بيوت الولجة الفلسطينية القديمة.. تحتفظ برائحة الأجداد

بيت لحم

محمد عبيدات

avata
محمد عبيدات
14 مايو 2016
+ الخط -
"كل عرقنا جبل فيها، أبي وأمي عاشا وماتا فيها، تحمل كل ذكريات طفولتنا وفيها قصص حزننا وفرحنا في آن"، لهذا السبب يحتفظ الحاج داوود أبو علي (58 عاماً) وعائلته بالبيوت القديمة في قرية الولجة جنوب غربي مدينة القدس، كونها إرث العائلة منذ أحداث النكبة وحتى اليوم.

عاش أبو علي أكثر من 15 عاماً في تلك البيوت القديمة "السقايف" كما يسميها الفلسطينيون، ويقول لـ"العربي الجديد" إنها بنيت فور عودة أهالي القرية إلى مشارفها بعد تثبيت خط الهدنة عام 1951، ليعيشوا فيها على أمل أن يتحقق حلم العودة القريب.

"والسقايف" بيوت قديمة مبنية من الطين، مسقوفة بالأخشاب، جدرانها عريضة وعادة ما تكون غرفها صغيرة، عرف عنها أنها كانت تضم عدداً من العائلات معاً، ولا تزال حتى اليوم تحتفظ بذكريات الأحياء ممن عاشوا فيها.

في قرية الولجة التي تضم نحو 30 "سقيفة" يحتفظ بها أصحابها حتى اليوم رغم أنها تتوسط أراضي زراعية يمكن الاستفادة منها، لكن حسب الحاج أبو علي فإن وجودها مهم لتثبيت هوية وجذور الفلسطينيين في أرضهم، مشيراً إلى تعرض الولجة لهجمة شرسة من قبل سلطات الاحتلال حتى اليوم، لتهجير من تبقى من السكان حتى في القرية الجديدة.

ويعتبر أبو علي وجود هذه البيوت القديمة أهم بكثير من البيوت الجديدة المبينة على الطراز الحديث، لأنها دلالة تاريخية على وجود الفلسطينيين في المكان منذ النكبة وقبلها، وفيها رائحة الأجداد الذين جبلوها بعرق جبينهم.

البيوت لأبناء الولجة منذ ما قبل النكبة (العربي الجديد)



على جدرانها يرى أبو علي وأقرباؤه ذكريات الطفولة، يشمون رائحة من رحلوا عن الدنيا وما زالوا فيها، تحوي قصصاً حزينة وسعيدة ومؤلمة وذكريات الطفولة والمدرسة ورعي الأغنام، والزراعة والفلاحة، والتعب والشقاء وغيرها من الذكريات.

تحتفظ السقيفة التي عاش فيها أبو علي بحادثة لا يمكنه نسيانها حين اندلعت حرب يونيو/حزيران عام 1967. ويقول لـ"العربي الجديد": "أذكر جيداً عندما اندلعت الحرب، أصوات الطائرات والقصف كان قريباً جداً، كنا حينها نحصد محصول الشعير الذي زرعناه بالقرب من الحدود، والنساء بدأن يطلقن العنان لزغاريدهن، جميعنا توقعنا أننا سنعود إلى قريتنا القديمة في اليوم التالي".

وتابع: "ما أعطانا الأمل الكبير في العودة هو المذيع أحمد سعيد عبر إذاعة صوت العرب آنذاك، صدقناه حين قال (جوعي يا أسماك البحر) كان يقول إن العرب سيرمون اليهود في البحر، كنا فرحين بانتظار العودة".

هزم العرب في حربهم تلك، وخسر الفلسطينيون المزيد من القرى والبلدات، وفقد أهالي الولجة الأمل في العودة، حتى إنهم بدأوا بالتوسع في الستة آلاف دونم التي أبقاها الاحتلال لهم من أصل 82 ألف دونم من أراضيهم.

وبقيت تلك "السقايف" هناك بالقرب من الحدود ليقص الأبناء حكايات الأجداد التي نسجت هناك.
المساهمون