلعة، أن جميع الخيارات مطروحة للرد على الطاولة، بما في ذلك تخفيض حصة تركيا من واردات الطاقة من روسيا، بالبحث عن بدائل أخرى، تبدو قطر وشمال العراق وأذربيجان أهمها. وأيضا إيقاف مشروع مفاعل أك كويو النووي الذي تبلغ حصة الشركات الروسية فيه 14 مليار دولار، من أصل قيمته الكلية التي تبلغ 22 مليار دولار، وينص الاتفاق المتعلق بهذا المشروع على أن تقوم شركات روسية بإدارته وبيع الطاقة الكهربائية التي سينتجها المفاعل بعد الانتهاء منه لشركات توزيع الطاقة الكهربائية في تركيا، ما يعني خسائر ضخمة للمستثمرين، خاصة أن الشركات الروسية قامت باستثمار ما يقارب ملياري دولار في المشروع حتى الآن.

وحسب مصادر اقتصادية تركية، فإن قطاع السياحة التركية هو الأكثر تأثرا نتيجة الإجراءات الروسية الأخيرة، بسبب خسارة القطاع ما يقارب أربعة ملايين سائح روسي كان من المتوقع قدومهم إلى السواحل التركية خلال العام المقبل، الأمر الذي أكده باشاران أولوسوي، رئيس اتحاد وكالات السياحة التركية.

وقال أولوسوي إن "التدابير التي تم اتخاذها من قبل روسيا كانت شديدة جدا، وستؤثر بشكل كبير على قطاع السياحة في مدينة أنطاليا التركية، لذلك نحن بحاجة إلى مساندة من الدولة التركية، حيث إن خسائرنا المتوقعة ستكون حوالي 3.5 مليارات دولار على أقل تقدير".

غير أن فكري أوزتورك، رئيس شركات أوزتورك، التي تعتبر من أكبر الشركات العاملة في القطاع السياحي في مدينة أنطاليا، قلل من أهمية هذه العقوبات.

وأكد أن "قطاع السياحة في المدينة في فصل الشتاء يعتمد بشكل أساسي على السائحين الألمان، أما السائحون الروس فيأتون في فصل الصيف، ما يمنحنا المزيد من الوقت لتجنب الخسائر، فإن لم يأت الروس سيأتي غيرهم".

وأضاف: "قبل كل التوتر الأخير، كان علينا أن نبحث عن أسواق جديدة، لأن الخسائر كانت متوقعة في حال استمر الاقتصاد الروسي في التدهور وارتفاع مستوى التضخم، بسبب العقوبات الغربية".

 وتابع أوزتورك: "إن قطاع السياحة في المدينة جاذب بشكل كبير، وهناك الكثير من الدول الأخرى التي نستطيع العمل على جذبها، ومنها الدول العربية، وبالذات دول الخليج، وأيضا بعض الدول الأوربية".

اقرأ أيضا: تركيا: اتخاذ روسيا إجراءات تجارية انتقامية سيضر بمزارعيها

وتعتبر الزراعة أيضا من أكثر القطاعات المهددة بالخسائر جراء العقوبات الروسية.

وتبلغ قيمة الصادرات الزراعية التركية إلى روسيا مليار دولار سنويا.

وشدد مصطفى توركمان أوغلو، رئيس اتحاد مصدري الفواكه والخضروات في منطقة بحر إيجة التركية، على أن تلافي الخسائر التي سيتكبدها القطاع جراء توقف صادراته إلى روسيا، يفرض على المصدرين أن يخفضوا أسعار منتجاتهم، وذلك لفتح أسواق جديدة.

وقال إن تلقى القطاع دعما بحوالي 100 مليون دولار، فإنه يستطيع تجاوز هذه الأزمة بكل سهولة"، وأضاف: "نحن نعمل الآن على فتح أسواق جديدة في البلقان ولتوانيا وأوكرانيا والعراق، حيث إن العديد من صداراتنا بدأت بالفعل بالتوجه نحو أسواق شمال العراق".

في المقابل، تستورد تركيا من روسيا حوالي مليون طن من القمح سنويا، ما يعني أن إيقاف هذه الواردات في إطار إجراءات عقابية مماثلة سيكلف الاقتصاد الروسي خسائر مهمة أيضا، الأمر الذي أكده مصطفى يلماز كارت، رئيس مجلس الحبوب الوطني، حيث قال: "إذا لم نستورد الحبوب من روسيا، فإنها ستخسر كثيرا بدورها، وليس علينا أن نعمل على أي خطة أخرى، فإن اضطررنا إلى استيراد القمح، فإن أسواق الحبوب مليئة بالحبوب الكندية والأميركية والأسترالية".

 ويضاف النقل إلى قائمة القطاعات التركية الأكثر تأثرا بالتوتر الحالي بين روسيا وتركيا.

 فقد أكد جتين نوح أوغلو، رئيس جمعية الناقلين الدوليين في تركيا، أن القطاع يعاني بشدة  على المنافذ الحدودية الروسية، حيث تنتظر حتى الآن حوالي ألف شاحنة تركية على الحدود الروسية.

وأضاف: "شهريا كان يدخل إلى روسيا حوالي 3 آلاف شاحنة، ولكن بعد التوتر الذي أعقب إسقاط الطائرة الروسية، فإن ما يقارب ألف شاحنة تركية تنتظر الآن، سواء في المنطقة الحرة أو على المنافذ الحدودية، وهي تتعرض لإجراءات وتفتيش دقيق".

وتابع: "لكن لا أعتقد أننا سنتعرض لخسائر كبيرة، إن استطاع المصدرون فتح أسواق جديدة، ولكن على الحكومة التسريع في البحث عن بدائل".

ومن القطاعات التي من المتوقع أن تتعرض كذلك لخسائر في حال استمرار الأزمة بين الجانبين، قطاع الإنشاءات التركي، إذ يحذر إمرة أيكار، وكيل اتحاد المقاولين الأتراك، من أن القطاع قد يعاني من موجة أضرار، إذ قال: "إذا نفذت روسيا قراراتها بعدم منح إذون عمل للأتراك، فإننا سنضطر بعد وقت وجيز إلى الخروج من الأسواق الروسية، والآن يأتي المفتشون الروس ويعملون على ترحيل الكثير من العمال، وإذا تم العمل على إثارة خلافات حول العقود، فإن المحاكم لن تستطيع حل هذه الأمور خلال 3 إلى 5 أشهر، مما سيكلفنا خسائر"، مضيفا: "نحن نعمل على خطط أخرى، ولكن على الحكومة أن تجد طريقة لحل المشاكل مع روسيا".

اقرأ أيضا: التوتر يهدد شراكة تركيا وروسيا الاقتصادية

المساهمون